انتحار أم إعدام.. أين الحقيقة في قضية موت مدير شركة دايو الكورية؟

هل يشنق حبل "هوبا" حلم العراقيين بالميناء الموعود؟

بغداد - IQ  

قبل أسابيع وبينما كانت الأروقة السياسية العراقية تغرق بملفات ومشاكل كثيرة ينسحب تأثيرها على الشارع، طفت قضية الربط السككي بين العراق والكويت على السطح من جديد لتأخذ شيئاً من الاهتمام، وتتوالى بعدها تحذيرات نواب وخبراء اقتصاديين من هذا المشروع لجهة "تأثيره السلبي" على موانئ البصرة. 


وإلى جانب حساسية العراقيين والكويتين من مشاريع بعضهما البعض على الحدود بين البلدين، والتي يضفي عليها التاريخ صبغة خاصة، فإن المخاوف الشعبية في العراق من الربط السككي تنطلق من كون هذا المشروع "سيلغي" الأهمية الستراتيجية للموانئ في أقصى الجنوب، كما يقول خبراء، ومنها ميناء الفاو الكبير المتعثر إنجازه منذ 10 سنوات، والذي تقدر كلفته بنحو 4.6 مليار دولار.


الجدل الجديد وبحث المهتمين عن أسباب إثارة قضية الربط السككي في هذا الوقت بالذات لم ينقطع حتى أعلنت الحكومة العراقية توقها إلى "نيل شرف البدء فعلياً بتنفيذ ميناء الفاو الكبير"، قائلةً على لسان المتحدث باسمها أحمد ملا طلال، في 15 أيلول سبتمبر الماضي، إن "أسباب تلكؤ تنفيذ هذا المشروع (الذي وضع حجره الأساس في 2010) غير معروفة، وقد يكون هنالك تقصير متعمد".


بعد يوم واحد على تصريح ملا طلال، تطرّق رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي للأمر ذاته، جازماً بأن "مشروع ميناء الفاو تمت المتاجرة به منذ 17 عاماً"، قبل أن يتفق وزير النقل ناصر الشبلي، الثلاثاء الماضي (6 تشرين الأول 2020) مع شركة "دايو" الكورية الجنوبية على صيغة نهائية لعقد الميناء، وتبدأ الشركة بالتحضير لبدء المرحلة الأولى من العمل فيه.

كان هذا قبل أن يتدلى، فجر اليوم الجمعة، حبل داخل مقر لشركة "دايو" في قضاء الفاو في البصرة يبعد 10 كلم عن موقع العمل بميناء الفاو، أربك بغداد وبعض مسؤوليها وساستها، فالمدير التنفيذي لشركة "دايو" بارك تچول هوبا، الذي ظهر إلى جانب وزير النقل العراقي في صورة تذكارية بعد توقيع الاتفاق الأخير، "انتحر شنقاً"، على ما أفاد به مسؤولون محليون، أوضحوا أن "المكان الذي شهد الحادثة مؤمن من قبل شركة خاصة ومزود بكاميرات مراقبة".

وعقب الإعلان عن الحادثة، أجمعت تصريحات بعض المسؤولين والسياسيين على مطالبة الحكومة بإجراء تحقيق عاجل، فيما نصحَ رئيس البرلمان السابق سليم الجبوري "صُنّاع القرار السياسي العراق" بالحذر "من التورط في حرب تصفيات اقتصادية إقليمية"، قائلاً إن "اقتصادنا مهددٌ بالاغتيال".


وألمحت النائبة عالية نصيف، إلى أن "بارك هوبا" ربما يكون قد قُتل، إذ قالت في تصريحات صحافية تابعها موقع IQ NEWS، إن "هناك الكثير من دول المنطقة لا تريد لميناء الفاو أن ينهض، وأعتقد أن هناك عمدية وشبهة جنائية في الحادثة، خاصة أن ميناء الفاو قد يؤدي الى الاضرار في الموانئ بالمنطقة كالفجيرة الإماراتي وميناء مبارك الكويتي".


الخبير القانوني طارق حرب، تساءل من جهته، عمّا إذا كانت هذه الحادثة "بداية الحرب الصينية الكورية حول ميناء الفاو، فكان مدير شركة دايو ضحية لمن يؤيدون التوجهات الصينية خاصة وهم كثر في العراق"، أو أن المدير الكوري "ذهب ضحية المافيات والسلاح المنفلت بحيث طالبت هذه بحصتها من العقود الجديدة فرفض فكان الموت؟"، مرجحاً مع ذلك فرضية الانتحار.


"الانتحار بعيدٌ عن مزاج بارك المرح"

مصدرٌ كانت تربطه ببارك تچول هوبا علاقة شخصية بحكم العمل، قال لموقع IQ NEWS، إن "بارك كان شخصاً مرحاً وعلاقاته الشخصية مع المسؤولين العراقيين أو المجتمع الذي يعمل في محيطه في البصرة كانت ممتازة وودية".


ويشكك عشرات العراقيين، في مواقع التواصل الإجتماعي، برواية انتحار "بارك تچول هوبا"، وسردوا ملاحظاتهم الشخصية في هذا الإطار، بناءً على الصور التي ظهر فيها معلقاً بحبل، وبينها شكل هندامه، فيما تحدث بعضهم عن "تعرض" المدير الكوري إلى "عمليات ابتزاز كثيرة وتهديدات"، فيما أشار غيرهم إلى تأثير مثل هكذا حوادث على تقبل شركات أجنبية فكرة العمل في العراق مستقبلاً.

https://www.facebook.com/basim.hamza.7/posts/3868426376519351

وفي حين أفادت وسائل إعلام محلية نقلاً عن "مصادر مطلعة" بأن "شركة دايو أوقفت العمل في ميناء الفاو بعد الحادثة"، قالت وزارة النقل العراقية في بيان إن "العمل في الميناء مستمر، وإن تلك الحادثة لن تؤثر على المضي قدما فيه". 


"لجنتان للتحقيق.. وكوريا تنتظر"

وزير الداخلية عثمان الغانمي أمر بـ"تشكيل لجنة تحقيقية عالية المستوى وإرسالها فوراً إلى البصرة للتحقيق في حادثة انتحار مدير شركة دايو"، فيما أكد مدير دائرة العلاقات والإعلام في الوزارة اللواء سعد معن، أن "هذه اللجنة ستعمل إلى جنب لجنة تحقيقية أخرى شكلتها قيادة شرطة البصرة فور حادثة الإنتحار، بإشراف قضائي".


من جانبها، دعت سفارة كوريا الجنوبية لدى العراق، في بيان رسمي، وسائل الإعلام إلى "تجنب نشر الشائعات والأخبار غير الحقيقية" بشأن الحادثة، واصفةً بارك تچول هوبا بـ"الضحية"، ومؤكدةً أنها "بانتظار أن تظهر النتائج بعد إكمال التحقيقات".