بعد مرور عام على اغتياله، لم يجد الصحفيون والمهتمون بالشأن الأمني والسياسي عموماً "بديلاً" يقدم "معلومات دقيقة ومعتبرة"، مثل هشام الهاشمي، كما يقول بعضهم.
واغتيل الهاشمي في 6 تموز 2020 عندما كان يهم بصف سيارته أمام منزله في حي زيونة الراقي وسط بغداد، في شارع يسكنه ضباط كبار وشخصيات رفيعة.
وثقت كاميرات المراقبة المنزلية لحظات الاغتيال التي تمت من مسافة صفر، عندما أطلق مسلح على دراجة نارية النار باتجاه الهاشمي وهو داخل عجلته، ثم يعود ليستقل الدراجة التي كان يدير محركها شخص ثانٍ.
"النتيجة كانت خسارة كبيرة، لم نجد حتى اللحظة شخصاً بإمكانية هشام الهاشمي، أو يسد محلّه. كان أكاديمياً ومحللاً أمنياً وسياسياً وصل مرحلة كبيرة من إعداد الدراسات والبحوث وأنجز أعمالاً لم ينجزها غيره"، يقول عمار كريم، مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في العراق.
ويضيف كريم في حديث لموقع IQ NEWS، أن اغتيال الهاشمي "كان خسارة كبيرة للعراق والمنطقة والعالم والمجتمع الدولي الذي كان يثق بتحليلاته وآرائه، ولذلك صار العراق منطقة خالية من المفكرين".
أحدث اغتيال الهاشمي صدمة لدى الرأي العام المحلي والدولي، وتداول آلاف العراقيين صوره ومقاطع من تحليلاته وخوضه في تفاصيل دقيقة مرتبطة بداعش أو الجماعات المسلحة، كما نعته العديد من الدول والزعماء والقادة السياسيين، والأمم المتحدة.وزار رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي كانت تربطه صداقة بالهاشمي، منزل الأخير ليقدم العزاء لعائلته، وتعهد لهم بالتوصل إلى الجناة، لكن دون تحقق ذلك حتى الآن.
"سخرية" حكومية - حكومية
في 14 أيلول 2020، أعلن المتحدث السابق باسم الحكومة الحالية، أحمد ملا طلال خلال مؤتمر صحفي، "تحديد بعض الأشخاص المتهمين والتوصل الى بعض خيوط قضية اغتيال هشام الهاشمي".
وقال يومها "لا يمكن ذكر تلك المعلومات او تفاصيل عن الاشخاص لأنها أمور متعلقة بالتحقيق"، ثم عاد ليقول في مقابلة متلفزة أجريت معه يوم 25 تشرين الأول من العام ذاته إن "الأجهزة الأمنية حددت هوية اثنين من المتهمين باغتيال الهاشمي، وإن جهات هربت القتلة إلى خارج العراق عقب يوم واحد من الحادث".
وبعدها، صار هذا الإعلان موضوعاً للاستهزاء بملا طلال، من جانب اللواء يحيى رسول، الناطق العسكري باسم القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، بينما ردّ "الناطق السابق" باستهزاء مقابل من الحكومة.
ففيما قال رسول، خلال لقاء متلفز: "كان على احمد ملا طلال ان يكشف اسماء قتلة هشام الهاشمي بدلاً من التلويح بمسك رأس خيط الجناة"، علق ملا طلال قائلاً: "هذا شغلكم مو شغلي آني مهمتي تقتصر على توفير الكهرباء 24 ساعة وحصر السلاح بيد الدولة وانضمام العراق الى مجموعة الدول الصناعية السبع".
وسعى موقع IQ NEWS إلى الاتصال بملا طلال في سياق هذا التقرير، لكنه لم يرد.
"نستذكر الذكرى الأولى لاستشهاد الأخ والصديق هشام الهاشمي، أستاذ هشام كان صديقاً ومثقفاً بشكل كبير وخبيراً في مجال الجماعات الاسلامية والمتطرفة ولديه معلومات كبيرة وقيمة ويرصد لقاءات كثيرة على كل القنوات ويقدم تفاصيل دقيقة وهذا يأتي من متابعة شخصية وعلم وليس مجرد كلام"، يقول يحيى رسول.
وأضاف "على المستوى الشخصي كان الهاشمي من الاصدقاء المميزين جداً، شفافا ومتواضعا وطيبَ القلب، استشهاده خسارة كبيرة للإعلام، نتمنى من الله ان يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم أهله الصبر والسلوان. كان نعم الأخ والصديق وغني بالمعلومات التي لديه. الأخ الشهيد هشام الهاشمي".
وبشأن التحقيقات حول حادثة الاغتيال، يقول رسول في حديث لموقع IQ NEWS، إن "القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي وجه بمتابعة وملاحقة من قام بهذا العمل الإرهابي. الاجهزة الاستخبارية غير مقصرّة، وفي بعض الأحيان تلقي القبض على الجناة بوقت قليل وأحياناً تحتاج وقتاً أطول".
وتابع "لكن في النهاية فإن الأجهزة الاستخبارية من القائمين على متابعة هذا الملف هم على استعداد كامل وعمل دؤوب لملاحقة قتلة الهاشمي. وأكيد عندما يلقى القبض عليهم يحالون إلى القضاء العادل".
"عشنا عاماً صعباً"
من جانبه، يقول الصحفي مصطفى سعدون متحدثاً لـIQ NEWS عن اغتيال الهاشمي: "رحم الله هشام، كان من الشخصيات الرائعة، التي ساعدت الكثير من الشباب، وكان من أبرز الباحثين الأمنيين، أعتقد أنه قدم كثيراً للعراق بشأن ملف محاربة داعش، وكان مصدراً مهماً للدولة في هذا الشأن".
ويضيف "عشنا عاماً صعباً منذ لحظة مقتل هشام، وكان قتله مؤشراً سلبياً كبيراً على تدهور الأوضاع، وكان رسالة تحذيرية للصحفيين والنشطاء البارزين. أتمنى أن تُنصف الحكومة هشام وكل ضحايا الإرهاب والاغتيالات السياسية، وهذا الإنصاف يكمن في تحقيق العدالة ومحاسبة قتلتهم".