خلص مقال لباحث عراقي في معهد كارنيغي للشرق الأوسط، الأحد (3 كانون الأول 2021)، إلى أن أي تقارب أميركي– إيراني قد يعني العودة إلى تقاسم النفوذ في العراق من خلال "ضبط أكبر للفصائل"، فيما رأى أن التوتر الأخير بين واشنطن وطهران "لا علاقة مباشرة له بالانتقام لقاسم سليماني"، لافتاً إلى وجود مساعٍ من داخل الولايات المتحدة وخارجها لحث الرئيس دونالد ترامب على قصف مفاعل نطنز النووي الإيراني قبل تسليم البيت الأبيض لخلفه جو بايدن.
وقال حارث حسن، الباحث غير المقيم في معهد كارنيغي للشرق الأوسط، في مقال تابعه موقع IQ NEWS، إن "هدف الولايات المتحدة من التحركات العسكرية الأخيرة هو ارسال رسائل قوية لإيران بانه سيكون هنالك رد قوي في حالة قيام الجانب الايراني، او أطراف مقربة منه بعمليات قد تؤدي الى مقتل مواطنين أمريكيين، أي ان الهدف الأساسي هو الردع، وهنا حتى مع علم واشنطن ان إيران لا تسيطر تماماً على كل تحركات الفصائل الموجودة في العراق".
وأضاف حسن الذي عمل مستشارا لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أن "ارسال رسالة من هذا النوع لطهران هدفه أيضا ان تمارس الأخيرة اكبر قدر ممكن من الضغط على الفصائل المقربة منها لضبطها"، مبيناً أن "المشكلة هنا اننا نواجه حالة ما يسمى في العلاقات الدولية بالـ security dilemma حيث ان كل طرف يسعى الى تأكيد قدرته على الانتقام فيدفع الطرف الآخر الى زيادة التأهب".
ولفت إلى أن "المتغير الأساسي هنا هو شخصية ترامب وصعوبة التكهن بأفعالها، مما يربك الجانب الإيراني اكثر خصوصاً مع شعور الإيرانيين انهم يفقدون مصداقية الردع وفقدانهم لهذه المصداقية سيشجع الطرف الآخر على مواصلة ضرب مصالحهم".
وأشار الباحث العراقي في معهد كارنيغي للشرق الأوسط،، إلى الانباء المتداولة مؤخراً "عن نقاش جرى في داخل الإدارة حول إمكانية توجيه ضربة لمفاعل نطنز الذي اشر تقرير لوكالة الطاقة الذرية الدولية، ان الإيرانيين نقلوا اليه أجهزة طرد متطورة تحت الأرض، وهو ما يخرق الاتفاق النووي"، مبدياً اعتقاده بأن "التصعيد الأخير ليست له علاقة مباشرة بالانتقام لسليماني، بل ان الإيرانيين يريدون ان يظهروا اكبر قدر من التأهب في حالة قررت إدارة ترامب توجيه هذه الضربة".
واستدرك "صحيح ان التقارير اشارت الى ان كبار مسؤولي الإدارة لم يشجعوا على مثل هذا الخيار، الا انه يمكن توقع ان هناك من يضغط في واشنطن، وربما في المنطقة، لضرب هذا المفاعل بانتهاز فرصة وجود ترامب في البيت الأبيض ومع احتمالات ان تتجه إدارة بايدن الى العودة للاتفاق النووي".
"بعد تولي إدارة بايدن مسؤوليتها"، يمضي حارث حسن قائلاً، "لا اتوقع انه ستكون هناك عودة سريعة للاتفاق النووي، لكن قد تجري اتصالات سرية بين الجانبين للاتفاق على شروط العودة الى الاتفاق النووي"، لافتا إلى تصريحات سابقة لجلاك سوليفان، المكلف من بايدن بمنصب مستشار الامن القومي والذي لعب دوراً اساسياً في الاتفاق النووي، مفادها أن "هنالك شروطاً ضرورية يجب ان يتم التوصل اليها قبل العودة للاتفاق، وهذه المرة سيكون الموقف الأمريكي مدعوماً بموقف شركاء اوربيين متفهمين".
وأوضح الباحث حسن، أن "السؤال المطروح بقوة اليوم هو هل ستكون العودة للاتفاق النووي نهاية المطاف، ام بداية لمسار (تطبيع) وضع ايران في المنطقة، وهو مسار حاولت إدارة أوباما اختباره –لكن بشكل غير جدي".
وأشار إلى أن سوليفان شارك بكتابة مقالة في (فورين افيرز) تحدثت عن ضرورة العمل على ترتيب إقليمي جديد عن طريق تهدئة وتطبيع علاقات ايران بدول المنطقة"، وهو ما يعني، وفقاً لحارث حسن، ان "تتصرف ايران كدولة طبيعية، وهو تحدٍ كبير لإيران لسببين، الأول انه قد يعني التخلي عن أوراق تأثير أساسية ساعدتها على نقل المعركة الى خارج اقليمها، والثاني مواجهة السؤال الداخلي الذي تأجلت الإجابة عليه تحت الحاح (مواجهة الأعداء): الدولة ام الثورة؟ الاتجاه الى البناء الداخلي ام مواصلة الاستثمار في التفتت الخارجي؟".
وختم حسن مقاله بالقول "عراقياً، اذا كانت مواجهة إيرانية-أمريكية ستترك اثراً كبيراً على الاستقرار الهش والصراع بين الدولة و"اللادولة"، فان اي تقارب امريكي-إيراني مستقبلاً قد يعني العودة الى تقاسم النفوذ، بقدر ما يعني ضبطاً ايرانياً اكبر للفصائل".