في العاصمة بغداد هناك مشروع كامل لسيارات الأجرة النسائية، لكن في البصرة هناك ام زمن فقط، امرأة ارتأت ان تعيل نفسها وعائلتها ايضا بأية طريقة مشروعة كانت، حتى ولو واجهت تهكمات وسخرية واحيانا تهجما من قبل مجتمع البصرة الذي يرفض ذلك بسبب العادات والتقاليد قضية ان يكون سائق الاجرة امرأة.
وبدأت أم زمن، بإيصال اهلها واقاربها الى اماكن عملهم او الى اية وجهة اخرى، تلاها استعانة الجيران بها لإيصال زوجاتهم او اطفالهم الى المدارس واماكن العمل ليتجه عملها الجديد الى خط اكثر جدية بالالتزام بمواعيد التوصيل مقابل أجور مالية.
البداية
أم زمن من مواليد 1970 وحاصلة على شهادة السادس الاعدادي، وعُرفت بين ابناء المنطقة باسم (ام زمن) رغم انها لم تنجب اطفالا ابداً، وكانت تعيش على الراتب التقاعدي لوالدتها المتوفية، حسب ما قالته لموقع IQ NEWS، و"كان المبلغ قليل ولكنه يسد الاحتياجات الضرورية".
وكانت أم زمن، ترغب دائما بالحصول على سيارة لكن ظروفها لم تأت بما ترغب الى ان جاءت فكرة لأختها بالتسجيل على سيارة وفق نظام التقسيط ولانها بحاجة الى كفيل فتكفلت اختها الموظفة بذلك ولم تكن فكرة عملها كسائقة اجرة مطروحة وقتها الا ان توصيلها لبنات اختها لمدارسهم البعيدة عن المنزل وايضا لكل من يحتاج التوصيل من الجيران طور الفكرة.
تقول ام زمن أنه "في عام 2016 انتقل الموضوع بين المنطقة، وقامت النسوة بطلب توصيلي اياهن لاماكن مختلفة بأجرة حتى تحول الامر لمواعيد عمل وتوصيل طلبة للمدارس وفق اجور متفق عليها وحجز ايضا عبر الهاتف وأصبحت سائقة تكسي بسيارة الآن من نوع نيسان موديل 2019، في حالة لم تألفها مناطق وسط وجنوبي العراق بسبب تركيبتها العشائرية المحافظة".
وتابعت أم زمن "بعدها بدأ الامر يتطور اكثر وعملت كسائقة توصيل لمطاعم ايضا ومندوبة لعدة محال تجارية اوصل البضائع الى عدة مناطق في البصرة واقضيتها ونواحيها ماعدا منطقتي الامن الداخلي والقبلة داخل البصرة وقضاء الزبير الذي يقع جنوب غرب البصرة".
مشاريع بديلة
كانت هناك مشاريع كثيرة بديلة عن سياقة سيارة اجرة الا ان ام زمن تحدثت عن المشاريع التي كان بالإمكان مزاولتها وقالت "جربت مشروعا خاصا بالملابس وكان خاصا بالنساء الا انه خسر ولم يستمر لأكثر من عام، وفكرت حينها باستغلال السيارة بالشكل الذي احبه وهو السياقة ولم احاول ان اغيرها، المشاريع الاخرى قد تربح وقد تخسر ايضا ولكن السياقة لا تخسر ابدا وهذا ما جعلني اتمسك بها رغم ما الاقيه في الشارع من تحرش لفظي وايضا اساءة لعملي كوني امرأة واعمل كسائقة اجرة حتى وان اقتصر هذا العمل على إيصال النساء فقط حيث انني اوصل السيدات والاطفال ولا اقل الرجال ابداً، الا في حالات استثنائية كأن تكون امرأة ومعها زوجها وبحالة اضطرارية".
وتوضح أم زمن "صحيح ان متوسط دخلي اليومي يصل أحيانا إلى نحو 50 ألف دينار عراقي (33 دولارا)، الا انه يكفيني ولا اضطر لمد يدي للأقرباء لإعالتي كما انني اتقاسم ما اكسبه مع عائلة فقيرة ومتعففة، واعمل على توزيع السلال الغذائية على العوائل المستحقة بمعونة الأيادي الخيرة ايضا وهناك مشروع لي هو (التبرع بألف) وخاصة في فترة الحظر بسبب جائحة كورونا واستطعت عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي من جمع تبرعات للعوائل المتعففة وتوزيعها بشكل مباشر واستمر المشروع حتى اللحظة".
تنمر ام "حسد عيشة"
ردود الفعل على عمل ام زمن لم تثنها عن هدفها بالعيش دون الاتكال على عائلتها لإعالتها وايضا لم تعير أم زمن اهتماما لكلمات التنمر من بعض النساء، فتقول إن "اكثر الاساءات تأتيني من النساء، مثلا احدى الموظفات مع اختي العاملة في دائرة حكومية تقول لها دائما باستهزاء (اختك سائقة تكسي وكيف لها ان تعمل في هذا المجال)، وهذا يدفع اختي الى التلميح لي بأن علي ان اترك مهنتي إلا انني اتجاهل الامر وهناك من تتحدث عن كيف لي ان اتعامل مع الشارع خاصة وان المجتمع تقبل فكرة سياقة المرأة لسيارتها الخاصة ويرفض عملها كسائقة اجرة واخرى".
وتبيّن أن "امرأة من الجيران تحاول اقناعي بالعمل في مجال اخر خاصة حينما علمت بأنني اطمح الى تغيير مركبتي، الا ان العمل وكرامتي لا يسمحان لي بأن يعيلني أحد، أعمل بشرف ليس بعملي إساءة لأي شخص، اما احد اقاربي فقال لي بالحرف (لن أركب مع امرأة تقود سيارة وأجلس بجانبها أبداً)".
وتستثمر أم زمن عملها مندوبة توصيل لأحد المطاعم ولمحال تجارية تختص ببيع الالبسة والاحذية ايضا، وتقول إنه "لا بد لكل فرد أن يسعى للاعتماد على نفسه، وأسعى لشراء سيارة أحدث لكي يكون العمل أفضل ولكي يشعر الركاب بالراحة".