أول نادٍ فلكي في العراق.. شباب يبحرون بين الكواكب لصنع مغامراتهم
- 13-09-2021, 11:08
- تقارير
- 2505
بغداد - IQ
بعيون شاخصة للسماء، وبهدوء عميق يجتمع العشرات من الشباب العراقي، بأجهزة ونواظير وتلسكوبات خاصة، ليسافروا في رحلة بعيدة جداً عن الأرض، ويبحرون بين النجوم والكواكب، راصدين حركتها وباحثين عن مغامرتهم الخاصة بينها، مؤسسين ناديهم الفلكي الخاص بهم الذي لا تحده محافظة وما رسم على الأرض من حدود إدارية بينها، بل ينتشرون في العراق كله كما تنتشر الكواكب في المجرة.
وفضّل فريق "نادي هواة الفلك في العراق"، أن يكونوا أول فريق يهتم بهذا المجال ويؤسس مشروعا مستقبليا لحث الشباب بالاهتمام بمجالات أخرى غير تلك المتداولة اليوم، إذ يحرص أعضائه على أن تكون الأبواب مفتوحة لمن يرغب بالانضمام لهذا النادي للتشجيع أيضا لمن يسعى الى دراسة الفلك والعلوم ويتخصص بهذا المجال الذي يبدو نادرا في العراق.
الريادة
وتبدو أسباب التأسيس ملفتة لدى أصحاب النادي، حيث يقول المؤسس الأول مرتضى علي العكيلي، أن "النادي تأسس في تموز 2020، وكانت الفكرة هو أنه لا يوجد في العراق أي مجموعة خاصة تهتم بالفلك حتى وأن وجدت فهي خاملة، عكس ما نلاحظه في تجمعات عربية تهتم بعلم الفلك بشكل واضح".
ويضيف العكيلي خلال حديثه لموقع IQ NEWS، بأنه "قرر تأسيس نادٍ يهتم بهواة الفلك العراقيين وكان موقع التأسيس محافظة الديوانية بمساعدة بعض الأصدقاء والفكرة لاقت استحسان الناس والتشجيع عليها كما تفاعلوا معها، كما أن النادي لا يرتبط بمحافظة دون أخرى، واليوم تم تسجيله رسميا في دائرة الرعاية العلمية في وزارة الشباب والرياضة".
ويوضح العكيلي، أن "النادي صار لديه فرق في أغلب المحافظات باستثناء كركوك وميسان، وفي كل محافظة هناك مقر في منتدى الرعاية العلمية الخاص بهم وكل فريق لديه أنشطة متنوعة وجولات رصد بأماكن عامة وكذلك محاضرات مختلفة ويهدف النادي لرعاية هواة الفلك وتنمية قدراتهم والسعي لتوفير احتياجاتهم، خاصة أن العراق يمنع استيراد التلسكوب الذي هو الأداة الأهم للفلكي ولا يدخل للعراق الا عن طرق غير شرعية".
وفي كل فريق هناك أكثر من 50 عضوا كما يؤكد العكيلي، لكن في "بغداد فقط هناك أكثر من 200 عضو ولدينا مجموعة خاصة على فيسبوك عدد أعضائها يتجاوز الـ63 الف متابع، وفي كل مخيم نقوم به يتجاوز أعداد الأشخاص المشاركين الـ100 شخص ويكون المخيم حسب الأجرام الموجودة".
وفي واسط كما يوضح مؤسس النادي، كان "لدى برنامج المخيم محاضرة تعريفية بالمكان ورصد هلال شهر رمضان ورصد كوكبي المشتري وزحل ورصد كويكبات نجمية مثل الدب الأكبر والأصغر وغيرها، كذلك تصوير مجرة إندروميدا وتصوير سدم وتصوير ذراع مجرة درب التبانة وأخرها تصوير شروق الشمس".
مشاريع النادي
تمكن نادي هواة الفلك من عمل عدة مشاريع وخطط على أرض الواقع، فقد أقام أعضاء النادي محاضرات متنوعة في عدة محافظات، حيث أقام مخيمين كشفيين اثنين في محافظة بابل بناحية جبلة ومخيم ثالث في محافظة واسط ومخيم رابع في مدينة أور الاثرية ومخيم خامس في كربلاء ومخيم سادس في محافظة البصرة"، بحسب حديث محمود طارق، وهو أحد أعضاء النادي.
ويؤكد طارق، خلال حديثه لموقع IQ NEWS، بأنه "لحد الأن لا يوجد أي دعم مادي للنادي أو أعضائه وأول مخيم أقيم نحن مسؤولي النادي أكملنا كل تفاصيله من خلال تعاون الأعضاء حيث أخذ صدى واسع وجذب اهتمام الهواة كونه أول مخيم فلكي بالعراق، أما المخيمات الأخرى فكان هناك دعم بسيط من دائرة الرعاية العلمية في محافظة واسط".
يستعد النادي إلى تنفيذ مشاريع جديدة، كما يقول مسؤوله الأول مرتضى العكيلي، "حيث ستكون هناك جولات الى المدارس لتعريف الطلبة بعلم الفلك، كذلك ترجمة كتب فلكية من لغات مختلفة الى اللغة العربية وإنشاء أول مكتبة فلكية في ذي قار من قبل فريق بوابة النجوم، أما المشاريع المستقبلية فستتضمن إعادة افتتاح القبة الفلكية في متنزه الزوراء وافتتاح المرصد الفلكي في جبل كورك وإنشاء مرصد فلكي خاص بالنادي".
اختيار أماكن المخيمات
يوضح مؤسس النادي بأن "المخيمات تقام في أماكن خارج المدن لسبب رئيسي وهو التلوث الضوئي داخل المدن، حيث يمنع رؤية النجوم وذراع المجرة ويؤثر على التصوير الفلك، لذلك نبتعد خارج المدن وبالغالب في الصحراء لتقليل نسب التلوث وصفاء الجو، لكن أكثر أمر نعاني منه خاصة في بادئ الأمر هي الموافقات الأمنية لإقامة المخيم، نضطر في بعض الأحيان لتغيير موقع المخيم بسبب الموافقات الأمنية".
كان اختيارنا لمدينة أور الأثرية بأن تكون مخيما كشفيا بحسب حديث العكيلي هو أن يكون هناك ربط للتاريخ بعلم الفلك، كون مدينة أور كانت تعتبر مرصدا لعلماء الفلك القدماء، كما أشترك في المخيمات الكشفية هواة من اختصاصات مختلفة، لكن النسبة الأعلى هم الفيزيائيين".
من جانبه يقول مدير مفتشية اثار ذي قار عامر عبدالرزاق، بأن "نادي هواة الفلك في العراق، مشروع جيد، وقد التقيت بهم وقمت بتسهيلات لعملهم لجعل مخيمهم الفلكي في مدينة أور الأثرية لما تتمتع به المدينة من رمزية حيث كانت المدينة الأثرية سابقا والأجداد السومريون بأختامهم الاسطوانية التي بينت حركة الكواكب والكثير من الأمور الفلكية".
وبين عبدالرزاق خلال حديثه لموقع IQ NEWS، بأن "الشباب استطاعوا من نفس النقطة ومن زقورة أور من رصد هذه النجوم والكواكب من خلال التلسكوبات الكبيرة التي بحوزتهم حيث حضرنا معهم خلال مخيمهم الذي أقيم قبل عدة أسابيع وتواجدنا حتى الصباح معهم وأقمت لهم محاضرة عن علم الفلك وأهميته في تاريخ العراق القديم وكيف كان السومريون والبابليون يدونون ملاحظتهم حول الأقمار والكواكب والمجموعة الشمسية على الرقم الطينية".
وكانت التجربة جميلة ولا تنسى كما يقول مهند رعد، وهو أحد المشاركين في المخيم الذي أقيم في مدينة أور الأثرية من قبل نادي هواة الفلك، ويكمل "أكثر ما جذبنا فيها، هو الأطفال المشاركين في المخيم والذين كانوا يمتلكون معلومات كبيرة جدا عن علم الفلك وكيفية التعامل مع التلسكوب وتحديد مواقع الكواكب".
ويضيف رعد خلال حديثه لموقع IQ NEWS، أن "وجود مثل هكذا أطفال لديهم اهتمامات كبيرة بالفلك سيكون لهم مستقبل وربما يكونوا علماء العراق بهذا المجال"، لافتاً إلى أنه "على الشباب الابتعاد عن السياسة وإغراق البلد بالمشاكل السياسية التي أثرت على الاهتمام بمثل هكذا هوايات ومواهب نوعية".
ويسعى فريق نادي هواة الفلك في العراق، إلى إقامة المزيد من المخيمات الكشفية والإعلان عن تجمعاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي الذي يلاقي إقبالا وتفاعلا غير مسبوق، حيث ينشر الشباب صورهم في المواقع الكشفية في كل مدينة يزورونها ويشجعون الشباب على المشاركة في فعالياتهم العلمية.