عانق يوسف صالح، البالغ من العمر 60 سنة، ابن عمه محمد سليم، القادم من تركيا بحرارة، لدى دخول الاخير منفذ سرزير على الحدود العراقية التركية في ناحية كاني ماسي شمالي محافظة دهوك، ليزور اقربائه الذين نزحوا من قريتهم "ادني" الكردية قبل أيام جراء المواجهات بين مسلحي حزب العمال الكردستاني والجيش التركي.
ويقول محمد سليم البالغ من العمر 55 سنة، ويسكن بلدة جلي التركية، الواقعة على الشريط الحدودي مع العراق، انه يواظب على مواصلة زياراته الى اقليم كردستان منذ سنوات للاطلاع على أوضاع اقربائه للاطمئنان عليهم، مشيرا الى أن "هذه المرة كان الامر مختلفا بسبب نزوح أقربائي من قريتهم جراء العمليات العسكرية بين العمال الكردستاني والجيش التركي".
ويضيف في حديثه لموقع IQ NEWS، أن "الخط الحدودي الذي تسبب في انفصال منطقتنا وتقسيمها إلى نصفين بين دولتي العراق وتركيا، لم يمنعنا من التواصل والحفاظ على اواصر القرابة بيننا رغم صعوبة الظروف"، مبينا أن "جميع سكان القرى الواقعة على جانبي الشريط الحدودي تتمتع بأواصر القرابة والعلاقات الاجتماعية القوية فيما بينهم ولن تتأثر هذه العلاقات بالتطورات السياسية والامنية نهائيا".
من جانبه يقول يوسف صالح لموقع IQ NEWS، أن "علاقاتنا مستمرة مع اقربائنا في الجانب الاخر من الحدود منذ عدة اجيال رغم الاوضاع والظروف الصعبة التي شهدتها منطقتنا بعد تقسيمها على دولتي العراق وتركيا"، موضحا أنه "كانت تبادل الزيارات بيننا اشبه بالمغامرة وتتم عبر طرق جبلية وعرة وشبه سرية بعيدة عن انظار حرس حدود دولتي العراق وتركيا".
ويضيف انه "بعد افتتاح معبر سرزير الحدودي مؤخرا اصبحت تبادل الزيارات بيننا اسهل مقارنة مع السنوات السابقة"، مشيرا الى أن "العلاقات الاجتماعية والتبادل التجاري بين سكان جانبي الحدود جيدة حاليا ولم تستطيع التطورات السياسية والامنية اعاقتها".
ويعود ترسيم الحدود بين العراق وتركيا الى العام 1927،وكانت محكمة العدل الدولية في لاهاي اقرت في تموز 1925 باستخدام خط بروكسل، كخط حدودي بين دولتي العراق وتركيا، وفي 5 حزيران 1926، وقعت بريطانيا وتركيا على معاهدة أنقرة، والتي بموجبها اعترفت الدولتان بخط بروكسل الحدودي الذي كان في الأساس خطاً للحدود الشمالية لولاية الموصل في عهد الدولة العثمانية.
ويقول النائب في البرلمان الكردستاني ريفنك هروري في حديث لموقع IQ NEWS، أن "العلاقات بين سكان القرى والبلدات الواقعة على جانبي الحدود التركية العراقية الحالية تعود لمئات السنين ولفترة ما قبل ترسيم الحدود"، مشيرا الى أن "هناك العديد من القرى انقسمت اراضيها بين حدود الدولتين منها قرية دشتان، حيث أن جزء منها تابع للدولة العراقية والجزء الاخر تابع للدولة التركية".
ويضيف أن "هناك العديد من سكان القرى الحدودية مزدوجي الجنسية العراقية والتركية"، مشيرا الى أن "الحدود السياسية لم يستطيع يفصل اهالي المنطقة من بعضهم البعض بسبب قوة وعمق الوشائج الاجتماعية والتاريخية".
ويرى هروري، أن "السلام والحوار والعمل على حل جذري لقضية الشعب الكردي في تركيا هو السبيل الوحيد لاستقرار هذه المنطقة داعيا المجتمع الدولي و تركيا والعراق واقليم كردستان الى العمل معا من أجل تمنية هذه المنطقة اقتصاديا وسياحيا وتجاريا بدلا من تحويلها الى ساحة حرب وتصفية الحسابات السياسية".
وتشهد المناطق الحدودية منذ اعوام توترا امنيا وعمليات عسكرية تركية بين حين وآخر بحجة ضرب مواقع مسلحي حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا والمتواجدين منذ العام 1985 في الجبال الوعرة على الشريط الحدودي بين العراق وتركيا.
ونفذ الجيش التركي في 23 نيسان الماضي، عمليات إنزال كبيرة لقوات "كوماندوز" تابعة له على جبل زنارا "كيستة" المطل على قرية "كيستة" الحدودية بناحية "كاني ماسي" شمالي دهوك وأقامت عدة نقاط عسكرية هناك، ومنذ ذلك الوقت تقوم بعمليات عسكرية لاستهداف عناصر حزب العمال الكردستاني، في قرى دهوك، الأمر الذي تسبب بنزوح العشرات من العوائل الكردية من مناطقها.