تمثل "زهرة النيل" واحدة من أكثر المشاكل التي تعانيها الأنهار والأهوار ذي قار طوال العام، وهي ازمة جديدة تضاف الى شحة المياه، اذ تنتشر هذه "النبتة الضارة" في مناطق واسعة من المحافظة الجنوبية التي تمتاز بالاهوار والمياه الطبيعية.
ورغم محاولات كبيرة تقودها وزارة الموارد المائية والدوائر المحلية التابعة للوزارة في المحافظة للقضاء على هذه النبتة التي تمتص المياه بشكل واضح، الا أنها ما تزال متواجدة في الأنهار كما أنها تشكل عبئا كبيرا على الكثير من المناطق وتضررت منها أماكن واسعة.
خطر يداهم الاهوار مع حلول الصيف
ومع حلول موسم الصيف، تعود "زهرة النيل" للظهور في أنهار واهوار محافظة ذي قار بحسب خبراء بمجال البيئة، متوقعين أن تساهم في زياد معاناة المزارعين سيما وأنها تؤثر على وصول كميات المياه المرصودة للزراعة والأهوار وتعيقها.
و"زهرة النيل" وبحسب التعريفات العلمية لها، هي واحدة من الأدغال المائية الخطرة والمؤثرة على الموارد المائية في عدد كبير من بلدان العالم، والموطن الأصلي لهذا النبات هو حوض نهر الأمازون في البرازيل ومنها إنتشرت الى أكثر من 70 بلدا بما فيها العراق الذي أدخل إليه منتصف الثمانينات على أنه نبات زينة.
ويعتقد السكان قبل سنوات طويلة أن زهرة النيل كانت تساهم في تقليل تواجد البعوض في المياه، وأنتشرت في مناطق عدة في حوض دجلة وجزيرة بغداد السياحية شمالي العاصمة، وأيضا في المثنى والقادسية وكربلاء وبابل وميسان وسدة سامراء، لكنها في ذي قار وجداولها بدأ ينتشر بشكل كبير وواسع مع جهود حكومية بسيطة لاترتقي لحجم الخطر.
المخاوف تزداد مع حظر التجوال
ويخشى الفلاحون في محافظة ذي قار من آثار "زهرة النيل" المتوقعة أن تظهر خلال موسم الزراعة الصيفي، داعين الحكومة ووزارة الموادر المائية الى إيجاد حلول حقيقية لقلعها مبكرا قبل أن تتكاثر، لكن المخاوف تزداد بالتزامن مع حظر التجوال وكورونا وقلة وجود العاملين.
ويؤكد رئيس الجمعيات الفلاحية في ذي قار مقداد الياسري لموقع IQ NWES ، إن هذه النبتة احدى المشاكل التي تواجه حركة المياه، وهي من النباتات الضارة العائمة التي قد إبتلت بها مشاريع المحافظة، نتيجة تكاثرها وإستهلاكها كميات عالية من المياه بإعتبار أنها تستهلك 5 لتر من الماء يوميا، ويصعب معالجتها لأنها متحركة وكثيفة الإنتشار.
ويقول الياسري، أن طريقة إنتشارها يكون عبر طريقين، احدهما العقد الموجودة بداخل النبتة والاخرى من البذور التي تنتجها، موضحا ان مديرية الموارد المائية لا تستطيع السيطرة عليها بالكامل بإعتبار أغلب الدوائر إمكانياتها محدودة ومشاريعها ليس بالمستوى المطلوب وتكثر في عمود الغراف وتفرعاته ونحن لدينا مشكلة في شحة المياه بالأساس".
دراسة علمية تشخص مخاطر "زهرة النيل"
وشخصت دراسة علمية من مركز علوم البحار في البصرة مخاطر زهرة النيل، حيث أكدت أنها تحجب وصول ضوء الشمس إلى الأحياء المائية الأخرى، وخاصة الهائمات النباتية التي تشكل القاعدة الأساسية للنظام البيئي والغذائي الأساسي للهائمات الحيوانية والأسماك مما يسبب خللاً في التوازن الدقيق للشبكة الغذائية.
وأضافت الدراسة، أنها تستهلك كميات هائلة من المياه إضافة إلى امتصاص كميات كبيرة من الأوكسجين المذاب في الماء مما يغير من طعم المياه ويجعل رائحته كريهة، مشيرة الى إعاقة عمليات الارواء من خلال غلق ومنع جريان مياه الري في الجداول وطمر مضخات الري والبزل ما يشكل مخاطر جمة على الثروة المائية ومستقبل الزراعة في العراق، وازاحة النباتات المائية المستوطنة الأصلية عن طريق التنافس معها والتغلب عليها.
مشاريع تحتاج الى جهود كبيرة وتخصيصات مالية
ويوضح مصدر في إعلام مديرية الموارد المائية في ذي قار لموقع IQ NWES، بأن "هور أبو زرك في قضاء الإصلاح من أكثر الأهوار الذي يتعرض الى تراجع مناسيب المياه فيه ويصل الى حد الشحة بسبب تكاثر في نباتات زهرة النيل في الناظم المائي الذي يدفع بالمياه الى هور أبو زرك".
ويتابع المصدر، أن "الدائرة تعمل في كل إمكانياتها لمواجهة إزدياد زهرة النيل حيث تقوم كوادر الدائرة الفنية بوضع مصدات بين مسافة وأخرى بين الوحداث الإدارية، لكن مثل هذه الأعمال والمشاريع تحتاج الى جهود كبيرة لازالتها وتحتاج الى خطط وتخصيصات مالية وليس الاعتماد فقط على متطوعين في التنظيف في كل موسم تنتشر فيه".
شكوى المزارعين.. زهرة تشفط المياه
ويقول احمد الصالحي وهو مزارع يسكن في شرق الناصرية، لموقع IQ NWES، بأن "الفلاحين والمزارعين بشكل عام في مناطق شرق الناصرية وبالخصوص قضاء الاصلاح يعانون من مشكلة شحة المياه بالدرجة الاساس في أكثر من موسم تحصل المشكلة وكذلك مشكلة زهرة النيل والنباتات الضارة التي تتواجد بكثافة في الأنهار والأهوار".
ويضيف، أن "الماء الذي يصلنا بالدرجة الأساس عبر نهر الغراف الذي يتفرع بدوره الى شط الشطرة وقضاء الغراف، ومن ثم تصل المياه الى سيد دخيل ومن هنا يتفرع الى بعض الافرع الصغيرة لبعض القرى، لكن خلال موسم الصيف تغزونا نباتات الشمبلان وزهرة النيل ونباتات اخرى تؤثر على كميات المياه الواصلة إلينا".
ويتابع، "في أكثر من مرة كانت هناك جهود حكومية اضافة لجهود المزارعين حول ازالة هذه النباتات الضارة لكن دون جدوى في ايجاد اي حل لها لأنها تعود مع بداية موسم الصيف، لكن نأمل أن تكون هناك حلول حقيقية لمشكلة زهرة النيل التي تسحب المياه بشكل كبير".
وغالبا ما تكون مناطق جنوب الناصرية الأكثر تأثيرا بسبب زهرة النيل كونها تقع في ذنائب الأنهر والأنسدادات التي تحصل بالعادة تكون في شمال المحافظة، حيث عانت عدد من القرى طوال السنوات الماضية وفي كل موسم صيف في مناطق جنوب وشرق الناصرية بالتحديد من شحة المياه بسبب إنتشار كبير لزهرة النيل في الأنهر.