قال مسؤول سعودي إن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "باتت معزولة"، خلال السنوات الأخيرة، بينما تشهد المملكة انفتاحا غير مسبوق يتزامن مع حملة إصلاحات دينية واجتماعية.
وقال المسؤول السعودي الذي طلب عدم ذكر اسمه لوكالة "فرانس برس": "الهيئة باتت معزولة، وجرى تقليص كبير لعدد عناصرها خصوصا من غير المؤهلين للدعوة".
وبعد سنوات من الهيبة والنفوذ في الشارع السعودي، تراجع دور الهيئة التي كانت بمثابة شرطة دينية، مع انطلاق الحملة الإصلاحية التي ينفذها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وصارت تطلق حملات للتوعية بالأخلاق ومواجهة الوباء والتحذير من مثيري الفتن، من على الشاشات الرقمية واللوحات الإعلانية في الشوارع ومنصات التواصل الاجتماعي.
ويقضي عدد كبير من عناصر الهيئة حاليا غالبية وقتهم في مكاتبهم دون الاحتكاك بالناس في الشوارع، ما يثير إحباط وحنق الأكثر تشددا منهم، على ما أفاد مصدران مطلعان على أنشطة الهيئة لوكالة "فرانس برس".
وكان عناصر الهيئة في الشارع يراقبون عن كثب تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية في المملكة المحافظة، وكان لهم صلاحيات كبيرة، من بينها التأكد من تطبيق الناس لقواعد الآداب العامة ومنع الاختلاط، الأمر الذي كان يشمل الحقّ بطلب وثائقهم الشخصية ومطاردتهم وتوقيفهم.
وكانت سيارات الهيئة تطوف في الشوارع، ويتأكد أفرادها من التزام النساء بارتداء العباءة السوداء حصرا ويلاحقون روّاد المقاهي والمراكز التجارية ويجبرون المحلات على الإغلاق وقت الصلاة.
وقال أحمد بن قاسم الغامدي، وهو مسؤول كبير سابق في الهيئة، إن "أعظم أخطاء الهيئة أنها كانت تتّبع الأخطاء الفردية للناس"، وهو ما قال إنه "تسبّب بأثر عكسي وسلبي" على صورتها.
وأقر رئيس هيئة الأمر بالمعروف، عبد الرحمن السند، في مقابلة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي مع محطة "الإخبارية" التلفزيونية الحكومية، بارتكاب الهيئة سابقا "مخالفات".
وأرجع السند، وهو أستاذ جامعي، ذلك إلى أنّ أعضاء الهيئة كانوا يمارسون "مسائل أمنية من دون أي مرجعية أو خلفية أو تأهيل مسبّق".
وأكد أن شريعة المسلمين لا تنص على أن "النهي عن المنكر يعني بالضرورة إزالة المنكر"، وهو ما يعد تغييرا كبيرا في فكر الهيئة في الماضي.
وتعتزم الهيئة التي طالما تعرضت لانتقادات بخصوص قمعها للنساء، "توظيف نساء" في صفوفها في القريب العاجل، بحسب السند.
واستبعد الأستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس ستيفان لاكروا أن تتجه السعودية لحلّ الهيئة، قائلا: "تظل الهيئة علامة على هوية سعودية مميزة يرتبط بها العديد من السعوديين المحافظين. الأمر الأكثر ترجيحًا هو استمرار إعادة توظيف دورها".
وقال تركي، وهو اسم مستعار لعضو سابق في الهيئة، وعمل بها لأكثر من عشر سنوات: "وجود الهيئة بات شكليا تماما. لم يعد مسموحا لنا التدخل وتغيير أي سلوكيات كنّا نعتبرها غير لائقة"، مشيرا إلى أن الكثيرين مستمرون بالعمل "من أجل الراتب فقط".