"سرعة جنونية وحركات بهلوانية وشياط إطارات"، هكذا يحلو للكثير من الشبان العمل في شوارع بغداد، ومنهم من يتمادون بنشر الفوضى في أزقة مناطقها للتباهي بسياراتهم ودراجاتهم الرياضية.
تحول "التفحيط" إلى ظاهرة في العديد من مناطق بغداد، وأبطاله على الغالب شبان في مقتبل العمر يمتازون بالتهور وعدم احترام خصوصيات الناس وإدخال الرعب في نفوسهم والتسبب بحوادث والكثير من المشاكل، الأمر الذي يتطلب إجراءات وقوانين صارمة تكبح جموح هذا "الجنون".
"قلب الحصى والتراب وفاحت رائحة الشياط أمام المنزل وفزع الأطفال في هول صوت العادم"، هكذا يقول جمال كريم (40 عاما) لموقع IQ NEWS، واصفا حادثة حصلت أمام باب منزله.
ويضيف كريم، في ساعة متأخرة من الليل، دأب ثلاثة شباب بدراجة وسيارة نوع (بي ام دبليو) على التفحيط بـ"جنون" أمام منزله، مبينا أنه حاول إبعادهم بهدوء ليتفاجأ بأنهم مخمورون ويتعمدون ما يفعلون، الأمر الذي جعله يدخل في مشادة معهم تطورت إلى مشكلة كبيرة نتيجة "استهتارهم"، حسب وصفه.
"الشارع ليس ملكا لأحد ونفعل فيه ما نشاء"!، عبارة كثيرا ما يحفظها من يسيئون الأدب للناس بحجة الحريات الشخصية، وهي ملازمة لهؤلاء "الصعاليك"، بحسب كريم، الذي بدا غاضبا جدا، مبينا أن "الحل الأمثل مع هكذا نماذج هو تأديبهم وتعليمهم أصول الحريات، لأن الشارع له حرمة وليس كما يعتقدون".
الداخلية تتوعد
المتحدث باسم وزارة الداخلية، خالد المحنا، يقول في حديث لموقع IQ NEWS، إن "أي عمل من شأنه إزعاج المواطنين أو يشكل تهديدا لسلامتهم يعد منافيا للقانون، ولذلك تبادر أجهزة وزارة الداخلية الى ضبط الذين يزعجون الناس من خلال دوريات شرطة المرور والشرطة".
ويوضح المحنا، "بين الحين والآخر يتم القاء القبض على أي شخص تصل معلومات عنه سواء من خلال ورود شكاوي من المواطنين أو من خلال متابعة المفارز المنتشرة في الشوارع".
وتابع، "في الأيام المقبلة وبعد أن وصلت كثير من شكاوي المواطنين سيكون هنالك تشديدات اكثر على الاشخاص الذين يصدرون اصواتا من سياراتهم تسبب ازعاجا للناس في أوقات الراحة".
ويلفت المحنا الى أن "هنالك مخالفات تسجل بسبب إزعاج المواطن وحسب جسامة الضرر يتم التعامل مع الموضوع بالطريقة القانونية سواء بالقيام بأعمال تسيء للناس او اصدار اصوات عالية عبر المكروفون في السيارات".
عقوبات رادعة
الخبير القانوني علي التميمي يقول لموقع IQ NEWS، إن "حالات تفحيط سيارات الشباب والسكر وارتكاب تجاوزات في الشوارع والمناطق السكنية تخالف مجموعة قوانين"، مبينا أن "القانون يعاقب بالحبس 6 أشهر وغرامة مالية تتراوح ما بين 50 الف الى 200 الف دينار لمن يحدث الفوضى والرعب لدى الناس وخصوصا الدراجات النارية التي تعد خطرا على المجتمع".
ويوضح التميمي، أن "الكثير ممن يقودون هذه الدراجات النارية هم أطفال صغار السن لا يحملون إجازة سوق، والقانون المروري النافذ يقول يطبق على الدراجة النارية ما يطبق على المركبة او السيارة وبالنتيجة هم مخالفون لقانون المرور ويمكن اعتقالهم من المفارز المرورية".
ويضيف التميمي، أن "وجود هذه الحالات وسط الشوارع وتحولها الى مسابقات وبهلوانيات واصوات مزعجة قد تؤدي الى حالات موت من اشخاص كبار بالسن، وهذا يعرضهم الى عقوبة مضاعفة وتشدد ونحتاج الى قرارات جريئة من مديريات المرور وخصوصا في بغداد التي تبدأ البهلوانيات فيها بعد الساعة 12 ليلا".
مجيد حمدي أحد سائقي السيارات الرياضية يقول في حديث لموقع IQ NEWS، إنه "يمارس رياضة التفحيط بأماكن مخصصة للاستعراض"، مبينا أن "الاستعراض تنظمه شركات متخصصة، وتقام البطولة يوم الجمعة من كل أسبوع في أماكن مختلفة، وأحياناً في منطقة الجادرية".
ويبين حمدي، أن "بعض اللاعبين يقيمون استعراضاتهم في ساحات غير مخصصة للرياضة، وغير مرخصة قانونيا، وقد تكون قريبة من المناطق السكنية، ما يسبب إزعاجاً للعوائل، وعلى إثرها تتم محاسبة المخالفين، وتلزم السلطات الأمنية السائقين المخالفين بدفع غرامة تصل إلى مئة دينار أو حجز السيارة".
يذكر أن هواية "التفحيط" اتسعت في السنوات الأخيرة بين الشباب البغداديين بشكل لافت وزادت حدتها في بعض المناطق، الأمر الذي يثير الفوضى ويقلق الناس الراغبين بالهدوء والسلام، وما ساعد على تفشي هذه الظاهرة هو دخول السيارات ذات الطابع الرياضي الحديثة وسهولة اقتنائها.