العراق يتذيل قائمة الدول "الأكثر فسادا".. هل يخضع حكامه للمساءلة؟
- 2-02-2021, 17:58
- تقارير
- 1919
بغداد - IQ/ عادل المختار
فيما يبدو أمرا معتادا وحتى "سُبّة"، تبوأ العراق مجددا مراكز متقدمة بين البلدان "الأكثر فسادا"، وفقا لأحدث تقرير صادر عن منظمة الشفافية العالمية، في ظاهرة تكرست لتحرم الناس من حقوقهم الأساسية.
فوضى وفشل
يرى رئيس هيئة النزاهة الأسبق موسى فرج، أن تقرير منظمة الشفافية الدولية لا يعتمد حجم الأموال التي يستنزفها الفساد في الدول المختلفة من العالم، وإنما يعتمد فضلا عن ذلك جملة معايير أخرى تسلسلا للدولة في قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم وفي مقدمة تلك المعايير الجهود المبذولة من قبل حكومة تلك الدولة ونظامها السياسي في مكافحة الفساد وتهيئة البيئة المناهضة له، ومدى خضوع الحكام للمساءلة وعمق ثقة الاوساط الشعبية والجهات الدولية بحكومة الدولة المعنية وواقع التزامها بالقانون، إلى جانب حجم المشاركة الشعبية في الحكم ونظافة الانتخابات ومستوى الاستقرار أو الفوضى في البلد.
ويقول فرج لموقع IQ NEWS، إن "احتلال العراق لموقعه في نهاية العتبة الأولى على مدرج الفساد المكون من تسع درجات يفسر واقع الأمور في العراق ومدى انحداره في عتمة الفوضى والفشل وانعدام الثقة المحلية والدولة بحكامه"، موضحا أن "العراق جاء تسلسله 160 من 180 على لائحة الدول الأكثر بعدا عن النزاهة وايغالا في الفساد واحتل المرتبة السادسة عربيا بعد جنوب السودان والصومال وسوريا واليمن".
العراق يتقدم مرتبتين
يقول رئيس مؤسسة النهرين لدعم الشفافية والنزاهة محمد رحيم الربيعي لموقع IQ NEWS، إن "العراق تقدم درجة واحدة على مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية عام ٢٠٢٠، وهذا بالحقيقة يعد تقدما ٣ درجات منذ عام ٢٠١٢ عندما كان قد حصل على ١٨ درجة، مشيرا إلى أن "الفساد السياسي يمثل تحديا كبيرا أمام تقدم العراق على هذا المؤشر بسبب الفساد المترسخ في النظام السياسي والذي يحرم الناس من حقوقهم الأساسية، بما في ذلك الحصول على المياه الصالحة للشرب والرعاية الصحية والكهرباء المستمرة وفرص العمل والبنى التحتية الملائمة".
ويضيف الربيعي، أن "المؤشر الذي يصنف 180 دولة وإقليماً حسب المستويات المدرَكة لفساد القطاع العام فيها يستخدم وفقاً للخبراء وأوساط الأعمال، مقياساً من صفر إلى 100، حيث يكون الصفر الأكثر فساداً و100 الأكثر نزاهة"، موضحا أن "أكثر من ثلثي البلدان تسجل أقل من 50 درجة على مؤشر مدركات الفساد لهذا العام، بمتوسط 43 درجة فقط، وتُظهر البيانات أنه على الرغم من إحراز بعض التقدم، لا تزال معظم البلدان تفشل في معالجة الفساد بشكل فعّال، والعراق بالمرتبة ٢٠ من بين البلدان الأعلى فسادا لعام ٢٠٢٠، بينما كان بالمرتبة ١٨ لعام ٢٠١٩، علما ان التقرير لا يقيم قضايا غسيل الأموال وتهريبها".
هدر وتضخيم بالأسعار
الناشط المجتمعي والخبير في مجال تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد سعيد ياسين موسى، يوضح أن "العراق احتل حسب تقرير مؤشرات مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية العالمية للعام 2020، والذي شمل 180 دولة، المرتبة 160، وبالمقارنة مع تقرير 2019 تقدم العراق مرتبتين من حيث تسلسل الدول حيث كان بالمرتبة 162، وكان لجائحة كوفيد -19 تأثير كبير على جميع الدول ومنها العراق.
ويقول موسى لموقع IQ NEWS، إن "أبرز التحديات هي وصول الخدمات الضرورية الى الفئات الهشة والضعيفة نتيجة جائحة كورونا، وضرورة تقوية ودعم وحماية الجهات الرقابية من خلال سيادة القانون وإنفاذ القانون والتشريعات الضرورية وفق اتفاقية مكافحة الفساد"، مشيرا الى أن "العراق ألغى منظومة مكاتب المفتشين كرقابة استباقية وعدم الاستجابة الكاملة لمتطلبات الجهات الرقابية وإدارة الوظائف العامة والحماية السياسية للفساد والإفلات من العقاب إضافة الى متطلبات سيادة القانون وإنفاذ القانون".
ويشير موسى إلى أن "تحدي كورونا في العراق كان كبيرا، إلا أن اتخاذ إجراءات مهمة رغم ضعف تمويل قطاع الصحة والإمكانات المحدودة من حيث المباني والمختبرات يظهر أن العراق تجاوز الجائحة من خلال الدعم الشعبي ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية وشركات قطاع الأعمال والإعلام، ومازال تحدي شفافية العقود والمشاريع والمشتريات الحكومية هو الأكبر في ملف الفساد والتي تسبب بهدر كبير واستحواذ على المال العام من قبل أطراف متنفذة، وتضخيم الأسعار التخمينية في العقود والمشاريع والمشتريات، وضعف السياسات العامة في إدماج القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني وحماية الإستثمار".
ويلفت موسى الى أن "ملف حقوق الإنسان وحرية التعبير كان له تأثير في مؤشر مدركات الفساد (2020) حول العالم والعراق والتظاهرات الشعبية وما تخللها من انتهاكات من قبل القوات الحكومية واستخدام القوة المفرطة والمميتة في أحيان كثيرة والاستجابة للجمهور، كما أن ملف جودة الديمقراطية والمشاركة السياسية كان له حضور في العراق من خلال الاستجابة للجمهور وإقرار إجراء انتخابات مبكرة وتشريع تعديلات مهمة على قانون الانتخابات وباعتماد دوائر متعددة والترشيح الفردي والصوت الواحد غير المتحول".
وكان تقرير منظمة الشفافية العالمية لعام 2020، أدرج العراق في المرتبة السادسة ضمن قائمة الدول العربية، والمرتبة 160 عالمياً ضمن أكثر الدول العربية فسادا متقدما على ليبيا والسودان واليمن وسوريا والصومال.