متابعة - IQ
سلط تقرير لمجلة فورين بوليسي الأميركية، الأحد، الضوء على موقف المرجع الشيعي الأعلى بين أقرانه، علي السيستاني، من الأزمة السياسية المحتدمة بين التيار الصدري وبقية القوى الشيعية.
ويخلص التقرير إلى أن السيستاني سئم الديناميكات السياسية الحالية، ولن يتدخل لصالح طرف على حساب آخر إلا في حال تجاوز "خطوطه الحمر" كإراقة الدماء أو تقويض الديمقراطية.
فما يزال المعسكرين السياسيين الشيعيين المتنافسين في العراق عالقين في منافسة محصلتها صفر.
ودعا الصدر إلى إجراء انتخابات مبكرة وحل البرلمان وإجراء تعديلات دستورية. وقد أعطى السلطة القضائية مهلة نهاية الأسبوع لحل الهيئة التشريعية.
ويتمتع منافسوه الشيعة في المعسكر المدعوم من إيران بظروف خاصة بهم. واتهموه بانتهاك الدستور، مما أثار احتجاجات مضادة أثارت مخاوف من إراقة الدماء.
ولا يبدو أن أيًا من الفصيلين على استعداد لتقديم تنازلات لإنهاء الأزمة السياسية المستمرة منذ 10 أشهر، وهي الأطول منذ الغزو الأمريكي عام 2003 الذي أعاد ضبط النظام السياسي. وتزداد الحكومة المؤقتة – غير القادرة على تمرير القوانين أو إصدار ميزانية – ضعفًا يومًا بعد يوم، في حين يهاجم الجمهور احتجاجًا على سوء الخدمات، بما في ذلك انقطاع التيار الكهربائي خلال حرارة الصيف الحارقة.
عندما أمر الصدر الآلاف من أتباعه باقتحام المنطقة الحكومية شديدة التحصين في بغداد في 30 تموز/يوليو، شل مؤسسات الدولة ومنع خصومه السياسيين من المضي قدما في تشكيل حكومة.
ربما شعر الصدر بالجرأة بسبب صمت السيستاني البالغ من العمر 92 عامًا، وهو شخصية روحية محترمة تتمتع كلمتها بنفوذ هائل بين القادة والعراقيين العاديين.
وقال ثلاثة مسؤولين في الحوزة العلمية للسيستاني في مدينة النجف المقدسة إنّه لم يستخدم نفوذه لأنه لا يريد أن يبدو وكأنه ينحاز إلى أحد الجانبين في الأزمة الشيعية الداخلية الأكثر حدة منذ عام 2003. وتحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين باطلاع وسائل الإعلام.
وقال أحد المسؤولين إنّ "المرجعية تراقب الوضع بقلق"، في إشارة إلى آية الله. وقال إن السيستاني "لن يتدخل في الوقت الحالي. وقد ينظر إلى دخوله على أنه يفيد طرفا دون آخر".
نادرًا ما تدخل السيستاني في المسائل السياسية، ولكن عندما فعل ذلك، فقد غير ذلك مسار السياسة العراقية.
وفي عام 2019، أدت خطبته إلى استقالة رئيس الوزراء آنذاك عادل عبد المهدي وسط احتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة، وهي الأكبر في تاريخ العراق الحديث.
أدت إدارة مصطفى الكاظمي اليمين الدستورية بهدف إجراء انتخابات مبكرة، جرت في تشرين الأول.
وقال المسؤول في النجف إن آية الله سئم من الديناميكيات السياسية العراقية الحالية. ولم يستأنف خطب الجمعة المعتادة، التي علقت خلال الوباء. وما تزال أبوابه مغلقة أمام النخب السياسية في العراق، في إشارة إلى أنه لا يوافق عليها.
كما ينقسم الحوزة العلمية في النجف حول الصدر. ويخشى البعض من أن جرأته تعمق الانقسام الشيعي، بينما يتفق آخرون مع خطابه المناهض للفساد والإصلاحي. انضم عشرات الطلاب من المدرسة مؤخرًا إلى الاحتجاجات.
وقال المسؤولون إنّ السيستاني لديه خطوط حمراء إذا تم تجاوزها ستجبره على التدخل. وهي تشمل إراقة الدماء ومحاولات تقويض ما ينظر إليه على أنه أسس ديمقراطية في العراق.
وقال أحد المسؤولين إن "مقتدى يعرف هذه الخطوط الحمراء ولن يتجاوزها".
وحتى لو وافق المنافسون الشيعة على إجراء انتخابات، ما تزال هناك خلافات جوهرية حول القواعد الانتخابية. لا توجد سابقة قانونية لتوجيه صناع القرار.
وألمح الصدر إلى أنّه سيصعد الاحتجاجات إذا لم يحل القضاء البرلمان بحلول نهاية الأسبوع. ويقول القضاء إنّه لا يملك سلطة حل الهيئة التشريعية.
ويزعم منافسوه في تحالف الإطار التنسيقي، المكون من أحزاب شيعية مدعومة إلى حد كبير من إيران، أنّ ضغط الصدر على القضاء غير دستوري. إنهم لا يعترضون على إجراء انتخابات جديدة، شريطة أن يكون هناك إجماع وطني حول كيفية إجراء التصويت.
ويشعر العراقيون العاديون بإحباط متزايد لأن حكومة تصريف الأعمال تكافح من أجل توفير الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه.
وتأتي الأزمة السياسية في وقت تتزايد فيه معدلات البطالة، لا سيما بين الشباب العراقيين. وقد عانت البلاد من موجات جفاف متتالية ألحقت أضرارا بالغة بالزراعة والصناعات السمكية، مما أدى إلى تضاؤل فرص العمل.
وتحولت الاحتجاجات في جنوب العراق إلى أعمال عنف الأسبوع الماضي بعد أن اشتبك متظاهرون يرشقون الحجارة مع قوات الأمن خارج حقول النفط في محافظتي ميسان وذي قار. واعتقل أكثر من عشرة متظاهرين، وأصيب أكثر من عشرة من أفراد قوات الأمن.
المصدر: فورين بوليسي