ثغرات في النظام الانتخابي الأمريكي
- 17-11-2020, 16:19
- 1156
ثغرات في النظام الانتخابي الأمريكي
يتمترس الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، حول مقولته الشهيرة التي أطلقها إن الانتخابات ستشهد تزويراً كبيراً بسبب الاقتراع البريدي. وما زال يمتنع عن نقل السلطة إلى خلفه الرئيس بايدن، ويلاحق صناديق الاقتراع بدعاوى قضائية لم تؤكد ما ذهب إليه، ولعل قانون الانتخابات الأمريكي يتيح مثل هذا التشكيك لوجود ثغرات، وقد شهدنا في انتخابات عام 2000 أن الخلاف تركز على نتائج ولاية واحدة، فلوريدا، عندما كان الفارق بين المرشحين بضع مئات من الأصوات فقط. وعلى النقيض من ذلك، وفي انتخابات 2020، رفع ترامب دعاوى قضائية في ولايات عدة، مع أن فارق الأصوات بين بايدن، وترامب، أكبر بكثير مما كان في عام 2000.
وبعد ساعات من إغلاق صناديق الاقتراع، وأثناء فرز الأصوات، أشار ترامب إلى حدوث تزوير - من دون تقديم أدلة - وقال «سنذهب إلى المحكمة العليا الأمريكية». لكن الأمر ليس بهذه البساطة.
فعادة، يتعين على الفرق القانونية أولاً الطعن في النتائج في المحاكم على مستوى الولايات، على الرغم من أن وزير العدل الأمريكي قد وافق أيضاً على «التحقيقات الأولية» من قبل المدعين الفيدراليين.
وسيتعين على قضاة الولايات بعد ذلك تأييد الطعن، والأمر بإعادة فرز الأصوات. ويمكن بعد ذلك أن يُطلب من المحكمة العليا أن تدلي بدلوها. ومع ذلك، يجب أن تكون هناك حجج فيدرالية، أو دستورية مشروعة في قلب الشكوى.
لكن لا يوجد، حتى الآن، وضوح بشأن الادعاءات المقدمة. وحتى الآن، تعد الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2000 بمثابة الانتخابات الوحيدة التي حسم قرار المحكمة العليا نتيجتها، بقرار إعلان خسارة آل جور، أمام جورج دبليو بوش. وبسبب هذا الهامش القريب، حيث تقدم بوش بفارق 1784 صوتاً، أعلنت السلطات في فلوريدا إعادة فرز تلقائية بموجب قوانين الولاية، لتبدأ عملية إعادة الفرز في اليوم التالي. وانخفض الهامش إلى 327 صوتاً.
وانتهى الاضطراب عندما حكمت المحكمة العليا الأمريكية لمصلحة بوش، قائلة إن إعادة الفرز ستلقي «بسحابة لا داعي لها وغير مبررة». وفي إعادة فرز الأصوات عام 2000، كان هناك جدل حول ثقوب بطاقات الاقتراع. أما اليوم فلا يوجد سوى الاتهام بالتزوير، الذي لا دليل عليه.
ويتميز النظام الأمريكي بثغرة أخرى، وهي الثبات، والاستقرار، فبمجرد انتخاب المسؤول أياً كان تنفيذياً، أو تشريعياً، يجب أن يشغل مدته كاملة، ولا يملك جمهور الناخبين الفرصة للتعبير عن آرائهم ريثما تنتهي المدة المحددة، الأمر الذي يعني عدم إمكانية إسقاط حكومة نتيجة فشلها في إدارة البلاد. ورغم أن الانتخابات الرئاسية تُجرى بنظام الاقتراع المباشر عبر إدلاء الناخبين بأصواتهم في مراكز الاقتراع، لكن هذا لا يعني انتخابهم الرئيس مباشرة، فالمرشح الذي يحصل على أكبر عدد من أصوات الناخبين لن يكون بالضرورة الرئيس القادم، وسيظل مصيره رهناً بيد مجموعة تسمى المجمع الانتخابي.
وقد أمر الوكالات الفيدرالية بتجنب التعاون مع الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب بايدن، بعد أن كان مسؤولو الوكالات في الحكومة الفيدرالية شرعوا في تجهيز المكاتب والنشرات الخاصة بالعملية الانتقالية استعداداً لاستقبال فريق بايدن، ورفضت إدارة ترامب منح مبالغ مالية ينص عليها القانون لفريق بايدن، ومنعت الوكالات الحكومية من اطلاعها على البيانات المالية والاقتصادية، والمعلومات الاستخبارية التي ينص القانون على تقديمها للمرشح الفائز، وهذا الأمر يعقد المشهد، ويعمق الصراع، وهو أمر غير معهود في تاريخ أمريكا، ومؤشر على إمكانية اضطراب المشهد السياسي. ولعل قصر مدة الرئاسة، وطول الفترة الانتقالية في النظام الأمريكي أتاحت للرئيس ترامب أن يقوم بما قام به، وربما أكثر، فلننتظر ونرَ.