تصف فادية (39) عاما وهي متخصصة في السوشيل ميديا بإحدى المواقع الكردية، من سكنة مدينة السليمانية وتولد العاصمة بغداد، كيف انها حاولت حل مشاكلها بالذهاب إلى الطبيب النفسي.
تتقول فادية في حديثها لموقع IQ NEWS، إن "طليقي كان يشعر انني اجذب الطاقة السلبية لنفسي ولا أعرف كيف ابتسم، وحين طلبت الطلاق وافق على الفور، لكن حاولت اقناعه بأنني احتاج الى زيارة طبيب نفسي من اجل حل المشكلة التي يظن انني اعاني منها بدل الانفصال الا انه لم يستمع حتى لطبيبي وهو يقنعه بأنني اعاني من الاكتئاب".
فادية لم تود ان يعرفها المجتمع كمطلقة وآثرت الذهاب الى طبيب نفسي في الخفاء على ان تتعامل مع الانفصال في العلن، حيث تقول: "حاولت اقناع طليقي بأنني قادرة على بذل كل شيء في سبيل انجاح العلاقة وصولا الى قصدي المختص النفسي ولكن في الخفاء دون ان يعرف أحد بذلك، لم اود حقيقة الرجوع الى بيت العائلة كمطلقة والقلق بشأن المستقبل وهل سيكفي المرتب الشهري مع النفقة لسد احتياجاتي ام لا، طليقي كان يقدم لي كل هذا على طبق من ذهب".
فادية لم تلجأ لإكمال العلاج واكتفت بزيارتين فقط الى الطبيب رغم انه شخصها بالاكتئاب الحاد وبينت ان الحاجة انتفت له بقولها "قصدته من اجل غرض ما، وحين انتهى الغرض انتهت معها حاجتي الى الطبيب النفسي، انا لا اشعر انني اعاني من شيء وحتى إن شعرت فلن أأخذ ادوية يكتبها مختص نفسي، ارى الناس في التلفاز تتحول لمجانين بسبب هذه الادوية، في الافلام والمسلسلات، ولن اخذها بكل تأكيد او أكمل زيارتي حتى وأصلا الذهاب إلى الطبيب النفسي وصمة عار كبيرة ستجعل حياتي أكثر تعقيدا".
استطلاع للرأي
في استطلاع للرأي اجراه موقع IQ NEWS بين ما يقرب الـ200 شخص من الذكور والاناث بعمر الـ22 وحتى الـ50 عاماً، حول (هل تؤيد الذهاب الى الطبيب النفسي ان شعرت بالحاجة لذلك ام لا وهل تعلن انك تقصده ام لا) جاءت الردود كالآتي: 50% قالوا لا، 30% بنعم، و10 % امتنعوا عن الاجابة فيما جاءت النسبة الـ10 في المائة الاخيرة بردود مختلفة قال زياد سالم مثلا: "اعتقد ان الحاجة الى زيارة الطبيب النفسي باتت ملحة ولكن الخجل هو العامل الذي يطغى على الحاجة هذه، وكعراقيين لا اعتقد ان هناك بقاموسنا اي معنى للذهاب اليه"، فيما يرى حمه قيدار أن "كل ما نحتاجه هو التحاور مع شخص عن مشكلاتك التي تواجهك ومتسببة بثقل كاهلك مع ضمان ان هذا الشخص لن يدلي بأسرارك ابدا، وقتها ستعود الى طبيعتك وتنتهي مشاكلك النفسية تماما".
في عام 2021، قالت منظمة الصحة العالمية، ان واحد من كل أربعة عراقيين يعاني من هشاشة نفسية في بلد يوجد فيه ثلاثة أطباء نفسيين لكل مليون شخص، في مقابل 209 أشخاص في فرنسا مثلا.
النساء أكثر
"حسب عملي النساء أكثر".. يبدأ المتخصص بالصحة النفسية هاني علاوي، الحاصل على ماجستير صحة نفسية حديثه لموقع IQ NEWS عن اكثر من يقصد العيادات النفسية في العاصمة بغداد من الجنسين يقول "عملت في مراكز دعم نفسي واجتماعي ومع عيادات اطباء نفسيين في تقديم جلسات العلاج النفسي، صحيح انه من الصحب ان نقيس اي الجنسين الاكثر قصدا للأطباء النفسيين الا انه يمكن القول، حسب خبرتي في هذا المجال ، النساء اكثر والسبب ضغوطات الحياة وطبيعة بعض المجتمعات من ناحية تقييد خروج النساء او العمل والمحاسبة والمسؤولية الاسرية التي تتسبب بضغوط نفسية اكثر عليهن".
ويتحدث ايضا عن الامراض النفسية الاكثر تشخيصاً لدى الشارع قال "ايضا الموضوع صعب الجزم فيه ولكن يمكن عدها اضطرابات شائعة كالاكتئاب والوسواس القهري والفصام"، ويكمل حديثه عن كيفية تعامل الشارع مع الهدف من زيارة الطبيب النفسي او جدواها اصلا "هناك مخاوف وخجل عام واحساس بانها وصمة عار من الذهاب الى الطبيب النفسي ويفضل البعض قصد الروحانيين والمشعوذين على الذهاب الى مختص نفسي".
علل اجتماعية
الباحثة الاجتماعية بان كاظم، رأت ان "الاهم والذي يمكن ان يقود الى صحة نفسية عامة لدى الشارع هو التخلص من الاحساس بإن كلمة طبيب نفسي تعني مجنون"، ونوهت الى ان كل ما يشعر به المرء متاح والاهم هو كيفية تعامله معه خاصة وان "البيئة العراقية والتركة الثقيلة من الحروب تسببت بمشكلات وعلل اجتماعية كثيرة ادت الى زيادة مثلا في نسب الانتحار او الطلاق او حالات القتل حتى".
وتشير كاظم الى أن "الكثير من العلل هذه تبدأ في فترة الطفولة، وعلى الاغلب يجب ان يكون هناك انفتاح أكثر فيما يخص الصحة النفسية عن طريق دورات توعية او ما شابه"، الا ان المختص النفسي هاني علاوي قال "ان نسب الاطفال الذي يعرضهم الاهالي على الطبيب النفسي قليلة جدا".