يعد الفنان أحمد وحيد، صاحب أول "ستاند أب كوميدي" عراقي، وهو فنان شاب من جنوب العراق ومن مواليد 1983، أمضى السنوات السبعة الأولى من عمره في الكويت ثم انتقل إلى العراق، ليحصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من جامعة البصرة.
انتقل وحيد بين محطات مختلفة في مسيرته المهنية، كانت الأولى على مسرح جامعي وصولاً إلى شاشات التلفاز.
ويتحدث أحمد وحيد لموقع IQ NEWS، عن بداياته قائلاً: "بعد تخرجي من كلية الهندسة عملت في إذاعة تبث من البصرة، وقتها كنت أفكر بأن كل من يستطيع التحدّث أمام جمهور من خلف الميكرفون، فهو يستطيع التحدث معهم مباشرة، وهذا ما دفعني لتقديم أول ستاند – أب كوميدي عام 2015".
أقام وحيد عرضه الأول على مسرح كلية الآداب في البصرة، بعدما دعاه مدير المركزي الثقافي هناك، وهو "شخصية تدعم الفن وتعرف معنى الستاند – أب كوميدي لأنه قضى سنوات عديدة في بريطانيا حيث هذا العمل مألوفاً هناك".
في هذا العرض، قلّد الفنان البصري أصوات رؤساء العراق، وحظي بإعجاب جماهيري "غير متوقع" بالنسبة له، ورغم أن الأمر سار معه بشكل جيد إلا أن المسألة تبقى بمثابة تحدٍ لأن "الفنان الكوميدي يجب أن يتحدث في الموضوع الذي يود طرحه لكن بإسلوب فكاهي لساعة كاملة دون توقف أو مساعدة أو مشاركة أحد في الحديث"، كما يقول.
ويضيف: "نجح العرض الأول وودت لو تمكنت من تقديم عروض أكثر لكني واجهت مشكلة كبيرة مع المسارح في البصرة، فهي تابعة للدولة وتعارض ما نقدمه من مواضيع، خاصة المشكلات الموجودة في المحافظة أو العراق بشكل عام، ولذا منعت من تقديمها".
وعن المسارح الخاصة، يقول وحيد في حديثه لموقع IQ NEWS، إنها "تخاف من جهات يمكن أن تهدد أمنها ومصالحها إن عارض الطرح تطلعاتها السياسية، فلجأت إلى التلفاز والسوشيال ميديا".
في 2016، قدم الفنان البصري الشاب برنامج "مسموطة" على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي مقاطع لا تتجاوز 3 دقائق ويطرح خلالها مواضيع مختلفة، ليستمر على هذا الحال حتى عام 2018.
بعدها، والكلام لأحمد وحيد، عرضت قناة " NRT" عليه تجربة فنية لكن لم يحصل اتفاق بينهما بسب الخلاف حول مكان العرض: "وأيضاً كنت اعتقد أن العمل يحتاج إلى تحضير أكبر من جانب القناة، فلم تكتمل التجربة".
في 2018، قدم وحيد مسرحية "انتخبوا حمورابي"، وفي العام التالي قدم دورات في الكوميديا والتمثيل في عدة محافظات، وفي 2020، جاءت تجربة برنامج "بنج عام" بموسمه الأول، و"آخر ظهور"، وفي العام التالي قدم موسماً ثانياً من "بنج عام" إضافة إلى برنامج آخر بعنوان "قط أحمر".
"الموهبة أم الشهادة؟"
وفي جزء من الحوار الذي أجراه معه موقع IQ NEWS، تطرق الفنان أحمد وحيد إلى العلاقة بين شهادته في الهندسة، وبين حياته الفنية، قائلاً: "الهندسة دخلت على حياتي الفنية، وليس العكس".
ويتابع: "أنا امتلك الموهبة والحلم بتنميتها منذ الصغر، لكني مثل كل شاب عراقي يعاني من طبيعة العوائل العراقية التي ترى في الحصول على الشهادة الجامعية ضماناً لمستقبل مريح، ولذا دخلت قسم الميكانيك في كلية الهندسة".
ولا يرى أحمد وحيد في تخصصه الأكاديمي البعيد عن الفن مشكلة، لأن "جامعاتنا المختصة بالفنون تعاني من كلاسيكية المناهج ولا ترضي الطموح، وأنا اعتقد بشكل تام أن كل موهوباً يمكنه الوصول، إن كان أكاديمياً أم لا. لكن هناك من تضطره الضروف إلى قتل موهبته بداخله بسبب صعوبة الظروف المعيشية أو غيرها كما نرى في العراق".
المواضيع "الجريئة والصعبة"
ويستطرد وحيد في حديثه، ليتطرق إلى صعوبة المواضيع التي قدمها و"جرأتها"، قائلاً إنها "تحتاج إلى شجاعة لتطرح على مسارح داخل العراق، وتحديداً في البصرة. لكنني كنت أرهان على تناول الموضوع دون إثارة المشاكل والحديث عنها دون الاساءة، على أن يكو نذلك ضمن حدود الانتقاد العالي، وأعتقد أنني نجحت حتى الآن في أن اتحدث بجرأة لكن دون تجريح واساءة".
وعن أقرب أعماله إلى قلبه، يقول وحيد "كل الأعمال قريبة ولها نكهتها الخاصة، فمثلاً تقليد رؤساء العراق شجعني على دخول المجال الفني وبنجاح العرض بشكل غير متوقع، علمت أن الفن مجهول الأبواب والنوافذ".
ويضيف "برنامج (مسموطة) عرف الجمهور بأحمد وحيد، أما (بنج عام) فقدمني ككاتب وحاز على أفضل عمل لـ2020، أما (قط أحمر) فاعتبره مرحلة جديدة ومهمة وحرصت على أن تجسد وجوه جديدة من البصرة دول بطولته، وهم حسن حنتوش ونور تقي ورشا، وتخلل حلقاته ضيوف شرف من فنانين معروفين".
ويلفت أحمد وحيد إلى "تخطي الخطوط الحمراء في برنامج (قط أحمر). ففي كل حلقة هناك أكثر من مشهد منها خفيف ومنها ثقيل، وتناولنا الكثير من القضايا الأمنية والسياسية والملفات الحساسة الكبرى".
ويدفع ضعف الانتاج الفني في العراق الفنانين أحياناً إلى القبول بأية أعمال تعرض عليهم، حتى وإن لم تكن تقدم للفنان شيئاً في مسيرته أو توقعه في مطب التكرار، يقول وحيد.
"الخطأ في الأعمال الفنية هي في تكرارها أو أن يتعود الجمهور على شخصية ملازمة للفنان فلا يخرج عن اطارها، وبالتالي فقدان حس مفاجئة الجمهور وتقديم ما هو أفضل".
"أنا أكتبها وأنا أنهيها"
وعن تجربته كممثل ثم الانتقال إلى التأليف، يقول وحيد إن "أساس النجاح هو قلق الفنان من إعجاب الجمهور بما قدمه أو لا. الطريق صعب وصعوبته بكيفية عدم تكرار غيرك وأن تكون متنوع، خاصة وأنه من الممكن أن يمل الناس الموضوع أو يتكهن الجمهور بموضوعك المقبل. هذا يعني أنك فشلت".
ويضيف، أن "التشكيك بقدرتك على إنجاح أعمالك هو الدافع لهذا النجاح أصلاً"، مستشهداً بمقولة ميلفن هيلترز في كتابه "أسرار الكوميديا"، إن "كل إنسان دخل هذا المجال سيشكك بنفسه حتى وإن أحب الناس ما يقدمه.
"أنا اعتقد أن هذا التشكيك صحي جداً"، يقول وحيد، مشيراً إلى أنه يؤلف أعماله بمفرده ولا يقبل بأية تدخلات: "هناك مساحة بين الكاتب والمخرج تدعى رؤية اخراجية يمكن من خلالها إضافة ما يخدم العمل من قبل المخرج، وبالاتفاق طبعاً، لكني أنا من يكتب وأنا من ينهي الحلقة في أي برنامج أو عمل فني أؤلفه".
"سأنسحب"
وعن هكذا تدخلات، يقول أحمد وحيد إن "التدخلات في ما نقدمه من فن موجودة دائماً، ويمكن القوا إن الجميع يتعرض لها، وهو ما واجتهه من بعض القنوات ورفضته بشكل قاطع".
هذه التدخلات أنواع، منها ما يكون لمصلحة خاصة بالجهة الداعمة للبرنامج أو لفرض شخص ما في العمل بسبب قرابة، وهناك تدخلات هدفها إضفاء صبغة سياسية معينة على البرنامج تخدم جهة ما، "وهو ما أرفضه رفضاً قاطعاً"، يفصّل وحيد.
"أما من يتدخل في العمل لإنجاحه مثلاً أو لإجراء تعديلات بسيطة تخدم العمل فهو مقبول بالطبع، وإن فرض عليّ عمل ما وتبيّن بعدها أنه يخدم مصلحة جهة ما فلن أقدم على تقديمه".