ارتفاع الأسعار في العراق أصبحت ظاهرة مزمنة، تزيد وتيرتها عند أدنى سبب، ما يؤرق عموم الشعب ويصيبهم بحالة دوار، واكثره وطأة كان الارتفاع الناجم عن رفع سعر صرف الدولار الأخير.
ويستوجب الأمر، قيام الحكومة باتخاذ تدابير حقيقية تكبح جموح الارتفاع، فما هو السبيل لذلك؟
يقول أستاذ علم الاقتصاد في جامعة البصرة نبيل المرسومي لموقعIQ NEWS ، إن "ارتفاع المستوى العام للأسعار، هو نتيجة طبيعية لتخفيض سعر صرف العملة الوطنية في بلد مثل العراق لايمتلك قاعدة إنتاجية وطنية واسعة، وهو يؤدي لاحقا الى انخفاض حجم الطلب الكلي وبالذات الاستهلاكي المرتبط معظمه بالاستيراد، ما يفضي الى تقليل تدفق النقد الأجنبي الى الخارج والتقليل من عجز الميزان التجاري وميزان المدفوعا، كما انه يؤدي الى زيادة الإيرادات العامة بالعملة المحلية ومن ثم تخفيض عجز الموازنة العامة".
ويوضح المرسومي، أن "هذه الحقيقة يفترض ان تكون واضحة لصانع القرار الاقتصادي الذي عليه اتخاذ بعض التدابير الحكومية لزيادة المعروض السلعي لتخفيض أسعار بعض السلع الأساسية التي يستهلكها الفقراء، خاصة من خلال تعزيز البطاقة التموينية مثلا او دعم الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، اما التلويح بالضرب من حديد على يد التجار والمستغلين لتخفيض الأسعار فهو يعني ان الحكومة لا تفهم إجراءاتها وأنها تعطي رسالة خاطئة ووعدا للناس بأن سبب ارتفاع الأسعار يرتبط بالتجار وليس بتخفيض سعر الصرف".
المستورد وقلة الاستهلاك
الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش يؤكد في حديثه لموقع IQ NEWS ، إن "اغلب البضائع في العراق اما مستوردة او مصنعة من مواد مستوردة، لاننا لانمتلك مزارع ومعامل المواد الأولية، وبخفض الدينار ارتفعت اسعار اغلب السلع المستوردة والمحلية، ومع انخفاض الطلب والقوة الشرائية تنتج قلة الاستهلاك"، موضحا أن "الحل يكمن بفتح الاستيراد بشكل تدريجي لاجل خلق التنافس وخفض الاسعار لحد مقبول وقد تكون هذه الخطوة على حساب الزراعة والصناعة المحلية".
دعم المنتوج المحلي
يرى المحلل الاقتصادي ملاذ الأمين في حديث لموقع IQ NEWS، أن "الحكومة بإمكانها التدخل في استقرار اسعار السلع الاساسية في السوق المحلية من خلال دعم الانتاج المحلي الزراعي عن طريق التسهيلات المالية وتوفير البذور والاسمدة والمبيدات، والصناعي عن طريق الدعم ومنع استيراد السلع المنتجة محليا مع تسهيلات منح القروض وتسهيلات لاستيراد المواد الاولية وتخفيض اجور الوقود المستخدم لتشغيل المعامل".
وعن السلع الاساسية المستوردة يوضح الأمين، أن "الحكومة يمكنها الاستيراد على حسابها الخاص ويتم توزيعها ضمن الحصة التموينية او طرحها في السوق بأسعار بسيطة يمكن ان يحصل عليها المواطن من ذوي الدخل المحدود".
وكانت وزارة التخطيط أعلنت، الاثنين الماضي، أن مؤشرات الفقر في البلاد ارتفعت إلى ما بين 26 إلى 27 بالمئة، بعد قرار رفع سعر صرف الدولار إلى 1450 ديناراً، في حين أشارت إلى الانتهاء من إعداد خطة لـ"الإصلاح والتعافي".
وطبقا للمتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي فإنه "بعد رفع سعر صرف الدولار فإن مؤشر التضخم ارتفع بنسبة 4.9 الى 5 بالمئة، بينما ارتفعت مؤشرات الفقر الأولية بنسبة 26 إلى 27 بالمئة"، مبيناً أنه "في حال ورود مستجدات ومؤشرات جديدة فستعلنها الوزارة في ما بعد"، مشيرا إلى أن وزارة التخطيط انتهت الآن من إعداد خطة الاصلاح والتعافي مستجيبة للتحديات، وتم الأخذ بنظر الاعتبار الأزمة المركبة التي يعيشها البلد، وهي الأزمة الاقتصادية والأزمة الصحية، وما نجم عنهما من رفع نسبة الفقر ورفع الأسعار والتضخم وحالة الانكماش الاقتصادي التي عصفت بالبلد.
يذكر أن البنك المركزي العراقي قرر أواخر العام الماضي، رفع سعر صرف الدولار الى 1450 ديناراً للدولار الواحد لـ "تحقيق التوازن المالي بعد الازمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد"، بحسب البنك.