تعرض كادر صحي لمطاردة بالأقواس والسهام بعد ذهابه إلى قرى نائية في البرازيل لتلقيح السكان ضد فيروس كورونا، وفق ما أفادت صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وقالت الصحيفة، إن "عمال الصحة في البرازيل المعنيين بتحصين قرى السكان الأصليين النائية في البرازيل ضد فيروس كورونا ما انفكت تواجه مقاومة شرسة في بعض تلك المجتمعات، حيث أثار مبشّرون إنجيليون مخاوف جمة من اللقاح، بحسب ما يقوله زعماء قبليون ومؤيدون لحملات التطعيم".
وأشارت إلى "واقعة صادمة حدثت هذا الشهر في محمية ساو فرانسيسكو في ولاية أمازوناس، حيث طارد سكان قرية جامامادي عاملين صحيين بالأقواس والسهام عندما وصلوا إليهم بطائرة هليكوبتر لتوفير اللقاح"، وذلك
وفقاً لما قاله كلوديمير دا سيلفا، أحد زعماء قبائل "أبورينا" التي تنتمي إليها مجتمعات السكان الأصليين المستقرة على نهر بوروس، أحد روافد نهر شينغو.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن دا سيلفا قوله عبر الهاتف، "لا يحدث ذلك في جميع القرى، فقط تلك التي بها مبشّرون أو كنائس إنجيلية حيث يُقنع القساوسة الناس بعدم تلقي اللقاح، بدعوى أنهم سيتحولون إلى تماسيح أو غيرها من الأفكار المجنونة الأخرى".
من جانبهم، يلقي زعماء القبائل باللوم على رئيس البرازيل اليميني المتطرف، جايير بولسونارو، وبعض مؤيديه المتعصبين في المجتمع الإنجيلي لإثارتهم الشكوك حول لقاح كورونا، وذلك على الرغم من أن البرازيل لا تسبقها سوى الولايات المتحدة فحسب في قائمة أعلى الدول وفيات من جراء الإصابة بفيروس كورونا.
وعلى النحو نفسه، قال دينامام توكسا، زعيم منظمة APIB، التي تعد إحدى أكبر المنظمات المعبرة عن السكان الأصليين في البرازيل، إن "المتشددين الدينيين والمبشرين الإنجيليين أخذوا يعظون الناس ضد اللقاح وتلقيه".
في المقابل، شجب اتحاد علماء الأنثروبولوجيا البرازيليين جماعات دينية لم يُسمّها في بيان أصدره يوم الثلاثاء 9 فبراير/شباط، وذلك لنشرهم نظريات مؤامرة كاذبة، في نوعٍ من "العمل التخريبي" المتعمد ضد حملات التطعيم للسكان الأصليين، على حد تعبير البيان.
ومع ذلك، فإن عديداً من قساوسة الكنائس الإنجيلية الحضرية الكبرى في البرازيل يحثّون أتباعهم على تلقي التطعيم، غير أنهم يقولون إن كثيراً من المبشرين في المناطق النائية لم يتلقوا بعد رسالتهم، بحسب الصحيفة.
بيد أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت أيضاً في إثارة شائعات كاذبة حول لقاحات فيروس كورونا، حتى في المناطق النائية من البرازيل.
فعلى سبيل المثال، تُوفي زعيم إحدى القبائل، يدعى فرناندو كاتوكينا، وكان يبلغ من العمر 56 عاماً، وينتمي إلى مجتمعات "نوك كوي" المستقرة بالقرب من حدود بيرو، في 1 فبراير/شباط بسكتةٍ قلبية مرتبطة بإصابته السابقة بمرض السكري وفشل القلب الاحتقاني، غير أن ما انتشر بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي والإذاعة المحلية كان أن لقاح فيروس كورونا الذي تلقاه في يناير/كانون الثاني هو السبب في وفاته.
ورداً على ذلك، سارع مركز "بوتانتان" الطبي، المسؤول عن إنتاج وتوزيع لقاح سينوفاك، إلى الدفاع محاولاً إقناع السكان الأصليين بأن الأمر لم يكن كذلك.
وكان رئيس البرازيل بولسونارو قد سخر أثناء إحدى الفعاليات التي عقدت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، من شركة "فايزر" العالمية، بدعوى أن الشركة رفضت تحمل المسؤولية عن الآثار الجانبية للقاح خلال المحادثات مع حكومته. وقال بولسونارو ساخراً: "إذا أخذت اللقاح وتحولت إلى تمساح، فهذه مشكلتك. إذا تحولت إلى سوبر مان أو نبتت للنساء لحى إثر تلقيه، فلا علاقة لي بذلك".
مع ذلك، قالت شركة "فايزر" إنها اقترحت ضمانات تعاقدية قياسية على الحكومة البرازيلية، وهي المعايير ذاتها التي قبلتها الدول الأخرى قبل استخدام لقاحها.
يذكر أن أن فيروس كورونا قتل بالفعل ما لا يقل عن 957 من السكان الأصليين، وفقاً لبيانات منظمة APIB، من بين نحو 48,071 إصابة مؤكدة بالفيروس بين نصف المجموعات العرقية الأصلية البالغ عددها 300 مجموعة في البرازيل.
وقد تكون الأرقام أعلى من ذلك بكثير، لأن وكالة الصحة المحلية الحكومية ترصد فقط الحالات بين السكان الأصليين الذين يعيشون في المحميات.