سلط تقرير صحفي، السبت (31 تشرين الأول 2020)، الضوء على العراقيل التي تواجه فكرة إنشاء شركة "النفط الوطنية العراقية"، وضمنها الخلافات بين القوى السياسية حول هيكلها الوظيفي وصلاحياتها، ما يحول دون إمتلاك العراق شركة تنافس الشركات العالمية بما يملكه العراق من ثروة نفطية.
ويقول التقرير الذي نشره موقع "إندبندنت عربية"، وتابعه IQ NEWS إن "الحكومات العراقية المتعاقبة بعد 2003 حاولت إعادة الحياة شركة النفط الوطنية الملغاة في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، لكنها اصطدمت بالخلافات بين الأحزاب الشيعية والكردية حول صلاحيات عمل الشركة وتعيين أعضاء مجلس إدارتها وعدم الاتفاق على قانون النفط والغاز، فظل الحديث عنها مجرد تصريحات عابرة لأكثر من 14 عاماً".
وأضاف "في مارس (آذار) 2018، صوت مجلس النواب في دورته السابقة على قانون شركة النفط الوطنية وبغالبية كبيرة، لكن يبدو أن التصويت لم يصمد كثيراً أمام الاعتراضات والانتقادات حول فقرات القانون وخطورتها على مستقبل العراق حتى نقض بعض مواده من قبل المحكمة الاتحادية في يناير (كانون الثاني) 2019، تتعلق بطريقة اختيار إدارتها وإلحاق شركة تسويق النفط الوطنية بها والتصرف بإيراداتها المالية ومساهمتها في دعم القطاعين الزراعي والصناعي".
وتابع أن "تعديل القانون أهمل من قبل الحكومة العراقية السابقة برئاسة عادل عبد المهدي التي كان لها اعتراضات كبيرة على القانون ورفض فك ارتباط الشركات النفطية العراقية من وزارة النفط وجعل الأخيرة مجرد جهة استشارية ليس لها دور فعال في صناعة النفط، لكن هذا الإهمال لم يستمر فترة طويلة؛ إذ وافق مجلس الوزراء العراقي في سبتمبر (أيلول) الماضي على تعديلات المواد التي نقضتها المحكمة الاتحادية وإحالتها إلى مجلس النواب للمصادقة عليها، حيث قُرئت التعديلات بشكل أولي من قبل المجلس في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي".
"وعلى الرغم من القراءة الأولى لمجلس النواب للتعديلات"، يوضح التقرير "فإن لجنة الطاقة البرلمانية ترى أنها بحاجة إلى دراسة تستلزم بعض الوقت ليتم إنجاز جوهر القانون والتصويت عليه بشكل يضمن تمريره ويحقق الهدف المرجو من الشركة المراد لها أن تكون شركة كبرى تستطيع المنافسة للحصول على بعض الاستثمارات، سواء داخل العراق، أو خارجه".
وينقل موقع "إندبندنت عربية" عن عضو لجنة الطاقة في مجلس النواب العراقي بهاء نوري، قوله إن "تعديلات القانون بحاجة إلى كثير من الدراسة، سواء داخل اللجنة، أو مع المختصين؛ للخروج بنتائج نهائية بشأنها".
ويضيف نوري، أن "هناك عدداً من الطعون على القانون من وزارة المالية والبنك المركزي حول آلية صرف الأموال وإدارتها، فضلاً عن تقديم طعون من بعض المحافظات التي تتخوف من ضياع حقوقها إذا ما شرع القانون".
وعُدّلت بعض مواد القانون لتكون خدمة مدير الشركة 25 عاماً في الدولة العراقية بدلاً من 20 عاماً كما هو موجود في القانون المنقوض، بحسب نوري، الذي أكد أن التعديل تضمن أن يكون منصب المدير من الدرجات الخاصة، وأن يكون معاونه بدرجة وكيل وزارة، كما نصت التعديلات على استحداث ملحق بشركة النفط الوطنية كشركة نفط الإقليم.
ويعتقد نوري، كما يورد التقرير، أن "تحول الصناعة النفطية في العراق من وزارة النفط إلى الشركة الجديدة تتحكم بعصب الصناعة، يستلزم أن تكون هناك دراسة موسعة من قبل لجنة الطاقة البرلمانية والمختصين"، مشيراً إلى "أهم الفقرات التي عليها اعتراض ولم تُحسم بعد مثل الإدارة المالية وإيجاد خصوصية للمحافظات المنتجة، إضافة إلى معرفة رأس مال الشركة والتخصيصات لها".
"المعرقلات قانونية ومالية"
"وبحسب متخصصين في مجال النفط"، يستطرد موقع "إندبندنت عربية" قائلاً إن "تأسيس شركة عراقية يحتاج إلى أموال طائلة لتكون منافسة لشركات عالمية تعمل حالياً في دول مجاورة، وبعكسه، فلا مبرر من تأسيس الشركة التي تفقد جميع المقومات".
وينقل عن المتخصص في مجال النفط، كوفند شيراوني قوله، إن "إعادة تشكيل شركة النفط الوطنية ستصطدم بعدد من المعرقلات منها مالية وأخرى قانونية تتعلق بشركات النفط الأجنبية التي استثمرت الحقول النفطية العراقية".
ويضيف أن "إعادة تشكيل شركة النفط الوطنية كانت فكرة مقترحة منذ عام 2018، إلا أن إعادة التشكيل ليست بالأمر السهل لارتباط العراق بعقود نفطية مع شركات أجنبية بموجب جولة التراخيص النفطية، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية التي يعانيها البلد وعدم قدرته على الإيفاء بمتطلبات رواتب الموظفين".
ويرى شيرواني، أن "إعادة إحياء الشركة تتطلب وجود كوادر مدربة جيداً ومعدات متطورة، ما يتطلب توفير مبالغ كبيرة للشركة"، موضحاً "إذا ما تم تشكيل الشركة نحتاج إلى إعطائها حقولاً نفطية لم تستثمرها الشركات الأجنبية حتى الآن، أو تتولى الشركة تطوير الحقول النفطية بعد انتهاء عقد الشركات النفطية الأجنبية".
"التأسيس بحاجة إلى مليارات الدولارات"
من جانبه، يرى المتخصص في مجال النفط عبد الهادي الحساني، كما يورد التقرير، أن "إنشاء الشركة يحتاج إلى مبالغ كبيرة جداً تصل إلى عشرات مليارات الدولارات لتستطيع منافسة شركات نفطية عالمية رأس مال بعضها يصل إلى 500 مليار دولار".
ويضيف الحساني الذي كان يشغل منصب نائب رئيس لجنة النفط والغاز في مجلس النواب العراقي بين 2006 و2010، أنه "من الضروري وجود استقلالية للشركة في رأس المال لتكون شركة حقيقية وعدم الاستعانة بموجودات شركات حكومية"، مقترحاً "تمويل الشركة من خلال طرح الأسهم بالسوق وشرائها من قبل المواطنين العراقيين للحصول على رأس مال للشركة ولتحقيق مبدأ إحياء الاقتصاد العراقي".
وينقل موقع "إندبندنت عربية" عن مسؤول في وزارة النفط قوله إن "الشركة ستستثمر الحقول النفطية، التي تعمل عليها الشركات النفطية العراقية، وستسند لها الحقول جديدة"، مضيفاً ""ستتولى الشركة إدارة الاستثمارات النفطية، سواء داخل العراق أو خارجه، ما سينعكس إيجاباً لصالح البلد، ونظامها سيكون شبيهاً بنظام الشركات العالمية من حيث الإدارة والتمويل، ودور الوزارة سيكون إشرافياً".
ويلفت المسؤول، كما ينقل التقرير، إلى أن "رأس مال الشركة سيزيد تلقائياً من خلال نشاطها المتنامي والاستثمارات التي ستُوكل لها".
وبموجب القانون المقترح، يختم التقرير "فإن شركات الاستكشافات النفطية، وتسويق النفط (سومو)، والحفر العراقية، ونفط البصرة، ونفط الشمال، ونفط ميسان، ونفط الوسط، ونفط ذي قار، وشركة ناقلات النفط العراقية، سيتم فك ارتباطها من وزارة النفط العراقية وإلحاقها بالشركة المزمع تشكيلها لتكون الجهة الحصرية في إدارة ملف النفط العراقي".