شد وجذب والكثير من الخلاف وتبادل التهم، مشهد معتاد في سياق الجلبة السياسية التي تتأجج كل دورة نيابية حول الموازنة العامة للدولة، والأمر ليس أفضل حالا بالنسبة لموازنة 2021.
فقرات غير معلومة واقتراض جديد وعجز، وصولا إلى "نزاع محتدم" و "مخاض عسير" يجعل ولادتها غاية في الصعوبة، واقع لا يبعث على الأمل بشأن الموازنة التي أمامها طريق "وعر" في البرلمان بعد خروجها من الحكومة، ما يجعل مصير رواتب موظفي الدولة على المحك.
وفق ذلك، يقول عضو اللجنة المالية النيابية أحمد حما رشيد في حديث لموقع IQ NEWS، إن "لجنته لم تطلع على بنود الموازنة حتى الآن، كونها مازالت قيد التدقيق في مجلس الوزراء، ومن المتوقع وصولها إلى البرلمان يوم الخميس المقبل".
ويوضح رشيد، أن "مسودة مشروع الموازنة ستتضمن شقين تشغيلي واستثماري، لكن لم يتم الاطلاع على طبيعة الشق الاستثماري فيها"، لافتا إلى "وجود عجز في الموازنة يقدر بنحو 30 تريليون دينا، يغطى من خلال القروض الداخلية والخارجية".
"عجز تاريخي"
المحلل الاقتصادي ضرغام محمد علي، يتوقع أبوابا استثمارية محدودة في موازنة العام المقبل، منها ما يخص إكمال بناء ميناء الفاو، لكنها مصممة بـ"عجز تاريخي" سيضطر العراق للاقتراض.
ويقول محمد علي في حديث لموقع IQ NEWS، إن "الاقتراض بات صفة ملازمة لكل موازنات العراق التي هي استهلاكية تشغيلية بامتياز، وستضطر الحكومة مجددا للاقتراض لسد أبواب الموازنة الاستثمارية، دون اللجوء إلى حلول لمعالجة الفساد الذي يضرب أطناب الدولة العراقية بالكامل، وعدم إيجاد حل لمشكلة إيرادات إقليم كردستان التي تهدر على مدى ١٨ عاما خلافا للدستور".
ولادة عسيرة
أستاذ علم الاقتصاد في جامعة البصرة الدكتور نبيل المرسومي توقع "ولادة عسيرة" لموازنة العام المقبل، وربما تكون الأكثر جدلا في تاريخ الموازنات العراقية، مرجحا تحول الجدل إلى "نزاع محتدم" بين القوى السياسية والحكومة.
ويقول المرسومي في حديث لموقع IQ NEWS، لإن "الجدل سيتمحور حول عدة نقاط، منها العجز المتوقع الذي سيصل إلى مستويات عالية، وسيتم تمويله من الاقتراض الداخلي والخارجي، وكذلك حصة إقليم كردستان وضرورة تسليمها لإيراداتها النفطية وغير النفطية للمركز، لاسيما بعد رفض البرلمان في قانون الاقتراض الجديد صرف رواتب موظفي الاقليم، ما لم يسدد واردات النفط والإيرادات الأخرى الى بغداد، فضلا عن إدخال بعض الإجراءات التي تضمنتها الورقة الحكومية البيضاء إلى الموازنة"، مبينا أن "تلك الاجراءات ستكون لها كلفة اجتماعية باهظة يتحملها الجمهور، خاصة وأن الموازنة ستتزامن مع الانتخابات المقبلة، وهذا يزيد من حدة الجدل".
ومن المقرر إرسال مسودة مشروع الموازنة إلى مجلس النواب، وتحتاج اللجنة المالية في البرلمان إلى 45 يوماً لمراجعتها وتدقيقها قبل عرضها على التصويت في البرلمان، حسبما يؤكد أعضاء في اللجنة.
جدير بالذكر أن نسبة العجز في موازنة العام المقبل يصل الى 30%، وفق توقعات باعتماد سعر 40 دولار لبرميل النفط مع رفع مستوى التقشف في البلاد إلى معدلات قياسية، بحسب مصادر حكومية، والتي أكدت أيضا وجود فقرة تتضمن الاقتراض الداخلي من البنوك بحدود 30 تريليون دينار (نحو 22 مليار دولار) لسد العجز في الموازنة.
ومن المرجح أن تكون الموازنة تقشفية خالية من الوظائف والمشاريع الخدمية، وستركز على تأمين رواتب الموظفين وضغط كبير للنفقات للحد من الأزمة المالية.
وكانت وزارة التخطيط اكدت في وقت سابق، أن قلة الإيرادات المالية للدولة ستكون "مشكلة كبيرة" في موازنة عام 2021 بجانبها الاستثماري، مبينة أن التركيز سيكون على الجانب التشغيلي فقط، وإذا كان هناك فائض في الأموال سيتحول إلى الجانب الاستثماري.
ونقل البيان عن المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي، تأكيده وجود أكثر من ستة آلاف مشروع في جميع المحافظات وفي مختلف المجالات وأغلبها مهدد بالتوقف بسبب عدم توفر التخصيصات المالية، مؤكدة عدم إدراج أي مشاريع جديدة ضمن موازنة 2021.
يذكر أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أعلن الثلاثاء (18 تشرين الثاني 2020)، أن رواتب شهر كانون الثاني المقبل ستشهد عودة الأزمة في حال عدم تمرير مجلس النواب لقانون موازنة عام 2021، في حين اتهم البرلمان رئيس الحكومة بأنه أخر إرسالها.