مشاريع معطلة ومتلكئة تنهي أحلام سكان الأهوار في ذي قار
- 23-10-2020, 13:22
- تقارير
- 1966
بغداد - IQ
على الرغم من النشاط الإقتصادي الملحوظ في مناطق الأهوار بمحافظة ذي قار، والتي دب فيها بشكل واضح خلال السنوات القليلة الماضية، الا أنها لم تكن بمستوى طموح الاهالي والسكان في تلك المناطق التي عاشت سنوات طويلة من الحرمان والجفاف وتراجع الحياة الاقتصادية حتى بعد العام 2003.
ولم تكن هناك أي مشاريع حكومية ملموسة يمكنها أن تغير من وضع سكان الاهوار، وحتى المشاريع الحكومية ومشاريع إنعاش الأهوار شهدت تلكؤا وهدرا بالمال العام وبقيت أوضاعهم بسيطة لم يتغير منها شيئا طوال السنوات الماضية برغم الحركة السياحية المحدودة.
لم تتخلص الأهوار من لعنة الجفاف، ففي العام 2015، كانت قد شهدت بداية موجة الجفاف فيها، بعد أن تراجعت مناسيب المياه في مساحات واسعة منها ونفوق المئات من حيوانات الجاموس والاف الأسماك، فيما هاجرت أعداد من العوائل الى مناطق الفرات الأوسط بحثا عن المياه.
وإزاء ذلك، لم تكن هناك أية إجراءات حكومية لإيقاف هجرة السكان أو تعويضهم أو إيجاد حلول لهم، بل اكتفت الحكومة المحلية والمركزية بالتصريحات الصحفية، بينما كان الجميع يشاهد سكان الاهوار وهم يهربون بعيدا للبحث عن المياه، لكونه المصدر الوحيد الذي تستمر عليه حياتهم اليومية.
وظل المواطنون يتأملون مواقف حكومية لصالحهم بأسرع وقت، لكن كل ذلك كان مجرد أمانٍ، وحتى المؤسسات المعنية حينما باشرت في تنفيذ بعض المشاريع، سرعان ما انسحبت وبقيت معلقة دون فتحها من قبل الجهات الرقابية، ولا تزال أثار عدد من المشاريع شاخصة وبعضها مجرد مشاريع على الورق.
يقول حسن الأسدي وهو من سكان الأهوار لـIQ NWES، إن "هذه المناطق لا تزال تعاني، ولم تجد أية فرصة لإنعاشها، إذ لا تزال الحياة تسير ببطء شديد، والناس تعيش على موارد اقتصادية محدودة، فالاسواق لا تزال مثلما هي عليه والسكان يعيشون حياتهم على الأسماك والكثير من الشباب يبحث عن فرص عمل".
ويتابع، "الجفاف سبب لنا الكثير من المشاكل، بدأ الكثير من الناس يترك مناطق الاهوار ويقوم ببيع مما لديه من جاموس ويعيش في المدن الحضرية، لأن كل الأعمال هنا تعتمد على الماء، وعندما جف هرب الجميع، اليوم الحياة أفضل مما هي قبل 4 سنوات أو أكثر ولكن نأمل أن نشاهد وجود مشاريع استثمارية في هذه الأماكن المهمة والجميلة".
في أذار 2019، كشفت لجنة حكومية مختصة بملف الاهوار والأثار عن إختفاء 44 قرية وعشرات المدارس والمراكز الصحية من خارطة الاهوار الوسطى بمحافظة ذي قار، فبحسب بيانات إحصائية لعام 1977، قد أثبتت وجودها، كذلك تم الغاء 15 مدرسة كانت مدرجة ضمن مشاريع إنعاش الاهوار وتوقف العشرات من المشاريع الخدمية والمدارس والمراكز الصحية والكهرباء.
يقول قائممقام قضاء الجبايش السابق بديع الخيون لـ IQ NWES، بأن "هناك الكثير من المشاريع المتلكئة في مناطق الاهوار، سيما المشاريع التي تكون إحالتها مباشرة من الحكومة المركزية، منها مشاريع إنعاش الاهوار والمشاريع الوزارية".
ويضيف، "كمية الاموال المهدورة في مشاريع الأهوار تتجاوز ال20 مليار دولار"، متوزعة على مشاريع خدمية وسياحية مهمة، كان من المؤمل أن تكون مشاريع مهمة تنقذ مناطق الأهوار والسكان وتوفر فرص عمل لأبنائها".
وعلى الرغم من دخول الأهوار لائحة التراث العالمي عام 2016، الا أنها بقيت كما هي، بينما إزدحم الطريق المؤدي الى الاهوار بسيارات المسؤولين الذين إكتفوا بالتقاط الصور ومنح الوعود للسكان بالمشاريع والأحلام الكبيرة والسياحة العالمية على غرار المدن المائية في مدن العالم.
سجلت محافظة ذي قار عام 2018 نزوح أكثر من أربعة آلاف عائلة من سكان الأهوار إثر الجفاف الذي تفاقم خلال تلك السنة، في حين نفق ما يقارب عشرين ألف رأس من الجاموس، إضافة إلى كميات كبيرة من الأسماك.
يؤكد ناشط ومتابع في شأن الأهوار بأن "مشاريع إنعاش الأهوار فيها مشاريع وقتية ومشاريع لم تعمل الإ بضعة أيام، منها محطات الـ"RO"، التي نفذها مركز إنعاش الأهوار، وهي ذات طاقة إنتاجية صغيرة مقارنة بالمبالغ الكبيرة التي صرفت عليها، بالإضافة لمرسى الزوارق في مدينة الفهود والذي بني على أرض شبه جافة وضحلة وبقيمة مالية 6 مليار دينار و 900 مليون ".
ويتابع الناشط الذي فضل عدم ذكر أسمه، لـ"IQ NWES"، "كذلك تم تنفيذ مشروع قاعة إجتماعات في العام 2017 وتم تسليمها لوزارة الموارد المائية ولم يتم فتحها أو يحصل إجتماع فيها، مما تسببت بهدر كبير للمال العام الذي كان من المفترض أن يتم صرفه في بناء مستشفى بيطري أو مستشفى للناس أو بناء مراكز بحثية تتابع شأن الاهوار".
في العام 2017، أكد الإدارة المحلية في قضاء الجبايش، جنوب شرق الناصرية بأنه كان هناك خطة لطرح 15 مشروعا إستثمارية على رجال أعمال وشركات إستثمارية لتطوير القطاع السياحي في مناطق الاهوار ومن بين المشاريع المطروحة مشاريع انشاء فنادق ومنشآت ومنتجعات سياحية ومطاعم عائمة وألعاب مائية ومحطات استراحة للسائحين وإنشاء قرية سياحية بمساحة 214 دونما.
وفي شباط 2020، وضع وزير الثقافة والسياحة السابق عبدالأمير الحمداني حجر الأساس لإنشاء قرية سياحية في مناطق الاهوار، لكن المشروع لم ينجز.
وقبل أسابيع فقط، كان الناشط البيئي المعروف رعد الأسدي قد فتح ملف المشاريع المتلكئة التي نفذتها دارة إنعاش الأهوار من خلال النشر على فيسبوكـ، لكنه تلقى دعوى قضائية من قبل وزارة الموارد المائية واتهامه بأنه بالسب والقذف والتشهير حول المشاريع التي نفذتها الوزارة.
وكانت الأهوار تغطى بمساحة تقارب 15 ألف كيلومتر مربع حول الجزء الجنوبي من نهري دجلة والفرات، لكنها بدأت الانحسار منذ نشوب الحرب العراقية الإيرانية وحتى مطلع التسعينيات من القرن الماضي، حينما جففها النظام لملاحقة المعارضين.
وتشكل مساحة الأهوار نحو 17 بالمئة من مساحة العراق، وتغطي المياه 3.8 ملايين دونم (الدونم ألف متر) من الأراضي العراقية، ومنها 2.3 مليون دونم مغطاة بمياه الأهوار، بحسب تقارير حكومية.