لم يكن يحتاج الكثير، فبعض من الصبر والعمل وعدة علاقات بأبناء محافظته بابل، وبمبلغ زهيد من المتبرعين قدره 250 دينار عراقي فقط، تمكن المحامي الشاب من أهالي الحلة مناف جودة حسن، من بناء 31 منزلاً للفقراء والعوائل المتعففة، وهو يصبو نحو حلم أكبر ببناء مجمع سكني للفقراء والمحتاجين من أبناء المحافظة.
مشروع "بيت بربع"
مناف جودة حسن، مواليد 1996 من مدينة الحلة وحاصل على درجة البكالوريوس في القانون، بدأ مشروعه قبل اقل من عامين ماضيين، يشرح لموقع IQ NEWS، الهدف من بدء هكذا مشروع يعمل وفق مبدأ غريب وبمبلغ اغرب أيضا قائلاً: "اعمل وفق مقولة القليل المستمر خير من الكثير المنقطع، لذا بدأت مشروعي لبناء المنازل واعطاءها للمتعففين والفقراء من بلدتي دون مقابل، كل هذا ينتج بتبرعات رمزية تبدأ بـ250 دينار، واخترت هذا المبلغ حتى لا تفقد الناس حماسها حين تتبرع، خاصة وان المبلغ قليل جدا لا يكفي احيانا لشراء كيس من البسكويت او نصف كيلوغرام من الطماطم".
مناف تحدث عن كل التفاصيل الخاصة ببناء المنازل وفق التبرعات القليلة جدا حيث يقول أنه "بسبب كثره الفقراء في العراق وفي مدينتي خاصه قررت ان ابدأ بمساعدتهم، وطبعا بمساعدة المتبرعين ايضا نجحت في توفير 31 منزلا امنا لمحتاجيه، كل منزل يحتاج من 10 الى 12 مليون دينار عراقي، اما قطع الاراضي فنحصل عليها من متبرع بالمجان يمتلك اراض زراعية ويتبرع لنا بعدة مساحات تمكننا من بناء المنازل، وتتراوح مساحتها من 100 الى 250 مترا مما يساعدنا على بناء منزل بثلاث غرف او اكثر في كل مرة".
علاقات تسهل المهمة
المحامي البابلي يحاول بين الحين والآخر تقليل كلفة المنازل وفق ما يحصل عليه من تبرعات حيث يقول "احيانا يفيدني التخصص في القانون وعلاقتي بالناس، في توفير اليد العاملة لبناء تلك المنازل، مثلا العمال اصدقائي يساعدونني ببناء المنزل وفق مبدأ اول يوم عمل هو بالمجان والايام التي تليه تكون بنصف او اقل من نصف قيمة العمل كنوع من المساعدة".
مناف يحصل ايضا على أكثر من ذلك حيث يحصل احيانا على تبرعات بمواد البناء ان كانت التبرعات اقل مما كان يحتاج او يتوقع.
كيف الاختيار؟
ويمتلك مناف محلا للأجهزة الالكترونية وسط الحلة مما يسهل عليه معرفة العوائل المحتاجة عن طريق ما يتناقله الناس في السوق كما وانه يعمد الى مراقبة كل عائلة يحصل على معلوماتها كمنتفع للتأكد من صحة المعلومات وايضا حتى لا يقع ضحية الاستغلال.
ويروي قصة احدى العوائل المستفيدة من مشروعه بالقول: "اتصل بي شخص وسألني ان كنت صاحب مشروع بيت بربع، بعدها اعطاني معلومات عن عائلة للتأكد من امكانية شمولهم بالمشروع او لا، كانوا عائلة من سبعة اشخاص، امرأة وستة اطفال ووالدهم شهيد وكل ما كانوا يملكوه هو علبة معجون طماطم واحدة فقط ".
وأكمل القصة "زوجة الشهيد لم تطلب سوى عدة احتياجات لأطفالها الستة وايضا دفع ايجار منزلها المتهالك، الا انني اكملت البيت التالي ومنحته لها ولأطفالها، مما سهل عليها امر المعيشة قليلا دون ان تفكر بالإيجار".
ويسرد مناف قصة اخرى لمنتفع آخر، قائلاً: "كنت استطلع منطقة ابني فيها بيتا لعائلة، واستوقفني منزل بلا باب خارجي او سياج حتى، وحين سئلت عن صاحب المنزل، علمت انه رجل كبير في السن تركه اولاده للموت وحده".
العوائل التي يساعدها مناف عادة ما يكون معيلها امرأة وايضا تعيش على الرواتب التي تخصصها الاعانة الاجتماعية مما قد يسهل أمر المعيشة عليهم حين يحصلون على منزلٍ دون دفع ايجار شهري له، كما ويؤسس مناف ضمن بناءه المنزل بالخدمات الاساسية من ماء وكهرباء وشبكة خاصة بالمجاري.
ماذا في المستقبل؟
يطمح مناف لتوسعة شبكة نشاطاته، فبدل بناء منازل منفردة، وصلت الى 31 منزلا، يريد الآن بناء مجمع سكني كامل، وحصل فعلا على الارض ولم يتبقى حسب قوله الا البدء به: "كنت أفكر ببناء مجمع كامل للفقراء في مدينتي والحمد الله حصلت على الارض مجانا وبانتظار فقط المهندس المسؤول لغرض تحديدها والبدء بوضع الاساس والبناء بعده".
ويعتمد مناف على مواقع التواصل الاجتماعي في اعانته على توصيل صدى مشروعه للجميع، من أبناء محافظة بابل والمحافظات الاخرى.