جاء إعلان سنان أوغان، الذي خاض الانتخابات الرئاسية في دورتها الأولى مرشحاً عن تحالف "أتا" (الأجداد)، اليوم الاثنين، دعمه الرئيس رجب طيب أردوغان في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية الأحد المقبل، مفاجئا للأوساط السياسية.
ودفعت دعوة أوغان للتصويت لصالح أردوغان المراقبين إلى التساؤل عن إمكانية تأثير ذلك على جولة الإعادة، في ظل انقسام داخل تحالف "أتا" ما بين داعم لمرشح تحالف الشعب كمال كلجدار أوغلو، وداعم للرئيس أردوغان، ومن لم يحسموا موقفهم بعد.
وفي وقت سابق من اليوم، قال أوغان إن قراره يستند إلى 4 معايير، وهي "وضع برنامج لإرسال اللاجئين إلى بلادهم واستخدام كافة الأدوات لذلك، ومحاربة الإرهاب، وإنشاء وزارة لمواجهة الكوارث بعد الزلازل، واستقرار الوضع الاقتصادي". وتبع ذلك إعلان حليف أوغان زعيم حزب النصر أوميت أوزداغ أن "قرار أوغان شخصي ولا يمثل حزبه"، مضيفا أنه سيعلن عن موقف حزبه غدا الثلاثاء.
ويتألف تحالف "أتا" من حزبي النصر والعدالة، فضلا عن دعم من حزب "أولكم" (بلدي)، وهي أحزاب قومية يمينية، وفشل التحالف في الانتخابات البرلمانية حيث لم يفز بأي مقعد برلماني، بعدما حصل على 2.43 بالمائة من الأصوات فقط، فيما حصل أوغان على 5.17 في المائة من الأصوات في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية التركية، أي أكثر من 2.8 مليون صوت.
وعقب نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التي تصدرها الرئيس أردوغان بحصوله على 49.52 في المئة من الأصوات، وكلجدار أوغلو على 44.88 في المئة من الأصوات، حاول المرشحان الحصول على دعم أوغان الذي جاء من اليمين المتطرف.
والتقى أوزداغ بكلجدار أوغلو سابقا، واليوم مع نائب رئيس حزب العدالة والتنمية نعمان قورطولموش، كما التقى أوغان بالرئيس أردوغان، فيما أعلن رئيس حزب العدالة وجدت أوز دعمه كلجدار أوغلو قبل يومين.
ومهما كانت قرارات التحالف المتضاربة وانفراط عقده، وعدم معرفة إمكانية تأثير مكونات التحالف بتوجيه أصوات ناخبيه لصالح أردوغان أو كلجدار أوغلو، فإن المراقبين يتوقعون أن تنقسم أصوات أوغان ما بين مصوت لصالح أردوغان، وآخرين يصوتون لصالح كلجدار أوغلو، وقد يعزف قسم منهم عن الانتخاب. وإذا كان المشهد بهذا الشكل، فمن المؤكد أنه سيكون لصالح أردوغان، الذي يظل الأوفر حظاً في الفوز في الدور الثاني.
تعليقاً على ذلك، قال المحلل السياسي بكير أتاجان: "في الوقت الحالي، اتفاق أتا انتهى بناء على تصريحات حزب العدالة بدعم تحالف الشعب واعتراف زعيمه بانفراط عقده، وهو ما دفع أطراف التحالف للتصرف بشكل منفرد، قرار أوغان يلزمه وحده ولا يعبر عن قناعة التحالف".
وأضاف: "هناك أسباب لافتراق أوغان وأوزداغ، منها موضوع مواجهة الإرهاب، فرغم التوافق عليه، إلا أن أوغان يذهب أبعد في مسألة الدولة الطورانية (حركة تهدف إلى توحيد أبناء العرق التركي الذين ينتمون إلى لغة واحدة وثقافة واحدة)".
وتابع قائلا: "كلجدار أوغلو أخطأ عندما عرض مشروع خط طريق الحرير بحيث لا يشمل أذربيجان، ولأن أوغان أصوله أذرية وبسبب موقف طهران ضد باكو حاليا، كان ذهاب أوغان لمساندة كلجدار أوغلو موقفا صعبا بالنسبة له، ما قربه من التحالف الجمهوري".
وأكمل: "كما أن أوغان له موقف سابق من زعيمة الحزب الجيد ميرال أكشنر (مشاركة في تحالف الشعب) ولا يوجد توافق بينهما، وهناك خلافات مع حزب الشعب الجمهوري في ما يتعلق بدعم الأحزاب الكردية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني (محظور في تركيا ومصنف في قائمة الإرهاب)، وكان من المعيب تحالف أوغان معه".
وأردف: "كذلك مسألة القومية التركية، التي طالب زعيم حزب دواء علي باباجان بإزالتها من الدستور، كلها أسباب لعدم ذهاب أوغان إلى تحالف الشعب، ولهذا عندما حاكم نفسه، لم يجد سوى مسألة اللاجئين في التوافق مع التحالف الجمهوري".
وخلص أتاجان إلى أنه "بخلاف الملف السوري (إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم)، فإن أوغان يختلف مع تحالف الشعب في بقية المواضيع، وبالنسبة لأوميت أوزداغ، الأمور مختلفة، الخلافات بينه وبين مكونات التحالف الجمهوري هي خلافات عميقة في وجهات النظر كافة".
وأضاف: "لا يوجد لأي مكونات تحالف أتا تأثير على الناخبين، فأصوات أوزداغ 2.2 في المائة وأصوات أوغان قرابة 2 في المائة وأصوات حزب العدالة وحزب بلدي صغيرة، نسبتها قليلة أقل من 1 في المائة".
وختم بالقول: "في النهاية، سيكون ذلك لصالح الرئيس أردوغان".
من ناحيته، قال المحلل السياسي محمد جيرين: "أدى حصول أوغان على هذه النسبة من الأصوات في الجولة الأولى للحديث عن أهمية أصوات اليمين القومي في حسم مسألة الانتخابات، وليس عامل الصوت الكردي الذي كان يعتقد أنه سيحسم الانتخابات، ولهذا فإن التحالفين الشعب والجمهوري حاولا استمالة هذا الفريق في الجولة الثانية".
وأضاف: "التحالف الجمهوري خطابه كان موجها للقوميين، فيما تحالف الشعب كان أبعد، التغير الكبير شهده تحالف الشعب، وحاول التقرب كثيرا من المرشح سنان أوغان، ولكن يبدو أنه فشل في إقناعه في ظل استمرار التحالف مع الأحزاب الكردية، ووجود احتمالية لتقديم تنازلات في مسائل تتعلق بالكردستاني والمعتقلين".
وختم قائلا: "كان واضحا من الجولة الأولى أن الرئيس أردوغان مرتاح أكثر في مسألة الحوار مع أوغان أكثر من تحالف الشعب، وهو ما تأكد بإعلان دعم أوغان لأردوغان، تحالف الشعب بالتأكيد ستكون له أوراق لاستمالة ناخبي أوغان عبر الحوار ومحاولات استمالة المرشح المنسحب محرم إنجه، خاصة أن هناك قناعة بعدم قدرة أوغان على التأثير على ناخبيه للتصويت لصالح أردوغان، في النهاية السياسة التركية مليئة بالمفاجآت".
العربي الجديد