بين "فايروس" و"طيبة".. مجتمع حساس للمحاذير ووسط فني يخوض في الألغام

بغداد - IQ  

على الرغم من ان العوائل تنتظر كل رمضان الاعمال الفنية بشغف، الا ان المسلسلات جاءت هذا الموسم محبطة للآمال.  فبين مسلسل "فايروس" الذي سبق رمضان واعطى، حسب رأي الشارع، فكرة مبالغ فيها عن واقع الجامعات العراقية والمشكلات التي تحدث فيها، وبين مسلسل "طيبة" الذي استفز العائلات العراقية بشدة، انقسم المشاهد العراقي.


"طيبة" ليست طيبة


وتضمن موسم رمضان ٢٠٢١ نحو 15 عملاً فنياً حمل كل واحد منها فكرة مختلفة عن الأخرى. وعدّ هذا الموسم غزيراً بالإنتاج بالمقارنة مع السنوات الماضية، لكن من بين جميع المسلسلات تصدّر مسلسل "طيبة" النقد.


وتدور أحداث المسلسل حول شابة من أسرة فقيرة تقنع والدها بضرورة الالتحاق بالجامعة، لتفاجأ بعالم جديد لم تشهده من قبل فتقع في حب عمار الشاب الثري الوسيم الذي يلعب دوره تميم التميمي في أول بطولة مطلقة له وتشاركه شخصية "طيبة" الفنانة هند نزار، فيما تجسد الفنانة المعروفة سمر محمد دور سعاد.


وتصف هند نزار شخصية "طيبة" بأنها نموذج موجود في الكثير من العوائل العراقية، وتقول إن الشخصية استفزتها وهي تقرأ بعض مشاهدها لأنها تعبر عن معاناة الكثير من الفتيات في المجتمع العراقي الا ان العوائل كان لها رأي آخر، كما قالت سند حسين الاربعينية والوالدة لفتيات ثلاث لموقعIQ NEWS.


وتحدثت سند عن الرسائل التي أرسلها المسلسل لتركيبة العائلة العراقية، وقالت "بحكم انني صديقة لفتياتي وقربي لكل تفاصيلهن سألت احداهن المتابعة للمسلسل عن رأيها فقالت أنها تركت متابعته لان البطلة يجب ان تكون قدوة للفتيات الجامعيات والاعمار الاصغر منها ايضا الا انها اعطت فكرة ان من حق الفتيات اخفاء حقيقة انها من عائلة فقيرة الحال امام اقرانها في الجامعة، وارى انها اخطر من الدراما التركية على العراقيين لان اخطاءها من مجتمعها اما "طيبة" فهي تجمل شخصية عراقية على خطأ وتشجعها عليه وهذه مصيبة وهي تهدد امن العوائل وكيفية يجب ان تتكاتف لمواجهة اية مشكلة تواجهها".


وتمنت سند لو ان الدراما هذا الموسم استغلت تجمع العوائل على شاشة التلفاز بتعزيز المبادئ الاصيلة والاهتمام اكثر بتفاصيل الابناء وكيفية زيادة تماسكهم واحترامهم لذويهم ولبعضهم البعض ايضاً، لا أن يحدث العكس، خاصة وان من الصعب منع الشباب من مشاهدة برامج واسعة الانتشار والتحدث معهم عن اخطاءها وتوعيتهم بما يمكن ان يتأثروا به بسهولة. 


نقد مبالغ فيه


على صعيد فنّي، تحدث المخرج فهد سامي لموقع (IQ NEWS ) عن طبيعة الدراما وتدرج الاعمال الفنية في السنوات الأخيرة.


 وقال سامي "بالطبع هناك ملاحظات على جميع الأعمال الدرامية لكن حملة النقد كانت مبالغ بها جداً بسبب ارتفاع سقف ذائقة الجمهور لكونه اصبح يشاهد الاعمال العالمية ويقارنها بالاعمال المحلية، متناسياً التباين بالامكانيات الانتاجية واحترافية الكوادر".


وأضاف المخرج العراقي "هناك خطأ شائع للأسف، وهو الاعتقاد بأن الاعمال الفنية يجب أن تحمل رسالة"، مستدركاً بالقول "في الحقيقة الفن مثله مثل الرياضة او الادب، ممكن ان يحمل رسالة وممكن ان يكون مجرد ترفيه، كأي مباراة لكرة القدم تحمل المتعة والترفيه ولا تحمل أي رسالة و برأيي ان يكون العمل بلا رسالة أفضل من رسالة خاطئة لاسيما ان معظم من يكتب الاعمال ليس لديه الوعي الكافي لارسال رسائل".


ونوه الى ان الدراما العراقية في بداية مشوارها (بالشكل الجديد) وهي قيد التقدم، وبالتأكيد لديها نقاط قوة واهم هذه النقاط انها محلية وتتكلم بلهجة المشاهد وتتحدث عن حياته وهذا مالا نجده في أي عمل عالمي.


وعن شكل الممثل وطريقة كلامه وافعاله والتي استفزت بشكل كبير الشارع، قال سامي انها مسؤولية المخرج، لكن تنفيذ ذلك برؤية المخرج بشكل تام في الواقع صعب جداً، لكون الجمهور العراقي لا يتقبل الوجوه الجديدة ببساطة، مما يضطر المنتجين والمخرجين للاستعانة بمشاهير السوشيال ميديا الذين عادةً لا يجيدون العمل الفني ويصعب التحكم بهم.


اين الرقابة!

لكن محمد علاء الدين، المتذوق للفن العراقي، للديه رؤية مختلفة، إذا قال عن مسلسلات هذا الموسم "قديما كانت الاعمال ترضي الذائقة العراقية بشكل دائم خاصة وانها تمر على الرقابة اولا وتعطي ملاحظات تتناسب مع طبيعة التركيبة العراقية وعاداتنا وتقاليدنا وهو ما فقدناه في المسلسلات في السنوات الـ14 الأخيرة"، لكن المخرج فهد سامي يرد على قضية الرقابة بالقول "لا وجود لأي رقابه في العراق حالياً على الاطلاق، كما وان انجاز الاعمال الفنية تتعرض لتدخلات كثيرة وهو ما يجعلها دون رقابة أيضا".


وضرب مثلاً على ذلك قائلاً "احياناً نجد العمل قد انحرف عن السكربت الأول تماماً، اما من يرفض هذه التدخلات فسيعرض نفسه لأن يكون اقل حظاً في فرص العمل مستقبلا وهناك من يقبل هذه التدخلات ويغض البصر".


اما من يمارس هذه التدخلات، حسب رأيه، فتكون من المنتج و الممثلين النجوم او القناة الفضائية المتعاقدة على شراء العمل بالاضافة الى التدخلات غير المباشرة بسبب المحاذير والخوف من الجهات المتنفذة الكثيرة في العراق.


مشكلة كبيرة جدا!

المخرج تحدث عن كتابة النص في العراق، قال انها تواجه مشكلة كبيرة جداً والتي تتلخص بمخاوف من المناطقية والطائفية واثارة نعراتها من جديد.


وأضاف سامي "عندما يبدأ الكاتب فعليه الابتعاد عن الاسماء والمناطق والازياء واللهجات حتى لا يثير حفيظة المتلقي الطائفي، وعليه ايضاً يتجنب الكثير من الاشياء وحتى المفردات اليومية وطريقة كلامنا الحقيقة وبعد كل هذه المحاذير فنحن نُطالب بالواقعية".


فمثلاً، يقول سامي، اللهجة قدمها مسلسل فايروس كانت واقعية جداً بل اقل من لهجة الواقع، لكنه رفض من الجمهور والدراما الجادة وضيفتها يجب ان تتكلم عن الواقع، فاذا تجنبت اسم عباس وحسين وعثمان وبكر وتجنبت الغترة الحمرة والسودة وتجنبت العشائر والدين والقوميات وتجنبت الكلام البذيء (الواقعي للشخصيات التي يجب ان تتلفظه) ماذا تبقى من الواقعية!.


وأردف "إذا بينت في عمل ما فتاة منحرفة ولهجتها من منطقة ما ستقوم الدنيا ولن تقعد، وإذا بينت ان هناك شيخا ظالم ويرتدي غترة سودة ستقوم الدنيا ولن تقعد، بمعنى ان المواضيع الحساسة في العراق نسبتها 90% ولا يمكن الحديث عنها".