بغداد - IQ
تتجه العديد من المهن القديمة في الموصل، كالنقش على الحجر والصفارة والزخرفة على المعادن وصناعة القوارب، إلى الانقراض، خاصة بعد أن تكالبت عليها ظروف اقتصادية جعلت الاستمرار بها منوط بعودة الحياة إلى المدينة بشكل كامل.
بسام أحمد محمد ، يعمل في صناعة القوارب منذ 15 عاما ويعيش في الموصل ولا يزال يمارس مهنته في منطقة الميدان بالقرب من جسر الموصل القديم على الرغم من ترك بقية صانعي القوارب في المنطقة هذه مهنتهم واتجاههم الى مزاولة مهن آخرى بسبب قلة وارداتها وايضا عدم العديد من صانعي القوارب الى مناطقهم بعد القضاء على تنظيم داعش.
قبل وبعد..
بسام، في الـ44 من عمره قال لموقع IQ NEWS: " صنعت خلال سنين عملي اكثر من 200 قارب خشبي بأحجام مختلفة الا ان الامر تغير بعد القضاء على داعش والعودة الى مدينتنا من جديد، كنت أصنع شهريا اكثر من 12 قاربا من الحجم الكبير الا ان العدد الآن لا يتجاوز الـ8 بينها الاحجام الصغيرة خاصة بعد أن منعت الحكومة الصيد في نهر دجلة المار بالمدينة".
يكمل بسام حديثه عن مهنته التي هو الوحيد الذي يزاولها الآن في الميدان، قائلا: "أغلب زبائني هم صيادو السمك ومع قلة مناسيب المياه قل الاتجاه نحو المهنة ايضا، إذ أصنع شهريا 8 قوارب فقط لصيادين من داخل وخارج الموصل ويستغرق صنع القارب الواحد ثلاثة الى خمسة أيام، يساعدني اثنين من ابنائي في صنعها ويحدد سعره حسب حجمه، حيث تتراوح التكلفة بين الـ350 الف دينار عراقي والـ 600، أستخدم في الصناعة أجود أنواع الأخشاب بسمك 12 ملم روسي وخشب التوث سجر وجاوي وخشب جام، وتتراوح الارباح عن كل قارب من 50 ألف إلى 100 ألف دينار".
ويتجاوز صيت بسام، الموصل إلى المحافظات الاخرى حيث يصنع القوارب أيضا إلى صلاح الدين وديالى وكركوك .
محلية أم مستوردة؟
مدير قسم الثروة الحيوانية في الموصل المهندس أحمد العايد قال لـIQNEWS أن "الاتجاه لمهنة صيد الأسماك بات ضعيفا بعد 2019 بسبب انخفاض مناسيب المياه وقلة الأسماك الامر الي تسبب بعزوف الكثير من صانعي القوارب عن ممارسة مهنتهم والاتجاه لمجال عمل آخر".
وتابع: "تتعدد مصادر الأسماك المتوافرة في أسواق الموصل فمنها ما هو ناتج عن التربية بالاحواض وأخرى قادمة من بقية المحافظات بالاضافة الى المحلية الناتجة عن الصيد وهي نسبة قليلة واخيرا الأسماك المستوردة من تركيا وإيران".
العايد بين أن "الأسماك الداخلة بمجموعها لاتصل الى اكثر من 80 طن شهريا وهي غير كافية لسد حاجة السوق".
تأثير غياب الحرف اقتصاديا
الباحث بالشأن الاقتصادي من الموصل مازن الصفار تحدث عن تأثير غياب المهن القديمة عن ساحات الموصل "الكثير من المهن غابت لاسباب عديدة اهمها وجود المستورد بأسعار أرخص قيمة بالإضافة الى ضعف القوة الشرائية لدى المواطن وضعف الترويج للمهنة أو لنتاجاتها بشكل صحيح خاصة وأنها ، كصناعة القوارب، ممكن ان تشجع الاستثمار في الصناعات البسيطة و المصنوعات اليدوية التي لا يحتاج إنتاجها لاستثمارات عالية بقدر ما يحتاج لبراعة الأشخاص والتسويق المناسب وبمعنى آخر يمكن للصناعات هذه أن تساهم في تنمية الاقتصاد المحلي".
وبخصوص صناعة القوارب ونتاجها وتأثيره على الموصل قال: "عانت المدينة لسنوات عديدة من الصيد الجائر وعدم التزام الصيادين بمنع الصيد في مواسم التكاثر يضاف اليها الان عدم كري النهر لفترة طويلة جدا على الرغم من ان الحكومة كانت قد تعاقدت مع مقاولين للقيام بذلك إلا أن ما يتم على ارض الواقع فعلا هو إنشاء مقالع للحصى والرمل في النهر وفي داخل المدينة منذ ثلاثة أعوام تقريبا مما تسببت بالقضاء على الحياة في النهر".
وتابع "يضاف لقضية الكري ضعف الخدمات المقدمة في سوق للسمك من حيث الحجم وطريقة الحفظ ومحاولة تصدير الفائض ،إن توافر ذلك، والاقتداء بالتجارب الأخرى مثل بنغلاديش ومينمار اللتان تصدران الاسماك النهرية لدول الخليج العربي".