وسط تفشي جائحة كورونا في عموم العراق، وما تسبب به من أعداد كبيرة في الإصابات والوفيات، وما نتج عنه مِن قرارات حكومية متضاربة، لم تنجح في الحد من معدل الإصابات، جاء إعلان إغلاق مجمع الأندلس "كوهبل" الذي يقع ضمن حدود الناحية، الواقعة في قضاء سنجار الذي لم يلتقط أنفاسه بعد من التركة الثقيلة التي خلفها تنظيم داعش، من قتل وتهجير الآلاف من الإيزيديين، والخراب الذي طال البنى التحتية، في القضاء، إبان سيطرته في عام 2014، وما رافق عملية التحرير في 2017.
وأعلن مدير ناحية الشمال "سنوني" المؤقت خديدا جوكي، في بيان، إغلاق المجمع بعد تفشي فيروس كورونا فيه، وفرض حظرَ تجوالٍ لمدة 10 أيام في المجمع. وفي الوقت نفسه، كشفت دائرة صحة سنجار عن حاجتها إلى الكثير من الدعم في المجال الصحي، حيث يفتقر القضاء لأدنى مقومات الرعاية الصحية، مطالبة بتأمين الأدوية والتجهيزات الطبية اللازمة لمواجهة المرض.
ولا تزال معدلات الإصابة بفيروس كورونا، بتزايد مستمر في عموم البلاد، حيث وصلت حتى اليوم الى 434 ألفا و598 إصابة، و10 الاف و366 وفاة.
المنظمات تدق ناقوس الخطر
وقد سبق وأن حذّرت عدة منظمات ومؤسسات مجتمع مدني، من حصول كارثة بيئية في قضاء سنجار، بالنظر إلى الدمار الذي لحق بالبنى التحتية، والصحية على وجه الخصوص، وما خلفه سيطرة تنظيم داعش، وتحرير القضاء منه، لافتة إلى افتقار القضاء للمعدات الطبية التي تساعد في مكافحة فيروس كورونا (كوفيد 19)، بحسب البيان الذي وقعت عليه العديد من منظمات ومؤسسات عالمية ومحلية في الـ 24 من نيسان الماضي.
يتحدث المدير التنفيذي السابق لمنظمة يزدا، وإحدى المنظمات المطلقة للتحذير، مراد إسماعيل، لموقع IQ NEWS، عن ظروف طارئة تنتج من مخاطر تفشي جائحة كورونا، في وقت لم يتهيأ فيه النظام الصحي والاقتصادي والإداري في قضاء سنجار لأي أزمة صحية، لافتا إلى أن "25 منظمة دولية ومحلية اشتركت في نيسان الماضي، لدق ناقوس الخطر بهدف التحذير من إمكانية حدوث كارثة صحية لها تبعات خطيرة على مختلف جوانب الحياة".
ويضيف، أنه حتى هذه اللحظة ليس هناك جهود حكومية عراقية، ولم يتم تخصيص أي مبالغ لإعادة إعمار البنى التحتية او البيوت المدمرة، رغم إقرار البرلمان العراقي أن مدينة سنجار منطقة منكوبة.
عمليات التعقيم والتعفير التي قامت بها الحكومة المحلية في القضاء كانت بدعم ذاتي، بحسب قائم مقام قضاء سنجار وكالة، فهد حامد، والذي يضيف، أيضا أن "الحكومة المحلية، شكلت خلية أزمة بالتعاون مع القوى الأمنية المختلفة، ومستشفى سنجار لمواجهة كورونا، وعملت على تنفيذ قرارات خلية الأزمة العراقية المركزية".
ويشير إلى أن "مستشفى سنجار يحتوي على عددٍ قليلٍ من أجهزة التنفس والأدوية التي تُعطى للمصابين بالفيروس التاجي، مما يفاقم صعوبة الوضع في القضاء، ويشكل خطراً حقيقياً، وسط إهمال حكومي متعمد لجميع القطاعات في القضاء، على رأسها القطاع الصحي".
أعداد رسمية غير دقيقة
ويكشف مصدر في مستشفى سنجار العامة، رفض الكشف عن اسمه، في حديث لموقع IQ NEWS، أن "العدد الصحيح للإصابات غير معروفٍ حتى الآن، وأن ما أٌعلِنَ أقل من العدد الحقيقي، إذ أن أغلب مواطني القضاء لا يجرون فحوصات طبية، فضلا عن قلة المسحات المخصصة لهذا الشأن".
استمرار الحفلات، والتعازي، وأداء الطقوس الدينية، دون الالتزام بإرشادات الوقاية من فيروس كورونا، كلها فاقمت في زيادة معدل الإصابات بالقضاء المنكوب، وفقا للمصدر الطبي.
فضلا عن ذلك، يلفت المصدر إلى وجود "نقص في قناني الأوكسجين، التي يحتاجها بعض المصابين إثر مضاعفات فيروس كورونا، في قضاء سنجار، والأقضية البعيدة عن مركز محافظة نينوى"، مضيفاً أن "القضاء يفتقر إلى وجود مركز حجر صحي، مخصص للمصابين بالفيروس، في حين يودع المصابون في مستشفى سنوني، الذي خصص بعض الأسرة المحدودة لهذا الشأن".
مخاوف من احتلال تركي محتمل
الخطر المحدق بالقضاء، يتزامن مع أزمة سياسية محلية وإقليمية، تتمثل في كون سنجار، من المناطق المتنازع عليها، بين الحكومة الاتحادية، وقضاء إقليم كردستان، على الرغم من توقيع اتفاق لتطبيع الأوضاع بين الطرفين، لا يزال يلقى معارضة أطرافٍ من القضاء.
فيما عبر المدير التنفيذي السابق لمنظمة يزدا، عن قلقه مما وصفه بالمطامع التركية، متحدثا عن "احتمالية اجتياح القوات التركية لقضاء سنجار، كما حدث لمناطق شمال سوريا، والرئيس التركي كان قد هدد بذلك في السابق".
مستشفى الرئيس ماكرون
وذكر عضو مجلس النواب العراقي عن الكوتا الإيزيدية، صائب خدر، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تبرع قبل سنتين ببناء مستشفى في سنجار، مشيرا إلى أن المستشفى اكتمل ولكن ضعف القيادة والفساد والخلافات السياسية، بين بغداد وأربيل عرق افتتاح هذه المستشفى، وفقا لتغريدة نشرها النائب منصة تويتر، في وقت سابق.
وأشاد ماكرون أثناء زيارته، للبلاد، مطلع أيلول الماضي، خلال لقائه برئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، بإعادة بناء صالة العمليات وتجهيزها في مستشفى سنجار العام، وأعلن البدء قريباً ببناء مستشفى جديد في المدينة للنهوض بالواقع الصحي في القضاء.