متابعة - IQ
ربط موقع "اقتصاد الشرق"، الأربعاء، بين الإجراءات الأميركية المشددة على الدولار في العراق، وبين هبوط العملتين الإيرانية والسورية إلى حد كبير في الأيام الماضية.
وسلط الموقع الضوء في تقرير تابعه موقع IQ NEWS، على إجراءات العراق بعدما قلّص البنك الفيدرالي الأميركي وصوله إلى الدولار وتدقيقه تعاملات التجار العراقيين بهذه العملة.
وفيما يلي نص التقرير:
بصوتٍ واحد، هتف أكثر من 60 ألف عراقي، كانوا حاضرين المباراة النهائية لكأس الخليج في استاد البصرة، مطالبين رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بخفض سعر صرف الدولار الذي أدّى لارتفاع أسعار المواد الغذائية في البلاد بأكثر من 50% منذ بداية العام.
عقب هذه الهتافات بخمسة أيام، أعفى السوداني محافظ البنك المركزي مصطفى مخيف، وأعاد تكليف علي العلاق الذي شغل المنصب خلال الفترة من 2014-2020.
وفقاً لعدّة مواقع إنترنت عراقية تتابع السوق السوداء، بلغ سعر الصرف المتداول، مطلع الأسبوع، 1600 دينار للدولار، مقابل 1460 ديناراً للسعر الرسمي، لتنخفض بذلك قيمة الدينار العراقي خلال الشهر الحالي بأكثر من 12%.
كانت "وول ستريت جورنال"، في 19 كانون الثاني الجاري، نقلت عن مسؤولين أميركيين وعراقيين قولهم إنَّ "بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك بدأ في تشرين الثاني بفرض ضوابط أكثر صرامة على المعاملات الدولية للدولار من قِبل البنوك التجارية العراقية، في خطوةٍ للحد من غسل الأموال والاستيلاء غير القانوني على الدولارات التي توجّه إلى إيران ودول أخرى في الشرق الأوسط تخضع لعقوبات".
رئيس الحكومة العراقية عزا بمؤتمر صحفي، في 19 يناير إجراءات البنك المركزي الأميركي إلى أنَّ عدداً من عمليات التحويل لاستيراد السلع رُفضت من قِبل البنوك الوسيطة، نظراً لتضخيم الأسعار بهدف إخراج الدولار من العراق، مشيراً إلى أنَّ بعض الحوالات التي رُفضت تضمّنت، على سبيل المثال، مستندَ شراء لثلاجات كهربائية بسعر 4800 دولار للواحدة، وثمن لتر زيت الطعام بنحو 25 دولاراً. وهي أسعار تفوق بأضعاف المتعارف عليه في السوق المحلّية.
واستبعد الباحث الاقتصادي نبيل التميمي، أنَّ يكون قرار عزل مصطفى مخيف عن منصبه كمحافظ للبنك المركزي مرتبطاً بأهداف سياسية؛ "بل يرتبط بمقياس قدرة المحافظ وإجراءاته بمواجهة الأزمة". مُضيفاً أنَّ "حزب الدعوة الإسلامي الذي ينتمي اليه المحافظ الجديد علي العلاق، يضع نصب عينه رفع قيمة الدينار العراقي مجدداً".
تدقيق ثلاثي
البنك المركزي العراقي لم يعد يلبّي، كما في السابق، طلب التجار والمستوردين من الدولار. ويعود ذلك، جزئياً، إلى تشدّده لناحية الأدلة والبايانات التي يجب على المصارف تقديمها لغرض التحويل، حيث يقوم البنك المركزي بتدقيقها أولاً، ثم البنك الوسيط، وبعدها الفيدرالي الأميركي.
خلال مقابلةٍ تلفزيونية، البارحة الثلاثاء، صرّحت سفيرة واشنطن في بغداد آلينا رومانوسكي أنَّ وزارة الخزانة والمركزي الأميركي يطالبان على مدى العامين الأخيرين بضرورة امتثال المصارف العراقية لمكافحة غسل الأموال وعدم تهريب "الدولار" العراقي إلى بلدان أُخرى، منوّهةً بالمنصة التي أُنشئت بين البنك المركزي العراقي و"الفيدرالي" لتحقيق هذا الهدف.
في ندوة صحفية يوم الأحد الماضي، على هامش معرض بغداد الدولي للسيارات؛ أوضح عضو مجلس إدارة "المركزي" إحسان الياسري أنَّ المنصة الجديدة ستجبر المصارف على التقدُّم بطلبات شراء الدولار قبل أسبوع، ومن ثم يجري تدقيقها، بدءاً بهويتي البائع والمشتري، من خلال مكتب مراقبة الأصول الأجنبية المعروف باسم (OFAC)، كاشفاً أنَّه في أحد الأيام رفض "الفيدرالي" الأميركي 40% من طلبات العراق لتحويل أموال يبلغ إجماليها 170 مليون دولار.
خطوة متأخرة
بعد التشديد الأميركي على الدولار الخارج من العراق؛ بدأت عملتا إيران وسوريا بفقدان قيمتهما بشكلٍ أكبر، وذلك لاعتمادهما على الدولار الصادر من العراق. فبحسب المواقع التي ترصد سعر الصرف في كل من البلدين، هبط الريال الإيراني منذ السبت إلى أدنى مستوى على الإطلاق مسجلاً 447 ألف ريال مقابل الدولار في السوق السوداء.
بينما عاودت الليرة السورية وتيرة الهبوط الحاد ليبلغ سعر الصرف، اليوم الأربعاء، أكثر من 6700 ليرة مقابل الدولار، مقترباً بذلك من المستوى القياسي عند 7000 ليرة لكل دولار.
اتخذ البنك المركزي العراقي سلسلة من الإجراءات لزيادة المعروض من الدولار، كفتح منافذ جديدة لبيع الدولار للمواطنين الراغبين بالسفر لغرض السياحة والعلاج من خلال المصارف الحكومية، بعد أن كان يقتصر ذلك على المصارف الخاصة.
لكن هذه الإجراءات لم تكن ذات تأثير على سعر صرف الدولار، إذ ما زال مرتفعاً بالسوق الموازية بأكثر من 12% عن السعر الرسمي. كما لوحظ أنَّ محلات الصرافة تبيع الدولار بسعر أعلى حتى من السوق الموازية، لاسيما لكبار المستوردين الذين ينقلون الدولار إلى تركيا، ومن ثم إجراء تحويلات مالية عبر المصارف التركية لشراء البضائع.
يرى الباحث الاقتصادي صالح لفتة أنَّ خطوة إقالة مصطفى مخيف "تأخرت كثيراً". وقال "كان يجب أن يُقال منذ إخفاق البنك المركزي العراقي في الحفاظ على سعر الدولار مقابل الدينار العراقي".
ويَعتبر أنَّ عودة الاستقرار لسعر الصرف للدولار تستدعي "الالتزام بالضوابط الدولية لمنع غسل الأموال وتهريب العملة عبر الفواتير الوهمية، وتطوير النظام المصرفي، وزيادة التعامل الإلكتروني، وسحب الكتلة النقدية الهائلة من السوق لمنع المضاربات من قبل التجار".. هذه الملفات أصبحت في عهدة المحافظ الجديد علي العلاق، فهل يتمكّن من حلّها؟.