متابعة - IQ
ترسم اعترافات السياسي جمال الكربولي للجنة مكافحة الفساد التي شكلها رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، رحلة استغلال نفوذ، واستحواذ على الأموال العامة، وممارسة الابتزاز عبر قناة فضائية.
وتكشف الاعتراف، التي بثّها الإعلامي د. حميد عبد الله من خلال حلقتين في برنامج "تلك الأيام" على موقع يوتيوب، الثراء الفاحش الذي وصله الكربولي، والذي أدى إلى اعتقاله من قبل لجنة مكافحة الفساد.
صعود مُريب
لم يكن جمال الكربولي معروفاً عندما أطاحت القوات الأميركية بنظام صدام حسين عام 2003، لكنه شق مسارات ملتوية قادته إلى استغلال العمل السياسي ليضع يده على إحدى أغنى الوزارات، وهي الصناعة، بعد أن تورط في نهب أموال من جمعية الهلال الأحمر العراقي التي تولى إدارته بعد غزو العراق عام 2003.
وبصفقة سياسية وعلاقة غامضة مع القوات الأميركية، تفادى جمال الكربولي عشرات أوامر القبض بتهم الفساد والإرهاب، وقضى في سجون متفرقة بضعة أشهر.
"هكذا صرت ثرياً"
عرض برنامج "تلك الأيام" الذي يقدمه الإعلامي حميد عبد الله اعترافات الكربولي للجنة "أبو رغيف"، قائلاً إنه تعرض لضغوط "هائلة" من أجل التوقف عن عرضها.
يتحدث جمال الكربولي في اعترافاته عن انتهاء عمره الوظيفي عام 1991 عندما أحيل للتقاعد لأسباب صحية "وبعد الاحتلال توليت إدارة جمعية الهلال الأحمر بشكل غير رسمي حتى شباط 2004".
عندها "جاءوني 3 أشخاص سعوديين لديهم موافقة من الاحتلال لبناء مستشفى عسكري سعودي واخترت مكانها مقابل الخط السريع في منطقة البياع جنوبي بغداد، وقد وأخذت العمل دون علم الجمعية ووزارة الصحة والمقاولات الخاصة بها فاستحوذت على 4 ملايين و500 ألف دولار خلال وجود المستشفى الذي استغرق عامين".
في "عام 2004 وبالتعاون مع الهلال الأحمر والصليب الأحمر اخترت نائباً لجمعية الهلال الأحمر العراقي، السفير الكويتي علي المؤمن رئيس أركان الجيش الكويتي السابق وأول سفير لها في العراق بعد 2003، قدم منحة للجمعية 5 ملايين دولار وتصرف بها رئيس الجمعية وبنى بناية داخل المنطقة الخضراء تحولت لاحقاً للسكن"، قال.
وأضاف أن "الجمعية ليس لها ميزانية محددة وفق القانون لكن من خلال علاقة رئيس الجمعية لمدير مكتب رئيس الوزراء وقتها إبراهيم الجعفري، عدنان الكاظمي خصص لنا 50 مليون دولار على شكل منح وهبات".
"توطدت علاقتي معهما وصار عدنان الكاظمي الأمين العام للجمعية وجلبنا شركات وأبرمنا صفقات فساد واتفقنا على تقاسم العقود بنسبة 30 - 35 بالمئة توزع بين أعضاء مجلس إدارة الجمعية وحصتي 5 بالمئة"، يتحدث الكربولي عن بداية رحلته نحو الثراء غير المشروع.
ويوضح أن العقود تفاوتت بين "عقد إغاثة، شراء سيارات، بناء مخازن وشراء أدوية ومولدات كهرباء واتفقنا على تمرير العقود دون تدقيق وكانت حصتي من العقود مليون ونصف دولار. وكان رئيس الجمعية سعيد اسماعيل حقي يسلمني المبالغ".
"أريد بيتاً في عمان"
يتحدث جمال الكربولي عن لحظة إحساسه بالثراء، فيقول "صرت أملك أموالاً ولأني لا املك جواز سفر، كلفت رئيس الجمعية أن يشتري لي املاك في الإمارات فاشتريت بيتاً في دبي بسعر 950 ألف دولار وسيارة بنتلي بمبلغ 250 ألف دولار، ومارسدس ب250 ألف دولار".
وفي عام 2007 "قررت دخول العمل السياسي وعن طريق عدنان الدليمي وصالح المطلك وأسست جبهة الحل لكن ولأن أوامر قبض بالإرهاب والفساد صادرة بحقي سجلت الحركة في مفوضية الانتخابات باسم كامل الدليمي عام 2008 وبعد حسم القضايا تحول منصب الأمين لشقيقي محمد، وعام 2019 توليت المنصب".
في العام نفسه، يقول جمال الكربولي، "صدر أمر قبض ضدي وحاولت الفرار عبر مطار بغداد فألقي القبض علي فيه ونقلت إلى اللجنة التحقيقية المشتركة ضمن الطوق الأمني لوزارة الداخلية، بقيت 3 أيام سلمتني بعدها القوات العراقية إلى القوات الأميركية فنقلتني الى الخضراء وطلبوا من أحد اقاربي تسلمني وانا خرجت عبر الطريق السريع إلى الأردن".
ويتابع "بعد فترة جاءني وفد من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (اف بي اي) حيث أقيم (في الأردن) وأبلغوني بالرجوع وتسليم نفسي للمحاكم العراقية لأنهم أحرجوا وحدثت مشكلة مع السلطات العراقية لتدخلهم في القضية، وأخبروني أنها سهلة".
"عدت للعراق وسلمت نفسي للجنة التحقيق المشتركة وبقيت عندها 4 أشهر وخرجت بعدها من السجن وعدت للأردن ثم صدرت بحقي أوامر قبض من سلطات النزاهة"، يقول.
"الحل" مساحة فساد جديدة
في انتخابات 2010 دخلت حركة الاصلاح والتنمية "الحل" الانتخابات وفازت بـ12 مقعداً في البرلمان. كان رئيس الوزراء وقتها نوري المالكي بحاجة لمقاعد من أجل التجديد له وكان يعد للكتلة الأكبر "فأرسل مبعوثان عزت الشابندر وعبد الحليم الزهيري وتفاوضا معي وقالوا إن المالكي يريد التحالف معه بأي ثمن فاشترطت تحويل ملفات القضاء علي الى الأنبار، ووافقا على الشرط".
نقلت الملفات فعلاً الى الأنبار، يروي الكربولي "وذهبت وسلمت نفسي إلى مركز شرطة الحامضية في المحافظة وبقيت فيه 21 يوماً أغلقت بعض الملفات نهائيا وخرجت من غيرها بكفالة ضامنة".
وعندما توزعت الحقائب الوزارية وفق آلية "المحاصصة" الطائفية، "اخترت وزارة الصناعة ووزارة أخرى ضمن المحاصصة والاتفاق مع المالكي، وعينت أخي أحمد وزيراً لها وبسبب ضعف اداراته للوزارة كان الدور الأكبر والفاعل في ادارتها أخي الثاني محمد، فكان يبرم العقود لصالح تجار معينين مقابل حصة من كل عقد ويرسل حصتي عبر باسم شياع الذي يعمل معه منذ فترة طويلة".
من بين العقود، يتذكر الكربولي "تجهيز وزارة الصناعة بمحطة كهربائية مقابل 4 ملايين دولار، حصتي منه 100 ألف. العقد الثاني توسعة معمل اسمنت عام 2012 في الأنبار ولي حصة منه. ثم تمرير عقد لعلي الدباس (رجل أعمال؛ مقابل مبنى في منطقة عبدون في عمان فيها مقر قناة دجلة، بقيمة مليون ونصف دولار".
وأيضا "عقد شراكة للدباس مع شركة التبوغ والسجائر وكان يستوردها من الخارج ويسوقها كمنتج محلي من شركة سومر مقابل 50- 100 مليون دينار شهرياً لي، فضلاً عن عقد تجهيز فرن اذابة حديد لضياء المساري (رجل أعمال) ولا اتذكر قيمة العقد وحصتي فيه، إضافة إلى تجهيز ابراج الضغط العالي لوزارة الكهرباء عبر وزارة الصناعة، وكانت حصتي 250 ألف دولار عن طريق شقيقي محمد".
ومن بين العقود "عقد مشروع مجاري إحدى مدن البصرة عبر وزارة الصناعة، وكانت حصتي 100 ألف دولار أوصلها لي باسم شياع، وعقد تأهيل لمشروع ماء فوسفات القائم عبر شركة بريطانية وعراقية وحصتي فيه ١٦٠ الف دولار، فصلاً تأهيل معمل اطارات الديوانية وحصتي فيه ٧٠ الف دولار مع تأهيل معمل اسمنت الموصل وكانت حصتي ٢٠٠ الف دولار".
ويختم جمال الكربولي قائلاً "عبر قناة دجلة قمنا بابتزاز وحصلنا عبرها على أموال طائلة".