أمام أرضه التي تزيد مساحتها عن 130 متراً، في أطراف منطقة "أم الكرفس" قرب بعقوبة، مركز محافظة ديالى، يقف "أبو إبراهيم" والألم بادٍ على وجهه بعدما علم أنه وقع ضحية لخداع مافيا محلية تزور سندات الأراضي وتبيعها للمواطنين.
كان "أبو إبراهيم" يأمل أن تنقذه هذه الأرض التي تورط بشرائها من العيش في منازل مؤجرة ليحقق حلم أسرته المكونة من 6 أفراد بالسكن في منزل يملكونه.
ويقول الرجل لموقع IQ NEWS، والغضب يكسو نبرة صوته، "عملت لأكثر من 10 سنوات وبعت ذهب زوجتي وقمت بشراء هذه الأرض التي تبين أن ملكيتها تعود للدولة وليست للمافيا التي اشتريتها منها وأعطتني أوراقاً مزورة، وقد فوجئت بوصول جرافات تابعة للدولة لتزيح كل شيء أمامها".
ويأسف "أبو إبراهيم" لضياع أمواله والعشرات من أمثاله أدراج الرياح، وسيسعى الآن لإقامة دعاوى قضائية ضد الأشخاص الذي باعوه الأرض لكنه ليس متأكداً من عودة أمواله إليه "لأننا نواجه جهات متنفذة".
"موظفون متورطون"
من جانبه، يقول قائممقام قضاء بعقوبة، عبد الله الحيالي، إن "مافيات الأراضي برزت في بعقوبة منذ 4-5 سنوات وهي تستولي على أراض زراعية عبر وثائق مزورة بتواطؤ وتسهيل من قبل بعض الموظفين سواءً بدافع الخوف أو الحصول على رشاوى، فتعمد المافيات بعد ذلك إلى تقسيم الأراضي وبيعها بمبالغ كبيرة تصل إلى عشرات الملايين من الدينارات".
ويشير الحيالي في حديثه لموقع IQ NEWS إلى أن دائرته وبالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة "نجحت باستعادة 300– 400 دونماً في الأشهر الماضية كانت رهن سيطرة مافيات الأراضي خاصةفي أطراف بعقوبة".
ويبدي الحيالي أسفه لتعرض العشرات إلى الخداع من قبل هذه المافيات، "طالبناهم بالاسراع في تقديم شكاوى ليتحرك القضاء ويكون هناك سعياً لاستعادة أموالهم".
ويستدرك قائلاً، إن "ملف مافيات الاراضي في بعقوبة معقد وخطير في نفس الوقت، ويستدعي تشكيل لجنة عليا بصلاحيات واسعة من اجل تعقب تلك المافيات واستعادة كل الاراضي التي تم الاستيلاء عليها وسرقتها من مؤسسات ووزارت عدة في السنوات الماضية"، محذراً من أن "الأمر بات خطيراً جداً وتكاد المافيات تلتهم محيط بعقوبة الزراعي".
من جانبه، يقسم الناشط الحقوقي فيصل جبار، على ظاهرة الاستيلاء على الأراضي إلى 3 أقسام، "الأول يقوم به فلاحون يقسمون أراض مستأجرة من وزارة الزراعة دون علمها، والثاني تقوم به مافيات تابعة في الخفاء إلى جهات متنفذة تعتبر هذه الأراضي مصادر تمويل لها، والقسم الثالث أشخاص يمتلكون النفوذ والسلاح ولديهم ارتباطات واسعة ويعملون لحسابهم الشخصي".
وأضاف، أن "الاستيلاء على اراضي الدولة في ديالى يعد من الملفات الساخنة في ونادرا ما تجد من يتصدى له لان خطير وقد يؤدي الى نهاية مؤلمة لان مواجهة قوى تسرق عشرات الدونمات لتبيعها فيما بعد بمئات الملايين من الدنانير قادرة على فعل اي شي للاستمرار".
"الاستيلاء محال دون جهات داعمة"
"التماسيح منعوا فائدة اقتصادية لبعقوبة"
بدوره، يقول نبيل الزيدي، مالك محل للعقارات في بعقوبة، إن "مافيات الأراضي الذين نصفهم بتماسيح الأراضي ما هم إلا أدوات لجهات وشخصيات متنفذة تعمل من وراء الستار"، متساءلا "كيف يمكن لشخص الاستيلاء على عشرات الدونمات في وضح النهار دون أن يخشى أية إجراءات قانونية بحقه".
ورأى أنه "لو شكلت لجنة عليا لدراسة ملف العقارات في بعقوبة فستظر حقائق صادمة لكن للأسف هناك أشبه بتكتم على ما يحصل الآن"، مضيفاً أن "مواقف قائممقامية بقعوبة وحملاتها الأخيرة كشفت جزءاً بسيطاً عندما أحبطت الاستيلاء على أكثر من 100 دونم قرب تقاطع القدس قبل أيام ثم نشرت قيادة الشرطة مفارز لمنع عودة سيطرة الجهات المتنفذة على تلك الأراضي مرة أخرى".
ويشير الزيدي إلى أن "وزارة الزراعة هي أكثر الوزارات التي تقع تجاوزات صارخة على أراضيها خاصة بأطراف بعقوبة وكان من المؤمل ان تتحول هذه الأماكن إلى مناطق ذات فائدة اقتصادية لو جرى استثمارها لكنها تحولت إلى عشوائيات سكنية ربح من خلالها التماسيح مئات الملايين".