بغداد- IQ/ عادل المختار
"مناسيب الوجود الأميركي في العراق باتت عرضة للانخفاض والارتفاع"، هكذا يبدو الواقع غداة نية لدى واشنطن تقضي بخفض عدد دبلوماسيها العاملين بسفارتها في بغداد.
خطوة تحتمل عدة اوجه من التأويل، في وقت حرج يمتزج باحتمال التصعيد في العراق والمنطقة، وتثير تساؤلات كثيرة، هل هو قرار بدافع أمني؟ أم تكتيك سياسي في إطار الضغط؟، وماهي أبعاد الأمر؟
"حماية وضغط"
الخبير الأمني صفاء الأعسم، يستبعد قيام الولايات المتحدة بغلق سفارتها في بغداد بشكل كامل، لأنها دخلت إلى العراق ولا تنوي الخروج منه.
ويقول الأعسم في حديث لموقع IQ NEWS، إن "عملية تخفيض أعداد الدبلوماسيين في السفارة الامريكية ببغداد، ماهي إلا أوراق ضغط على الحكومة العراقية وليس أكثر"، مبينا أن "هذا الإجراء يأتي في إطار حماية موظفيها في السفارة لحين إنهاء كل احتمالات التهديد".
واستهدفت السفارة ومواقع عسكرية أميركية أخرى في العراق بعشرات الصواريخ خلال العام الحالي.
ولم يحدد أي من المسؤولين العراقيين عدد المعنيين بقرار سحبهم من بغداد، على الرغم من أن مئات الدبلوماسيين الأميركيين يعملون في السفارة.
التعاون ممكن بدون أشخاص
الباحث في الشأن السياسي الاستراتيجي رحيم الشمري، يشير الى أن خفض عدد الدبلوماسيين من قبل الإدارة الأميركية في العراق "قد لا يؤثر كثيرا"، مبينا أنها "خطوة سياسية تقف وراءها استراتيجيات لها أبعاد".
ويقول الشمري في حديث لموقع IQ NEWS، إن "المعاملات واللقاءات تتم اليكترونيا بشأن الاتفاقيات الأمنية والعسكرية بين العراق والولايات المتحدة، والتبادل الاقتصادي والتجاري، وبالتالي فإن التعاون العلني لا يتطلب وجود أشخاص".
ويوضح الشمري، أن "الزيارات على مستوى الرئاسات مستمرة، خاصة وان استفادة الولايات المتحدة الامريكية من العراق تفوق كل دول الشرق الاوسط، وموقعه الجغرافي يتطلب استمرار العلاقات على مستوى عال ووطيد".
وطبقا للمصادر، فإن متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية رفض التعليق على الموضوع، لكنه شدد على أن سلامة دبلوماسيي الولايات المتحدة ومواطنيها ومنشآتها في العراق تبقى "أولوية قصوى".
وأعلنت الإدارة الأميركية في وقت سابق عن عزمها خفض أعداد دبلوماسييها في العراق وأفغانستان ضمن جهود أوسع للتركيز على نزاعها مع الصين وروسيا، وذلك ضمن مساعي واشنطن للخروج من الصراع المكلف والمستمر منذ 18 عاما.
وأكد خبراء دوليون في حينها أن هذه المناقشات تأتي ضمن تحضير واشنطن لما تسميه حقبة "منافسة القوى العظمى" مع الصين وروسيا، حيث تزامنت هذه المداولات مع محادثات السلام الأمريكية مع حركة طالبان والتقييمات حول كيفية سحب القوات العسكرية الأمريكية من أفغانستان.
وعلى مدى سنوات تضخمت البعثات الدبلوماسية الأمريكية في بغداد وكابول لتصبح أكبر البعثات الدبلوماسية في العالم بعد التدخلات العسكرية الأمريكية هناك، حيث تضم السفارتان مسؤولين من الوكالات الفيدرالية الأخرى والمتعهدين وموظفي الأمن، تقتطعان جزءا غير متناسب من ميزانية الدولة وموظفيها مقارنة بالسفارات الأمريكية الأخرى حول العالم، ويرى بعض الدبلوماسيين إن الوقت قد حان لتحويل هذه الموارد إلى مكان آخر.
جدير بالذكر يوجد في السفارة الأمريكية في بغداد نحو 16 ألف موظف، بينهم 2000 دبلوماسي، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز في شباط الماضي، لكن وزارة الخارجية الأمريكية لا تكشف علنا عن العدد المحدد للموظفين في السفارات أو القنصليات لأسباب أمنية.