بمعزل عن الويلات والاضطرابات التي عصفت بالعراق وخلفت جيوشا من الضحايا، يتزايد سكانه على نحو مطرد، الأمر الذي يعد بمثابة "قنبلة موقوتة" قد تنفجر مسببة مضاعفات خطيرة للبلد المترنح أصلا، بحسب مختصين.
مع مشاكل وتحديات جمة، وخطط لا يمكن تنفذيها، إلى جانب مؤشرات توصف بأنها "خطيرة"، تشكل الزيادة السكانية المتواصلة تهديدا يضع البلد في مواجهة "مستقبل مجهول"، ما لم يتم تدارك الأمور.
نمو مضاعف
المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي يقول في حديث لـ SIQ NEW، إن "نمو السكان في العراق مرتفع مقارنة بالبلدان الاخرى، حيث يرتفع سكان العراق بنسبة ٢.٦ سنويا، اي نحو مليون ولادة سنويا"، مؤكدا أن "سكان العراق يتضاعفون كل ٢٥ سنة".
ويوضح الهنداوي، "يتوقع أن يبلغ سكان العراق حوالي ٤٥ مليون نسمة في عام 2025، والنسبة الأعلى ستكون في العاصمة بغداد ونينوى والبصرة، وكذلك باقي المحافظات".
ويشير الهنداوي الى أن "الوزارة ادخلت البعد السكاني لأول مرة ضمن خطط التنمية الخمسية للأعوام ٢٠١٨ - ٢٠٢٢، وأطلقت الوثيقة الوطنية للسياسات السكانية بعيدة المدى التي تمثل رؤيا ومسارا تنمويا يؤخذ بنظر الاعتبار استيعاب الزيادات على ارض الواقع على مدى بعيد من خلال تحسين الحياة في قطاعات التربية التعليم الصحة وتوفير فرص العمل".
ويبين الهنداوي، أن "النسبة الأكبر من السكان من الشباب، وربما يدخل العراق بعد سنوات بما يسمى النافذة الديموغرافية، اي ان نسب الشباب اكبر من ٦٠% من المجتمع"، مؤكدا أن "استيعاب الشباب يحتاج خطط زمنية والوزارة اخذت بنظر الاعتبار ادخال البعد السكاني ضمن خطط التنمية ووضع رؤيا وسياسات مستقبلية تحول الزيادة السكانية الى رافع للتنمية".
ويؤكد الهنداوي، أن "العراق يواجه مشاكل وتحديات والخطط التي تضعها الوزارة بالرغم من رصانتها لا يمكن تنفيذها بشكل كامل في نهاية المطاف بسبب الظروف الاقتصادية والامنية والسياسية"، مبينا أن "الوزارة كان من المقرر أن تجري في هذه السنة تعدادا سكانيا غاب تنفيذه أكثر من ٢٣ عاما، البلد بحاجة اليه ليوفر قاعدة بيانات حقيقة، ولكن بسبب الظروف الصحية والمالية تأجل هذا التعداد المرتقب للعام المقبل، وهو سيكون الكترونيا بنسبة ١٠٠% عكس التعدادات السابقة الورقية".
"مؤشر خطير"
عضو لجنة الشؤون الاجتماعية النيابية، فاضل الفتلاوي، يقول في حديث لـ IQ NEWS، إن "وزارة التخطيط معنية بوضع خطط مدروسة لاستيعاب زيادة السكان"، مبينا ان "سوء الخدمات الصحية والتعليم امر معقد ويجب ان تكون الادارة والتخطيط صحيحين لاستقبال تلك الزيادة".
ويرى الفتلاوي، أن "زيادة السكان أمر طبيعي، لكن مشكلة الإهمال الحكومي وسوء الإدارة واغلاق معظم المصانع والاعتماد فقط على المستورد، يفاقم المشكلة"، معتبرا أن "الحكومة عاجزة عن تأمين الرواتب وهذا مؤشر خطير لبلد تغمره الخيرات، ومن المعيب ان يكون العامل الاجنبي بدون وصل قانوني لديه عمل ويكون العراقي عاطلا عن العمل".
وشدد الفتلاوي على "ضرورة أن تنتهج الحكومة طريقة تخطيط ومتابعة لشؤون البلد وايجاد فرص عمل وبناء مدارس ومستشفيات".
البلد غير مؤهل لزيادة "انفجارية"
الباحثة الاجتماعية، ندى العابدي، تقول لـIQNEWS إن "العراق منذ سنوات يشهد زيادة في السكان رغم الحروب والانتكاسات الاقتصادية والسياسية، ونسبة الشباب تمثل٦٠%"، مبينة أن "الزيادة السكانية تعد تحديات جديدة للحكومات القادمة باعتبار، أن انتاج افراد يحتاج زيادة خدمات وخطط استراتيجية وتعزيز للاقتصاد وتوفير فرص عمل".
وتلفت العابدي الى ان "العراق غير مؤهل لاستقبال اعداد انفجارية من السكان مع تفاقم المشاكل، لأنها تحتاج الى تخطيط من كل النواحي الخدمية".
وأوضحت بالقول، "اذا اردنا قراءة المستقبل يجب دراسة الوضع الحالي من ناحية التربية والتعليم والاطفال، خاصة وأن الوضع الحالي مترد في كل انواع الخدمات، مما يعني أن البلد أمام مستقبل مجهول غير واضح المعالم".
يذكر أن العراق يحتل المرتبة الثانية عربياً في الدول الأكثر نمواً سكانياً بعد جمهورية مصر، بحسب تقارير دولية.
وبلغت نسبة النمو السكاني خلال السنوات الأربع الماضية 2.6% من مجموع عدد سكان البلد الذي تجاوز 40 مليون نسمة، حسب تقديرات وزارة التخطيط، والزيادة تتراوح بين (850.000 – 1000.000) نسمه سنوياً.