نشرت وكالة "إيران إنترناشيونال"، الأحد (25 نيسان 2021)، نص مقابلة قالت إنها أجريت مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وكان من المقرر نشرها للعلن بعد انتهاء الحكومة الإيرانية الحالية، وتحدث فيها عن تدخلات القائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني في السياسة الخارجية الإيرانية.
وبحسب المقابلة التي اطلع عليها موقع IQ NEWS، قال ظريف إن سليماني، الذي اغتيل بغارة أميركية مطلع العام الماضي في محيط مطار بغداد، ضحى بالدبلوماسية من أجل العمليات العسكرية للحرس الثوري الإيراني، وإنه كان يفرض نقاطاً عليه عند ذهابه للتفاوض مع دول أخرى بشأن سوريا.
و أشار الوزير الإيراني إلى علاقته بقاسم سليماني، قائلاً: "لم أتمكن أبدا في مسيرتي المهنية من القول لقائد [ساحة المعركة- سليماني وغيره] أن يفعل شيئًا معينا لكي أستغله في الدبلوماسية".
وأضاف: "في كل مرة، تقريبًا، أذهب فيها للتفاوض كان سليماني هو الذي يقول إنني أريدك أن تأخذ هذه الصفة أو النقطة بعين الاعتبار. كنت أتفاوض من أجل نجاح ساحة المعركة".
واستشهد ظريف بمثال مشاركة الحرس الثوري في محادثات وزارة الخارجية مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قائلاً إن سليماني أعطاه قائمة بالنقاط التي كان يجب أخذها في الاعتبار.
وقال: "لم أتفق مع قاسم سليماني في كل شيء. كان سليماني يفرض شروطه عند ذهابي لأي تفاوض مع الآخرين بشأن سوريا، وأنا لم أتمكن من إقناعه بطلباتي. مثلا طلبت منه عدم استخدام الطيران المدني في سوريا ورفض".
ويؤكد محمد جواد ظريف أن دوره في السياسة الخارجية لإيران "صفر"، مشيراً إلى أن قاسم سليماني لم يكن يسمع كلامه، وإن الولايات المتحدة علمت بالهجوم الصاروخي الذي شنه الحرس الثوري على قاعدة عين الأسد في الأنبار بالعراق، انتقاماً لسليماني بعد اغتياله، قبل أن يعلم بها هو رغم كونه وزيراً للخارجية.
وتقول وكالة "إيران إنترناشيونال" التي أوردت المقابلة، إن ظريف طلب من سعيد ليلاز، الذي أجرى المقابلة معه، "أن لا ينشر هذا الجزء من المقابلة أبدًا".
وفي المقابلة التي استمرت لأكثر من 3 ساعات، وصف محمد جواد ظريف استراتيجية النظام الإيراني بـ"الحرب الباردة"، قائلاً: "ضحيت بالدبلوماسية لصالح ساحة المعركة أكثر مما ضحيت بساحة المعركة لصالح الدبلوماسية".
وبشأن الاختلاف بين الجيش والدبلوماسية في إيران، و"ضرورة" ترك الأمور للدبلوماسيين، قال وزير الخارجية الإيراني: "لقد كانت ساحة المعركة هي الأولوية بالنسبة للنظام".
وأشار إلى العلاقة بين الحرب والدبلوماسية في سياسات النظام الإيراني، قائلاً: "لقد أنفقنا الكثير من المال، بعد الاتفاق النووي، حتى نتمكن من المضي قدماً في عملياتنا [عمليات الحرب] الميدانية".
ووصف ظريف، مرة أخرى، دوره في السياسة الخارجية للبلاد بـ"الصفر"، قائلاً: "يجب أن تكون سياسة ساحة المعركة أيضًا إحدى وظائف استراتيجية الدولة، لكن هذا ليس هو الحال، فسياسة ساحة الحرب هي التي تحدد ماهية سياسة البلاد".
وقال ظريف إنه بعد الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق النووي، في يوليو (تموز) 2015 وحتى يوم تنفيذ الاتفاق في ديسمبر (كانون الأول) من ذلك العام، وقعت أحداث ضد الاتفاق النووي، كان آخرها الهجوم على السفارة السعودية في ديسمبر من ذلك العام، مضيفا: "في هذه الأشهر الستة، كان الحدث الأول هو زيارة قاسم سليماني إلى موسكو".
وقال الوزير الإيراني إن الزيارة تمت بإرادة روسية ودون سيطرة وزارة الخارجية الإيرانية، وكانت تهدف إلى "تدمير إنجاز وزارة الخارجية" بإرادة روسية.
وأوضح ظريف أن روسيا، وعلى الرغم من طلب سليماني زيارة موسكو واللقاء مع بوتين، وافقت على القيام بهذه الزيارة في الأسبوع الأخير من توقيع الاتفاق النووي. كما أشار إلى محاولات أخرى لروسيا للطعن بالاتفاق النووي في الأسابيع الأخيرة من توقيعه، خاصة في مجال وقود محطة بوشهر النووية.
وتحدث وزير الخارجية الإيراني عن ممارسة قاسم سليماني ضغوطاً أدت إلى زيادة الرحلات الجوية الإيرانية إلى سوريا بمقدار 6 أضعاف، فسيرت الخطوط الجوية الإيرانية رحلات شرطة الطيران الوطنية "هما" إضافة إلى خطوط "ماهان" في حزيران 2016.
وقال إنه طلب طلب من سليماني في إحدى الاجتماعات، السفر على "ماهان" بدلاً من "هما"، أجاب سليماني: "هما أكثر أمانًا"، مشيرا إلى إصرار سليماني على استخدام رحلات شركة "هما".
وأضاف أن "سليماني كان يقول: لأن الساحة [المجال العسكري] هي الأصل، فإذا كانت (هما) أكثر أمانًا بنسبة 2 في المائة من (ماهان)، فيجب استخدام هما، حتى لو ألحق ذلك أضرارا بنسبة 200 في المائة على الدبلوماسية".
وأشار ظريف إلى أن معظم هيكل وزارة الخارجية الإيرانية "شأن أمني"، مبيناً أن "هناك جماعة في بلادنا لها مصلحة في جعل كل شيء أمنيا، لأن دورهم سيبرز".
وأوضح أن "هذه الجماعة أقلية يتمتعون بالقدرة على تأجيج الأوضاع، إضافة إلى قدرتهم على خلق موجة هائلة".
وفي جانب من المقابلة أشار الوزير الإيراني إلى أن المرشد الإيراني علي خامنئي عاتبه "بشدة" بعد تصريح له "تم تحريفه من قناة ناطقة بالفارسية في الخارج، حول الاتفاق النووي.
وتابع: "قال لي حينها: عليك أن تكون مع مواقف النظام. اضطررت أن أشرح له عدة ساعات وأكتب توضيحًا على تويتر لشرح الموقف".
وتحدث محمد جواد ظريف عن توزيع الأدوار بين أركان النظام الإيراني، قائلا: "كلنا ثوريون مثل المرشد، لكن تم تقسيم المهام؛ أحدنا يكون دبلوماسيًا والآخر عسكريًا أو اقتصاديًا، قوة إيران في ثوريتها".