متهمون يدعون الجنون.. كيف يتعامل القضاء العراقي معهم؟
- 30-12-2024, 16:40
- تقارير
- 67
بغداد - IQ
كثيرا ما نسمع ونشاهد جرائم مروعة ترتكب من قبل أشخاص يعانون أمراضا نفسية أو ممن يدعون المرض النفسي، والكثير من حالات الادعاء بالجنون التي يلجأ إليها بعض المتهمين هي لغرض الإفلات من العقاب.
وتلاحظ المحكمة على بعض المجرمين اثناء التحقيق والمحاكمة علامات تدل على عدم قدرة المتهم على الدفاع عن نفسه لإصابته بعاهة في عقله، أو الاشتباه بإصابته بمرض عقلي، بحيث لا يفقه المتهم ما يصدر عنه، وقد لا يتمكن من الإجابة عن سؤال بسيط، أو قد يهذي بأمور خارجة عن المنطق مما يحتمل معه الظن بأنه مصاب بعاهة عقلية، هذه العلامات قد تكون واضحة الدلالة على أنه مصاب بعاهة عقلية، وقد تلتبس هذه الحالة على القائمين بالتحقيق أو المحاكمة فيما إذا ما كانت حقيقة أم متصنعة، فكيف يتعامل القائمون بالتحقيق مع هذه الحالات.
ويقول قاضي أول محكمة تحقيق صلاح الدين، القاضي هيثم شاكر بحسب صحيفة "القضاء"، إن "من حق المحامي أن يدفع بجنون المتهم أو شذوذه العقلي، وهو دفع جوهري يلزم دائماً أن يتعرض له الحكم عند قبوله أو رفضه بأسباب مستمدة من الأوراق واستنتاج منطقي مقبول".
ويضيف أن "المرض النفسي في حد ذاته ليس من موانع المسؤولية الجنائية بشكل مطلق، وإنما تحدد المسؤولية بقدر ما يترتب على الجاني من عدم القدرة على إدراك طبيعة الفعل ونتائجه كما أن الإنسان لا يعد مسؤولاً عن أفعاله في حال فقد الإدراك والقدرة على الاختيار، كون العقل مناطاً بالتكليف".
وبين شاكر أن "الأمراض النفسية من حيث درجة تأثيرها في عقل الإنسان تنقسم إلى نوعين، النوع الأول: يتمثل بتلك الأمراض التي تؤثر في عقل الفرد فيفقد درايته بما حوله وتضعف كفاءته وإنتاجيته وقدرته في الحكم على الأمور"، مبيناً أن "مثل هذه الأمراض لها تأثير في المسؤولية الجنائية، فإذا نتج فقدان كامل للإرادة أو الإدراك فتكون مانعاً من موانع المسؤولية الجزائية، مع بقاء المسؤولية المدنية، ويترتب على ذلك امتناع فرض العقوبات الجزائية بحقه، مع إمكانية فرض التدابير الاحترازية التي ترمي إلى حماية المجتمع من خطر هذا المريض نفسياً وكذلك حماية المريض من نفسه ووقاية له من العودة إلى الإجرام، ويكون ذلك بالإيداع في أحد المصحات العقلية أو النفسية".
وعادة ما يلجأ القضاء العراقي إلى إيداع مثل هؤلاء في مستشفى الرشاد للأمراض النفسية والعقلية في بغداد (مستشفى الشماعية سابقاً)، غير أن هذا لا يمنع من الإيداع في أي مصحة عقلية أو نفسية أخرى.
أما النوع الثاني، فقد أوضح شاكر انه "يتمثل بالأمراض التي لا تؤثر في عقل الفرد ولا يفقد معها قدرته في الحكم على الأمور"، مبيناً ان "مثل هذه الأمراض ينتج عنها نقص أو ضعف في الإدراك أو الإرادة وقت ارتكاب الجريمة فتعد هذه الأمراض عذراً مخففاً وليست مانعاً من موانع المسؤوليات الجزائية".
وتابع أن "هذا يعني إمكانية فرض العقوبة الجنائية بحقه، مع تخفيف العقوبة بالقدر الذي حدده القانون عند وجود عذر مخفف بموجب المادتين 130 و 131، فإذا كانت الجريمة جناية فتطبق أحكام المادة 130 والتي تنص على انه (إذا توفر عذر مخفف في جناية عقوبتها الإعدام نزلت العقوبة إلى السجن المؤبد او المؤقت او الى الحبس الذي لا تقل مدته عن سنة، أما إذا كانت عقوبتها السجن المؤبد أو المؤقت نزلت إلى عقوبة الحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر".
ويشير شاكر الى ان "القول الفصل فيما اذا كان المتهم وقت ارتكابه الجريمة المنسوبة اليه يعاني مرضا نفسيا يسلبه الإرادة والتمييز كليا او جزئيا هو التقارير الطبية الصادرة عن أهل الاختصاص".
ولفت إلى أن "القرارات الصادرة عن اللجان الطبية بما فيها اللجنة الطبية المختصة بالأمراض العقلية تخضع للطعن فيها ليس بالتمييز وإنما بالاستئناف أمام اللجنة الطبية الاستئنافية في بغداد، ومن الممكن للخصوم وكذلك للادعاء العام الطعن فيها، كما أن للمتهم ووكيله أو ذويه المسؤولين عن رعايته الطعن في قرار اللجنة إذا ما كانت النتيجة في غير صالحه".