على الرغم من تحرير محافظة نينوى بالكامل من سيطرة تنظيم داعش عام 2017، إلا أن آثار احتلال التنظيم للمحافظة خلال الفترة (2014 – 2017)، ما تزال موجودة في كل بقعة منها.
ويعد ملف المقابر الجماعية أحد أهم الملفات التي لم يحسم أمرها حتى الآن لأسباب مختلفة منها قلة الدعم المالي وعدم وجود فرق متخصصة في فتحها وانتشال جثث الذين أعدمهم داعش، الأمر الذي يزعج الآف الموصليين الذين يطالبون بالتعرف على جثث ذويهم ودفنها بطريقة تليق بإنسانيتهم، فيما يقول بعض المعنيين بهذا الملف إن الحكومة الاتحادية والقضاء العراقي "يمنعان فتح أي مقبرة".
88 مقبرة "لم يفتح منها سوى 7"
يقول مدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان في محافظة نينوى علي ميزر إن "عدد المقابر الجماعية في محافظة نينوى يبلغ 88 مقبرة تتوزع على امتداد مناطق المحافظة المختلفة، بما فيها قضاء سنجار ذو الأغلبية الإيزيدية".
ويوضح ميزر في حديثه لموقع IQ NEWS أن "عدد المقابر التي تم فتحها في قضاء سنجار هي 3، فيما لم تفتح سوى 4 مقابر في مختلف مناطق المحافظة الأخرى"، عازياً ذلك إلى "قلة الدعم المالي، وعدم وجود فرق متتخصصة من قبل دائرة المقابر الجماعية، وأيضا لوجود قرار من قبل رئاسة الوزراء والسلطة القضائية يوجب عدم فتح أي مقبرة".
وأضاف، ان "هذا القرار يتنافى مع حقوق الإنسان، الذي يعد أبسط حق له هو دفنه بطريقة تليق بكرامته وأن يتعرف ذويه على جثته، خاصة وأن الجثث المدفونة في المقابر الجماعية تقسم إلى صنفين، الأول مجهولي الهوية والثاني جثث لأشخاص معلومين".
وأشار ميزر إلى "عدم وجود إحصائية دقيقة بعدد الجثث المدفونة داخل تلك المقابر، لكن كنسبة تقريبة من خلال المعاملات المقدمة لمؤسسة الشهداء، فإن أعدادهم تبلغ أكثر من 25 ألف مواطن قتلهم داعش بطرق وحشية".
الجثث المجهولة
من جانبه، يقول مدير منظمة المتحدة لحقوق الإنسان في نينوى سامي الفيصل إن "هنالك 2800 جثة مجهولة الهوية مدفونة داخل المقابر الجماعية في نينوى"، مبيناً أن "سنجار لها حصة الأسد في عدد المقابر وتحديدا في قرية كوجو، بينما لم تفتح المقابر الموجودة في قرية الخسفة حتى الآن وهي تضم قرابة 3 آلاف جثة".
ويضيف الفيصل في حديثه لموقع IQ NEWS، إن منظمته والمنظمات الأخرى المعنية بحقوق الإنسان "أبدت تعاونها ورغبتها بالمساعدة في فتح المقابر الجماعية لكن هنالك معارضة حكومية لا نعرف أسبابها".
"تقصير حكومي"
بدوره، يرى الكاتب الموصلي عبد الجبار الجبوري أن عدم فتح المقابر الجماعية في نينوى بداعي قلة الأموال "أمر غير منطقي"، مضيفاً "نشعر أن هنالك تقصير وإهمال متعمد للمحافظة يرافقه عدم وجود صوت قوي لنوابها وممثليها في البرلمان".
ويقول الجبوري لـ IQ NEWS، إن "ما جرى للموصل ونينوى بشكل عام يفوق التخيلات البشرية والمنطق، وكان يفترض بالحكومة أن تولي المحافظة اهتماما غير طبيعي، لانتشال آثار داعش وإعادة بناء جسور الثقة مع المواطن، لكن نينوى مهملة من جميع الجهات وفي مختلف الملفات، والحكومة الاتحادية لم تقدر وضع المحافظة الخاص".
وتساءل "هل من المعقول أنه لايتم فتح المقابر الجماعية التي كانت شاهدة على جرائم داعش، وتسليم الجثث لذويها، وإكمال مستحقاتهم المالية وتعويضهم بشكل سريع.. ما هي الأموال الضخمة التي تحتاجها لفتح مقبرة.. إنها مجرد آليات وأشياء بسيطة، لكن الأمر فيه إهمال وتقصير بحق نينوى والحجج غير منطقية".