ردت كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني بمجلس النواب العراقي، اليوم السبت، على تجمع نواب الوسط والجنوب.
وأدناه نص الرد:
تحت ستار تمثيل أهل الوسط والجنوب، أصدرت مجموعة من النواب، تنصب نفسها ممثلة لأهلنا في الوسط والجنوب، بياناً يتضمن استهدافاً سافراً على إقليم كوردستان وشعبه، وتلوح فيه بقطع الرواتب وقوت المواطنين، وبما يتناقض تماماً مع الواقع المزري الذي تعانيه محافظات الوسط والجنوب، حيث يفتقر المواطنون لأبسط مقومات الحياة الكريمة من خدمات وطرق ومستشفيات. ففي حين يُرسل لإقليم كوردستان نحو 6.5% فقط من الموازنة الاتحادية، يظل التساؤل: أين تصرف نسبة الـ93.5% المتبقية من الموازنة في مناطق الوسط والجنوب؟ مما يدحض ادعاءات هذه المجموعة بتمثيلها لأهل تلك المناطق، ففي الانتخابات الأخيرة، لم يشارك سوى 20%، ولم تنل هذه المجموعة إلا 4% فقط من أصوات الناخبين، فكيف تدّعون تمثيل الوسط والجنوب. لقد وصلتم إلى السلطة بفضل انسحاب بعض النواب، وحتى 10% ابناء محافظاتم لم يصوتوا لكم، فبأي صفة تتحدثون باسم العراق. وكان الأولى بهذه المجموعة أن تطالب بحقوق أبناء الوسط والجنوب المهمشين الذين يئنون تحت وطأة الفقر والحرمان، بدلاً من استهداف الإقليم ومواطنيه.
وفي الوقت الذي تعتبرون كوردستان ليست جزءاً من العراق، ولكنكم لا تكفون أيديكم عنها ولن تصلوا إلى مستوى تطورها وتقدمها. ولأنكم تخافون من العيش في باقي مناطق العراق، لذا تنقلون منازلكم إلى كوردستان. الحسد والغيرة أعمت بصيرتكم، وحجبتا عنكم رؤية الحقيقة الجليّة.
إن إقليم كوردستان إقليم اتحادي بموجب الدستور، ولا يحق لكم التدخل في شؤونه الداخلية، ولن نسمح لكم.
إنّ انتماءكم لفئة تتّسم بالكراهية والشوفينية المقيتة، لا يمنحكم الحق في تمثيل كلّ الشعب العراقيّ، ولستم بممثلي أهل الوسط والجنوب، فثمة علاقات تاريخية وطيدة بين شعب كوردستان وأهلنا في الوسط والجنوب، وهذه الأباطيل والافتراءات لا تنطلي عليهم.
لو كان همُّكم كوردستان، فلماذا تمانعون وتعارضون تعويض ضحايا الأنفال الذين استشهدوا بفعل عقلية تشبه عقليّتكم؟
لن ترضوا بنجاح كوردستان لاستفحال الحسد والغيرة في نفوسكم.
تدّعون تمثيل مناطقكم التي تشكل 94% من إيرادات العراق، لكن البلاد لا تزال في أسوأ أوضاعها.
أتدركون لماذا؟
لأنّنا لا نسلك سبيلكم في اتخاذ القرارات. وبسبب نهبكم وفسادكم وعدوانيّتكم وكراهيّتكم للقوميات والأديان والمذاهب المختلفة، لن تُفلحوا أبداً.
احذروا مغبّة هذه المواقف العدائية، لأنّ مآلكم الفشل لا محالة.
وعليه، لا بدّ من توضيح ما يلي:
أولاً: بخصوص الرواتب والإيرادات
فيما يتعلق بالتزامات حكومة إقليم كوردستان، تنص المادة (12) من قانون الموازنة الاتحادية، وبعد صدور قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم (212/اتحادية/2022)، على صرف رواتب موظفي ومتقاعدي إقليم كوردستان دون أي عراقيل، فقد وضع قرار المحكمة الاتحادية الأساس القانوني لصرفها بعيداً عن المناكفات والمشاكل السياسية، أسوةً بباقي أنحاء العراق. وعلى الرغم من ذلك، لم تُرسل الحكومة الاتحادية رواتب موظفي الإقليم لثلاثة أشهر في عام 2023، بالإضافة إلى راتب شهر كانون الأول (12) من عام 2024.
وبعد أن تباينت الآراء بدايةً حول نسبة تسليم الإيرادات غير النفطية، عقد اتفاق بين رئيس مجلس الوزراء الاتحادي ورئيس وزراء الإقليم في شهر أيار الماضي، بموجب المادة (29) من قانون الإدارة المالية رقم (6) لسنة 2019. وعليه، أودع إقليم كوردستان حصة الخزينة الاتحادية من الإيرادات غير النفطية في الحساب المصرفي لوزارة المالية العراقية في فرع أربيل للبنك المركزي العراقي، على مدى خمسة أشهر متتالية، كان آخرها بتاريخ (16/10/2024).
لكن وزارة المالية الاتحادية خفضت تمويل الرواتب الشهرية بشكل كبير منذ شهر تشرين الأول، حيث خصصت (760,000,000,000) دينار فقط لذلك الشهر، مما اضطر حكومة إقليم كوردستان إلى استخدام الإيرادات غير النفطية لتغطية العجز في الرواتب. ففي ظل عدم قيام الحكومة الاتحادية بتمويل رواتب الإقليم، اضطرت حكومة الإقليم إلى صرف 960 مليار دينار من إيراداتها الداخلية لتغطية العجز الحاصل في الرواتب.
وفي شهر أيار، أبدت حكومة إقليم كوردستان استعدادها لتسليم جميع الإيرادات غير النفطية إلى رئيس الوزراء الاتحادي، شريطة أن تصرف الحكومة الاتحادية الموازنة التشغيلية والاستثمارية لإقليم كوردستان كما تم التصويت عليها في قانون الموازنة.
وفيما يتعلق بإيرادات المنافذ الحدودية، نؤكد مجدداً أن جميع هذه الإيرادات مذكورة بوضوح في تقرير ميزان المراجعة الشهرية للميزانية العامة الاتحادية، وجرى تدقيقها من قبل الفرق المشتركة لديواني الرقابة المالية في الإقليم والحكومة الاتحادية.
نظراً لامتناع الحكومة الاتحادية عن صرف المستحقات المالية للإقليم وفقاً لقانون الموازنة لعام 2023 بحجة قانون الإنفاق الفعلي، اضطر الإقليم إلى الحصول على ثلاثة قروض لصرف رواتب الرعاية الاجتماعية. ومن الجدير بالذكر أيضاً، أن الحكومة الاتحادية قد أنفقت على مشاريع استثمارية بخلاف قانون الموازنة وخارج إطاره.
إن صرف الرواتب جاء بناء على قرار المحكمة الاتحادية، على الرغم من وجود مخصصات في قانون الموازنة، إلا أنه في عام 2024 لم يتم صرف نحو (823,000,000,000) دينار كحصة إقليم كوردستان في فقرات (تعويضات الموظفين والرعاية الاجتماعية). بينما أنفقت الحكومة الاتحادية في عام 2024 مبلغ (26,800,000,000,000) دينار على مشاريع الاستثمار وسلف المشاريع في محافظات جنوب ووسط العراق دون إرسال دينار واحد إلى الإقليم.
وفيما يتعلق بالإيرادات الداخلية، طالبنا مراراً بضرورة توضيح وتحديد الإيرادات الداخلية الاتحادية، لأن جميع القوانين منحت الحق في بعض هذه الإيرادات للمحافظات، بما فيها إقليم كوردستان. لكننا نفاجأ بأن الحكومة الاتحادية، وفي دولة اتحادية منح دستورها هذا الحق للإقليم، تتعامل مع الأمر وفق قانون مركزي.
كان من واجبكم متابعة حجم المبالغ والإيرادات غير النفطية بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية.
بلغ الإنفاق الفعلي للدولة في عام 2024، 156 تريليون دينار، تم دفع 10 تريليونات دينار منها إلى الإقليم، أي ما يقارب 6.5٪، في حين أن نسبة الإقليم من سكان العراق حسب التعداد السكاني تتجاوز 14٪.
وعلى الرغم من تخصيص أكثر من 4.5 تريليون دينار للميزانية التشغيلية والاستثمارية، إلا أنه لم يُصرف لإقليم كوردستان دينار واحد حتى الآن.
حقق إقليم كوردستان، بثلاث محافظات ومطارين وأربع منافذ حدودية دولية، إيرادات غير نفطية في عام 2024 تجاوزت (4,300,000,000,000) دينار.
حققت الحكومة الاتحادية، بـ(15) محافظة و(4) مطارات و(21) منفذاً حدودياً وعدة موانئ مائية، إيرادات غير نفطية في عام 2024 بلغت نحو (8,500,000,000,000) دينار، وهذا يؤكد حقيقة أن معدل الفساد في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الاتحادية أعلى بكثير ولا وجه للمقارنة مع الإقليم.
وفيما يتعلق بالمنافذ الحدودية، نوضح أن المنافذ في الإقليم قائمة وتعمل وفقاً للقوانين والتعليمات، بينما في باقي مناطق العراق أصلاً لا يوجد شي باسم المنافذ، بل أصبحت الحدود سائبة ومفتوحة دون ضوابط ولكل من هبّ ودبّ، ومرتعاً خصباً لتجارة المخدرات والفساد.
ثانياً: فيما يخص الثروات الطبيعية
1. لم يقم الإقليم بتصدير النفط إلا بعد أن أقدمت الحكومة الاتحادية على قطع الميزانية عنه في عام 2014.
2. جرت مراسم افتتاح تصدير نفط الإقليم بحضور كل من فخامة رئيس جمهورية العراق ورئيس إقليم كوردستان، ما يعني أن التصدير لم يكن من طرف واحد وإنما بعلم ومشاركة الحكومة الاتحادية.
3. تم تصدير النفط المنتج من حقول الإقليم والكميات المنتجة من شركة نفط الشمال في كركوك والتابعة لوزارة النفط الاتحادية معاً عن طريق خط أنبوب الإقليم إلى ميناء جيهان التركي، حيث بلغت الكمية المنقولة من نفط كركوك فقط أكثر من 141 مليون برميل دون أن يُدفع دينار أو دولار مقابل ذلك.
4. لم يكن قرار إيقاف التصدير في 25/3/2023 من جانب الإقليم، وإنما جاء نتيجة الدعوى التي أقامتها وزارة النفط الاتحادية على وزارة الطاقة التركية، وعلى أثرها توقف التصدير.
5. أدى إيقاف تصدير نفط الإقليم من (25/3/2023 الى 25/1/2025) إلى إلحاق أضرار مادية بالموازنة المالية لكل من الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، بما لا يقل عن (22) مليار دولار، بينما لا يُتوقع، في أحسن الأحوال، أن تكسب وزارة النفط الاتحادية من الدعوى المقامة على تركيا سوى (3.5) مليار دولار.
6. بعد إيقاف عملية التصدير وخلال أسبوع واحد، عُقدت عدة اجتماعات بين وفد حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية، وتوصلنا إلى توقيع مذكرة اتفاق بحضور كلا رئيسي الوزراء في الحكومة الاتحادية والإقليم في 4/4/2023 حول استئناف التصدير، وللأسف لم تُنفذ الاتفاقية من قبل الحكومة الاتحادية.
7. طلبت وزارة النفط تسليم نفط الإقليم إلى المصافي التي تعمل لصالح وزارتهم، ومن منطلق حسن النية قمنا بذلك من 25/6/2023 إلى 30/11/2023، وسلمنا (11,816,280) برميلاً، لكن لم تقم وزارة المالية بدفع مستحقات الشركات المنتجة والناقلة مقابل هذه الكمية، وعلى إثرها توقفت الشركات عن التجهيز.
8. إن نفط الإقليم المنتج جزئياً هو لتغطية الاستهلاك الداخلي من مادتي البنزين والنفط الأبيض، ودفع أجور التصفية للمصافي التي تعمل لصالح الإقليم، وأجور شراء الغاز من الشركات المنتجة، ووقود للمحطات الكهربائية التي نغذي بجزء منها الشبكات الكهربائية الوطنية التابعة لوزارة الكهرباء الاتحادية.
9. عقب إيقاف تصدير نفط الإقليم، كان من المفترض أن تقوم وزارة النفط الاتحادية بتجهيز الإقليم، أسوة بباقي مناطق العراق، بالمشتقات النفطية من (البنزين، الديزل، النفط الأبيض، ووقود المحطات الكهربائية) وبالأسعار المعمول بها في باقي أنحاء العراق. إلا أن ذلك لم يحدث، مما اضطر الإقليم إلى اللجوء للإنتاج لتغطية احتياجات الاستهلاك اليومي الداخلي، علماً بأن وزارة النفط الاتحادية تقوم بتصفية ما لا يقل عن مليون برميل يومياً دون تجهيز الإقليم.
10. فيما يتعلق بموضوع سعر بيع برميل النفط الخام المُباع محلياً في الإقليم ومقارنته بسعر البيع عن طريق شركة (سومو) دولياً، فمن المؤكد وجود فارق في السعر، لكون البيع نتج عن حاجة الإقليم إلى الاستهلاك للمشتقات النفطية والتي لا تناظر الأسعار العالمية، ولم يُبدِ الإقليم أي اعتراض على أن تتولى شركة التسويق (سومو) بيع نفط الإقليم، شريطة أن تُدفع مستحقات هذه الشركات إلى حكومة الإقليم لكي تسدد مستحقات الشركات المنتجة للنفط مقابل ذلك.
11. أُبرمت عقود الشركات النفطية في الإقليم وفقاً للسياقات القانونية المعمول بها دولياً، ولذلك فإن بيع النفط بأي سعر يجب أن يكون برضى كلا الطرفين (الشركات، وكذلك لجنة متخصصة لهذا الغرض في الوزارة)، وليس اتخاذ القرار من طرف واحد.
12. فيما يخص تطبيق المادة 12 ثانياً (أ) في حالة تصدير نفط الإقليم، وهذا متوقف على الجانب الاتحادي، فإننا مستعدون للتصدير شرط أن يتم تأمين مستحقات الشركات النفطية. وبشأن موضوع المادة (12) ثانياً (ب) في حال عدم التصدير، أي للمصافي الداخلية، وهذا ما قمنا به وسلمنا (11,816,280) برميل، ولم تقم وزارة المالية بدفع مستحقات هذه الكمية إلى حكومة الإقليم، وعلى إثرها امتنعت الشركات عن التجهيز.
وأقر مجلس الوزراء الاتحادي تعديل هذه المادة في 5/11/2024، وجرت القراءة الأولى لمشروع التعديل في مجلس النواب بتاريخ 26/11/2024، والقراءة الثانية في 13/1/2025، ثم عُرضت المادة للتصويت في 21/1/2025. لكن للأسف، لم يُصوّت عليها، ولا ذنب للإقليم بشأن ذلك.