بغداد - IQ
لم يعد مشهد الأطفال المتسولين والعاملين في شوارع المدن العراقية غريباً، بل صار جزءاً اعتاد المارّة رؤيته في الشارع العراقي.
هذه الظاهرة الخطيرة التي تجتاح أغلب مدن العراق، تستفحل في كركوك، وسط توقعات بازديادها يوماً بعد آخر، ما لم تقم الجهات المسؤولة عن حماية الطفولة بإجراءات سريعة لمعالجة هذا الخطر.
إحدى هذه الحالات لفتاة تبلغ 12 عاماً، تقول لموقع IQ NEWS، "أنهض في ساعة مبكرة من الصباح يومياً، بعد أن أفطر ثم أتوجه مع اختي الصغيرة وأخي بجولة إلى الشوارع وأتجول في أحياء مدينة كركوك، باحثة عن رزقي المتوفر بكثرة بين الأزبال وأكوام القاذورات".
وتضيف سحر، "كل ما أبحث عنه هو عن قواطي (علب) البيبسي الفارغة والعلب الخاصة بالمشروبات الأخرى، من أجل بيعها في سوق جملة للتجار".
وتكمل قائلة، "في يوم نجد رزقاً وآخر لا نجد، وأنا تعلمت مهارة سياقة الستوتة لتكون هي المعين لنا في التنقل، فالوضع المادي لوالدي صعب جداً لأنه يعاني من مرض في الرأس تسبب له بفقدان البصر، وهذا ما دفعني واختي ذات الخمس سنوات واخي الصغير لنكون معيلي العائلة".
وتشير سحر إلى أن "الحاجة دفعتنا للتجول بين أزقة المحافظة التي تعتبر الأغنى ونحن وغيرنا العشرات من الأطفال دفعتنا الظروف لهكذا أعمال"، مبينة أن "عمري 12 سنة ولكني أحمل هموماً تفوق الجبال، وكل النفط الذي تجمعه أرض المدينة".
وعن أمنياتها، تجيب سحر وهي تبكي "أتمنى أن أصبح مثل بقية أطفال العالم وألبس السدرية الجديدة واحمل (الحقيبة المدرسية)، وأتوجه إلى المدرسة كبقية الأطفال الذين نراهم حين يذهبون إلى مدارسهم".
وعن المردود المادي وسبب اختيار هذا العمل دون غيره، تقول سحر "حاولت أن أبحث عن عمل آخر، لكن عمري الصغير لا يشجع أصحاب المحال التجارية على تشغيلي، أما هذه المهنة فسهلة وإن كان مردودها قليلا".
وتوضح أن "ما تحصل عليه يومياً غير ثابت، وبحسب الشغل، فكيلو العلب يباع بسعر ألف دينار وهي تستطيع جمع ثلاثة كيلوات أو أكثر، وفي بعض الأحيان تجمع كميات من النحاس والفافون (الألمنيوم) وهذا ثمنه أفضل من ثمن العلب إذ إن سعر النحاس والفافون يتراوح في السوق بين (4-6) آلاف دينار، وهي تبحث عنها في المنطقة الصناعية وقرب المعامل المنتشرة جنوبي كركوك إلى جانب البحث في النفايات حين أجد أن كميتها جيدة".
وتتابع، "وبعد أن نقوم بجولة من الساعة السابعة صباحا وحتى العصر من كل يوم في أحياء ومناطق كركوك نعود إلى السوق الرئيسي لبيعها على أصحاب الجملة الذين يشترون ما نجمع من مختلف الأشياء القواطي، والنحاس، والفافون".
الطفلة سحر وجهت دعوة لرئيس الحكومة مصطفى الكاظمي لـ""علاج والدها الذي يحتاج لعملية جراحية في رأسه ليكون قادراً على استعادة بصره وصحته ويقوم برعايتنا".
بدوره، يقول المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي إن "نسبة الفقر في العراق تبلغ نحو 24.8% وفق آخر دراسة أجرتها وزارة التخطيط العراقية بالتعاون مع البنك الدولي، في النصف الثاني من عام 2020، وهذا يعني أن نحو 10 ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر، ومحافظات الجنوب ما تزال تتصدر معدلات الفقر، وفي مقدمتها محافظة المثنى بنسبة 52%، وتليها محافظة الديوانية بـ 49%، وذي قار بـ48%، ثم تأتي بقية المحافظات تباعا بنسب مختلفة".
ويلفت الهنداوي، إلى أن "نسبة الفقر وصلت إلى 40% كمعدل عام في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وكركوك بحكم تأثرها بظروف الحرب على تنظيم داعش، وما نتج عنها من تهجير وخراب".
وبلغت نسبة الفقر، بحسب الهنداوي، "في العاصمة بغداد 13%، وفي إقليم كردستان 12.5%، أما في محافظات الوسط فتصل نسبة الفقر إلى 18%، وكانت كربلاء والنجف الأكثر تضررا بتداعيات جائحة كورونا بسبب اعتمادها الكبير على السياحة الدينية".
من جانبه، يذكر الباحث والمختص في الشؤون الاجتماعية بكركوك يوسف علي لموقع IQNEWS، أن "قصة الطفلة سحر واحدة من عشرات القصص الموجودة في الشارع ولكن أن تخرج طفلة بعمر الورد وتسوق دراجة ومعها شقيقها الصغير، ليكون مكب النفايات مصدر رزق لها ولعائلتها فهذا الأمر صعبٌ جداً عليها، وهذا يتطلب دعم الحكومة".
ويؤكد علي أن "العشرات والمئات من أهالي محافظة كركوك فقدوا مصدر رزقهم بعد تداعيات كورونا، والكثير أغلق متجره بسبب إجراءات فايروس كورونا، وعلى الحكومة أن تعالج تداعيات هذه الأوضاع".