جرّت حفيدها فجراً لمركز الاقتراع

"الحاجة سعدية".. قدِمت من ثلاثينيات القرن الماضي للإدلاء بصوتها آملة "تغيير الأوضاع" فخذلها العمر

بغداد - IQ  

بخطواتها الثقيلة ونظرها شبه المعدوم، قدِمت الحاجة "سعدية عليوي" البالغة من العمر 92 عاما إلى مركزها الانتخابي في منطقة الكرادة وسط بغداد، صباح أمس الأحد (10 تشرين الأول 2021)، للادلاء بصوتها في الانتخابات العامة المبكرة، قاطعة مسافة تزيد عن 5 كيلو مترات.

وجاءت الحاجة "سعدية"، المولودة في ثلاثينيات القرن الماضي، ومعاصرة الحروب والانقلابات والثورات والحكام المدنيين والعسكريين الذين تمسكوا بمقاليد الحكم في العراق على امتداد سني عمرها، إلى مركز الاقتراع بحماس منذ الصباح الباكر رفقة "ياسر"، ابن حفيدها الرابع.

عند باب المركز، قال "ياسر" لـموقع IQ NEWS: "أيقظتني (جدته) من نومي مع صلاة الفجر وبيدها بطاقتها الانتخابية. قالت لي (بيبي وديني للانتخابات)، وكدت أفقد صبري لكثرة الحاحها عليّ وجهدت في اقناعها بالانتظار حتى تبزغ الشمس ويطلع الصباح لأصطحبها إلى حيث تريد". 

"بيبي.. لازم نغير الوضع"

وبصوت متقطع، وحماس واضح على ملامحها المتعبة وتجاعيد وجهها الشاحب، تقول الحاجة سعدية، عندما سألها مراسل IQ NEWS، عن السبب الذي دفعها للحضور مبكراً إلى مركز الاقتراع خاصتها: "حتى انتخب" وتؤشر على سبابتها "بيبي لازم نغيّر الوضع".

وبابتسامة بادية، وضعت "سعدية عليوي" اصبع يدها على جهاز التحقق من البطاقات الانتخابية، لكن بصمتها لم تظهر على الشاشة. حاول موظف الاقتراع 7 مرات لكن دون جدوى، قائلاً إن تقادم العمر يسمح بصمات الأصابع.

أبلغها الموظف بالمشكلة، وجاء زميل ثان له وثالث لمساعدته في افهام الحاجة سعدية، لكنها أصرت على الانتظار والبقاء في مكانها ثم جلست داخل المحطة الانتخابية لأكثر من نصف ساعة. بعدها، تراجعت العجوز بخطواتها المثقلة فاقدة الأمل بالمشاركة في الانتخابات المبكرة التي أجريت تحت ضغط تظاهرات تشرين 2019، التي سقط خلالها نحو 800 قتيل وأكثر من 25 ألف جريح.

وأبلغ خلال ساعات التصويت، عن حصول أعطال في أجهزة التحققت "منعت"، وفق أحزاب متنافسة، ناخبين من الادلاء بأصواتهم، قبل أن تنتهي فترة الاقتراع وتغل عند الساعة السادسة مساءً.

وأفادت منظمات مراقبة غير حكومية، بأن بأن نسب المشاركة العامة لم تتجاوز 40 بالمئة من العدد الكلي للذين يحق لهم التصويت، في حين سجل حادثي اطلاق نار قرب مركزين انتخابيين في ديالى وكركوك، سقط خلالها قتلى وجرحى، كما أطلقت صواريخ على ناحية الحضر جنوب غربي نينوى لـ"التأثير على الانتخابات" وفق بيان للحشد الشعبي، بينما قال رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني إن "مجاميع مسلحة خارجة عن القانون منعت ناخبين من الوصول إلى مراكز اقتراع في المناطق (المتنازع عليها بين بغداد وأربيل)".



وفرضت السلطات إجراءات أمنية مشددة منذ ما بعد منتصف ليل الأحد، وشملت إغلاق الحدود والمطارات ومنع التنقل بين المحافظات وغلق المطاعم والأسواق والمنشآت التجارية والترفيهية، ومن المقرر استمرار هذه التدابير حتى صباح الاثنين.


وأجري الجمعة الماضية التصويت الخاص للقوات الأمنية والنازحين ونزلاء السجون، وأدلى 69 بالمئة بأصواتهم فيه، من أصل مليون و120 ألف  شخص يحق له ذلك وهم عناصر الجيش والشرطة والنازحين ونزلاء السجون، وفق مفوضية الانتخابات


ويتنافس أكثر من 3240 مرشحاً، بينهم نحو 950 امرأة، منهم حوالي 789 مستقلاً، والباقي يتوزعون ضمن تحالفات وأحزاب سياسية، على 329 مقعداً نيابياً


وكان الموعد الطبيعي لهذه الانتخابات في 2022، لكن تظاهرات تشرين 2019، وما رافقها من أحداث أدت لمقتل المئات وإصابة العشرات، دفعت باتجاه تقديم موعدها لتجرى مبكراً هذا العام ووفق قانون انتخابي جديد يقسم المحافظة الواحدة لدوائر انتخابية متعددة بعدما كانت المحافظة بأكملها تحتسب دائرة واحدة، كما يمنع القانون الجديد العراقيين المقيمين في الخارج من الادلاء بأصواتهم


واستقالت حكومة عادل عبد المهدي في تشرين الثاني 2019 تحت ضغط التظاهرات، وتولى رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي تشكيل حكومة جديدة مؤقتة مهمتها الرئيسة تنظيم الانتخابات المبكرة، وأختير لأجلها مفوضية جديدة للانتخابات يترأسها ويديرها قضاة.