خاضت البساتين التي كانت تؤمن رزق نحو 10 آلاف عائلة قبل 2003، اربع معارك منذ ذلك التاريخ حتى اليوم، انتهت بتدمير مئات الدونمات من بساتين النخيل، في محافظة ديالى.
يقف الفلاح علوان الزيدي، قرب بستان توارثته عائلته منذ 100 عام تقريبا، وقد التهمته نيران حريق كبير قبل أكثر من أربعة أشهر في أطراف بعقوبة مركز محافظة ديالى، ويقول في حديث لموقع IQ NEWS، ان "ديالى بشكل عام تتميز باحتوائها على مساحات شاسعة من بساتين النخيل والتي تصل إلى أكثر من 80 ألف دونم وربما اكبر لكنها بعد 2003 تعرضت الى انتكاسة مؤلمة بسبب الاضطرابات الامنية الدامية التي سببت هجرة آلاف المزارعين بالإضافة إلى الجفاف الحاد والآفات الزراعية ثم جاءت الحرائق الكبيرة لتلتهم أجزاءً ليست قليلة من البساتين".
وشهدت ديالى خلال أعوام 2018-2020 نسبا عالية جدا للحرائق وصلت الى المئات اغلبها في المناطق الزراعية والتهمت عشرات الدونمات من بساتين النخيل بعضها أقدم بساتين ديالى.
وأضاف الزيدي، ان "نخيل ديالى خاض 4 معارك شرسة بعد 2003"، في اشارة منه الى الآفات والاضطرابات والجفاف والحرائق.
وبين، "فقدت البساتين خلال هذه الحقبة خيرة أشجارها في مناطق جنوب بهرز والوقف وشمال المقدادية بالإضافة إلى مناطق أخرى".
وتعد مناطق جنوب بهرز، والوقف وشمال المقدادية بالإضافة إلى مناطق حوض ديالى من أكبر المناطق على مستوى المحافظة في زراعة النخيل بل هي عبارة عن غابات مترامية وكبيرة جدا تنتج سنويا آلاف الأطنان من مختلف أنواع التمور العراقية.
وأشار إلى أن "مساحة بستانه تقدر ب12 دونم التهمت الحرائق نصفها تقريبا خاصة وان بعض الاشجار عمرها يصل الى 70-80 سنة وكل واحدة منها تحمل ذكرى خاصة في قلبه"، مؤكدا بانه عازم "على اعادة احياء ما التهمته النيران".
اما رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في ديالى رعد التميمي فقد اشار الى ان "المحافظة فقدت بالفعل مساحات شاسعة من بساتين النخيل بعد 2003"، لافتا الى ان "عاملاً آخر برز في السنوات الاخيرة وتسبب في القضاء على مساحات ليست صغيرة من البساتين، وهو عمليات التجريف لاستثمار الاراضي في قطاع الاسكان والتجارة كما حدث في بعقوبة ومناطق اخرى".
واضاف التميمي، ان "اغراق الاسواق بالتمور المستوردة وعدم وجود دعم حكومي لملف النخيل بالإضافة الى العوامل الاخيرة هي من ساهمت في تقليص مساحة البساتين في ديالى بمعدلات عالية بعد 2003 لكن لا يوجد لدينا خارطة تحدد حجم الخسائر ولكن في كل الاحوال كبيرة جدا".
وشكل إغراق الاسواق بالتمور المستوردة ضربة قاسية للمنتج المحلي الذي يمتاز بجودته العالية الا ان ضعف التسويق اسهم في ضرر بالغ له في السنوات الماضية.
فيما اشار رئيس اللجنة الزراعية في مجلس ديالى السابق، حقي الجبوري، الى ان "المحافظة فقدت من 25-30% من مساحة البساتين بعد 2003"، لافتا الى ان "الاضطرابات الامنية هي تقف وراء مجزرة النخيل في المحافظة كونها سبب في هلاك الجزء الاكبر من النخيل لأنها دفعت الى هجرة ونزوح المزارعين رافقها بروز الآفات".
واضاف الجبوري، ان "تمور ديالى تتميز بتنوعها وهناك اكثر من 35 صنفاً نادراً على مستوى العراق ابرزها القرنفل الاسود الذي هو الاغلى على مستوى البلاد ويصل سعره الى 25الف دينار للكغم الواحد بالاضافة الى وجود اصناف اخرى".
الى ذلك بين النائب مضر الكروي ان "قطاع النخيل في ديالى يشكل مصدر رزق لأكثر من 10 آلاف أسرة قبل 2003، لكنها تقلصت بنسب حادة بسبب الاضطرابات والجفاف والتجريف والآفات الزراعية بالإضافة الى تداعيات إغراق الأسوق بالتمور المستوردة ما ادى الى هجرة للمزارعين لمهنة الآباء والأجداد وترك مساحات كبيرة من النخيل لمصيرها المجهول".
واضاف الكروي، ان "الموسم الحالي شكل بادرة مهمة في احياء بساتين النخيل في ديالى عندما فتح التصدير ما أدى الى تحسن ملف الايرادات المالية للكثيرين"، مؤكدا بان "التمور يمكن ان تتحول الى قطاع اقتصادي كبيرة يدفع الى احياء مناطق واسعة بعد هلاك بساتينها في السنوات الماضية".
وأشار حيدر المندلاوي عضو مجلس ناحية مندلي السابق (90كم شرق بعقوبة) الى ان "هناك حقولاً ومزارع خاصة بدأت بإنتاج فسائل النخيل عن طريق الزراعة النسيجية وهي تجربة رائدة اسهمت في توفير مئات الفسائل من الاصناف النادرة".
واضاف المندلاوي ان "بروز التصدير دفع الى خلق ما نسميه المزارع النموذجية للنخيل بالاعتماد على اصناف نادرة جدا وهذا يعطي بارقة امل في ان تكون بداية لتعويض مجزرة النخيل في ديالى التي دمرت الالاف الدونمات في السنوات الماضية".