تمثل الآلية التي تتبعها المستشفيات العراقية في التخلص من النفايات الطبية "سبباً لتلوث الأجواء، وزيادة أعداد المرضى"، خاصة في ظل جائحة كورونا، كما يقول عضو مفوضية حقوق الانسان علي البياتي.
والنفايات الطبية هي كل ما ينتج عن العمليات وعلاج المرضى، بما فيها الأجزاء المستأصلة من الجسم وتسمى الأخيرة بالنفايات التشريحية.
عالمياً، يتم التعامل مع هذه النفايات بطريقتين، الحرق وهي الطريقة المتبعة في العراق، أو وضعها في جهاز فرم خاص يحتوي مواد تعقيم وهي الطريقة الأكثر أماناً، وصديقة للبيئة.
"خلل تعاقدي"
يقول مدير مستشفى الزهراء في بغداد، عباس الحسيني لموقع IQ NWES، إن "خللاً تعاقدياً" أوقف عمل أجهزة فرم النفايات الطبية، التي يُطلق عليها أيضاً "المثرامة" في المستشفيات العراقية ومنها مشفاه و"كذلك مستشفى ابن البلدي" في جانب الرصافة من بغداد، لذلك يتم اللجوء لأسلوب الحرق.
ويوّضح الحسيني، أن "النفايات الطبية توضع في صندوق أمان محكم الغلق، بعد حساب وزنها، ثم تحرق داخل المستشفى ذاتها ولاتخرج مطلقاً ويتم التعامل معها بكل حذر".
لكن هذه الطريقة "خطرة" على البيئة ومضرّة بالصحة العامة، وفق ما يرى عضو مفوضية حقوق الانسان علي البياتي.
وقدّم البياتي لموقع IQ NWES، تقارير توّفرت لمفوضيته، وتؤشر "خللاً كبيراً" في إدارة ملف النفايات الطبية في العراق.
"كوادر غير مدربة"
وترصد هذه التقارير "قلة عدد المحارق الخاصة بالنفايات الموجودة او قدمها او عطلها، وعدم القيام باجراءات دفن النفايات التشريحية والاكتفاء بالحرق غالبا، مع عدم توفر منظومة معالجة ثلاثية للنفايات السائلة في اغلب المستشفيات، وقلة او رداءة نوعية الاكياس الواجب توفرها للتعامل مع النفايات المختلفة وايضا الية التعامل معها حسب المعايير الصحية والبيئية".
وتشير تقارير مفوضية حقوق الانسان هذه إلى "قلة اجهزة القطع والتعقيم مقارنة باعداد المستشفيات وعدم وجود تدريب كافي للكوادر عليها، وعدم وجود وسائل توعوية حول الية التعامل مع النفايات من قبل المرضى والمرافقين مع غياب التدريب للكوادر الصحية حول التعامل مع انواع النفايات الخطرة وغير الخطرة".
"مؤسسات صحية لا تلتزم بتعليمات مؤسسات البيئة"
كما تلفت تقارير المفوضية إلى "عدم التزام الكثير من الموسسات الطبية بتعليمات دوائر البيئة على الرغم من فرض غرامات عليها حول مخالفات تخص التعامل مع النفايات".
وتؤشر أيضاً وجود "مواقع طمر صحي قرب المستشفيات ومراكز عزل مرضى كوفيد حيث يتم حرق النفايات ليلا ما يسبب تلوث وايضا انبعاث غازات تسبب خطورة للمرضى".
ويقول علي البياتي إن "قضية وباء كوفيد-19 يمثل خطورة اضافية في موضوع النفايات حيث ان كل ما يخص المريض وعلاجه سيكون ملوثا وقد ينشر المرض في حال عدم التعامل معه حسب اللوائح الصحية والبيئية، ولكن حسب الموشرات اعلاه لا نعتقد ان هنالك سياسة واضحة لدى الموسسات في آلية التعامل معها، غير الاجراءات التقليدية".
ويبيّن أن "هذه المشكلة تعود لسنوات وتعاني منها بعض المناطق السكنية مثل الزعفرانية في بغداد، حيث يتم حرق النفايات في معسكر الرشيد".
من جانبه، يؤيد عضو لجنة الصحة النيابية، سلمان الغريباوي، ما قاله كل من مدير مستشفى ابن الزهراء عباس الحسيني وعضو مفوضية حقوق الإنسان علي البياتي حول "النقص" في أجهزة فرم النفايات الطبية.
ويعزو الغريباوي هذا "النقص" إلى "العجز المالي في وزارة الصحة"، مشيراً إلى أن مخلفات بعض المستشفيات ترسل إلى أماكن الطمر الصحي و"نحتاج إلى أكثر من مثرامة" للتخلص منها بطريقة أقل ضرراً على البيئة.
لكن المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر ينفي "بشكل قاطع وجملة وتفصيلاً" وجود نقص في أجهزة فرم النفايات الطبية في العراق، قائلاً في حديث موقع IQ NEWS إن "في كل مؤسسة توجد محارق وفرامّات للنفايات الطبية".
"لا أملك إحصائية بعددها.. لكنها موجودة"
وعندما طلب IQ NEWS من البدر معرفة عدد الأجهزة هذه الموجودة بحوزة وزارته والتي يقول إنها "متوفرة في المستشفيات الرئيسية بجانب أجهزة الحرق"، فإنه ردّ على الطلب بالقول: "ليس تحت يدي الآن احصائية دقيقة بشأنها".
ويشدد المتحدث باسم وزارة الصحة، على "اتباع" مؤسسات الوزارة سياقات خاصة "مقرة من قبل جهات دولية" في التعامل مع النفايات الطبية، وتشمل تصنيفها وإتلافها حسب خطورتها وطبيعتها الفيسلوجية.
"هناك واحدات خاصة في مؤسساتنا الصحية تتولى هذه المسألة، ويدار الأمر برمته من قبل شعبة خاصة في دائرة الأمور الفنية في وزارة الصحة.. النفايات تتلف بشكل علمي والوزارة تعمل على تطوير هذه الجانب باستمرار"، يضيف سيف البدر.
ويضيف: "لا توجد مضار بيئية لحرق النفايات الطبية وذلك بالنظر لنوعية المحارق وارتفاعها وارتفاع مداخنها وطريقة معالجة الدخان المنبعث منها، وكلّ هذا يخضع لمعايير بيئية".
"المؤسسات الصحية لا تحترم قراراتها"
في حديثه لموقع IQ NEWS، يقول عضو مفوضية حقوق الإنسان علي البياتي، إن "العراق لديه قانون خاص لحماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009 ولكن هذا القانون غير فعال تقريبا بسبب عدم احترام المؤسسات الصحية وغيرها لقراراتها وحتى غراماتها التي تفرضها".
ويلفت إلى أن من بين أسباب مشكلة النفايات الطبية في العراق هو عدم تشكيل أو تفعيل مجلس حماية وتحسين البيئية الذي من المفترض تشكيله في كلّ محافظة برئاسة المحافظين وعضوية الجهات المعنية، مبيناً أن هذه المجالس المفقودة تتولى في حال تشكيلها كجهة ترسم سياسة المحافظة في الجانب البيئي وتشرف وتراقب أداء المؤسسات وتساعد مديريات البيئة في عملها وتقدم الدعم لها.