في الثالث من تشرين الأول عام 1932، تم استقلال العراق عن الانتداب البريطاني، وانضمامه إلى عصبة الأمم المتحدة، ويحتفي العراق بهذا اليوم بوصفه يوم عيد وطني.
حيث وافقت الجمعية العامة لعصبة الأمم يوم 3/تشرين الأول/1932 على قبول العراق عضواً في عصبة الأمم بناءً على طلب الانضمام المقدم من المملكة العراقية آنذاك بتوقيع رئيس الوزراء الاسبق السيد نوري باشا السعيد بتاريخ 12 تموز 1932، ليصبح العراق أول دولة عربية تنضم الى هذه المنظمة الدولية في حينها.
وتشير وثائق الجمعية العامة لعصبة الأمم الى ان قبول انضمام العراق اليها جاء بعد ان اكتسب العراق مقومات الدولة والتي تتمثل بالاعتراف الدولي ووجود حكومة مستقلة قادرة على ان تسير أمور الدولة وإدارتها بصورة منتظمة وحفظ وحدتها واستقلالها وحفظ الأمن في كل انحائها، وللدولة مصادر مالية كافية لسد نفقاتها الحكومية ولديها قوانين وتنظيم قضائي والحدود الثابتة وتعهد العراق باحترام التزاماته الدولية.
وفي أعقاب انقلاب عام 1958 والإطاحة بالحكم الملكي العراقي وإعلان الجمهورية العراقية، لم يُتخذ هذا اليوم عيدا وطنيا، نكاية بإنجازات تلك الحقبة، واستمر ذلك حتى إسقاط النظام السابق عام 2003.
كان المقترح الأول ليوم العيد الوطني، هو يوم إعلان سقوط النظام السابق (9 نيسان 2003) بيد أن هذا المقترح قوبل باعتراض واسع، فيما مالت بعض الآراء إلى إحياء يوم الاستقلال 3 تشرين الأول واتخاذه عيداً وطنياً، فتقرر في شهر شباط من سنة 2008 اتخاذ يوم 3 تشرين الأول عيداً وطنياً، ولم يتفعّل ذلك القرار إلا في شهر أيلول سنة 2020 بعد أن أصدرت الحكومة العراقية قانوناً متعلقاً بالعيد الوطني.
اختار هذا اليوم أثار جدلا بين المؤرخين، إذ إن بعض المؤرخين العراقيين رأوا أن يوم 3 تشرين الأول لا ينبغي أن يكون العيد الوطني إذ لم يكن الاستقلال عن الانتداب البريطاني سنة 1932 كاملاً، ورأى مؤرخون أنه يوم يستحق اتخاذه يوماً وطنياً، إذ إنه يوم ذو حدث تاريخي لا يجوز التغافل عنه.
من الجدير بالذكر فإن العراق كان اول دولة انضمت الى عصبة الأمم بموجب المادة (22) من عهد عصبة الامم الخاصة بالولاية والانتداب، بعد ان أصبح مؤهلاً للخروج من حالة الانتداب البريطاني الذي وضع فيها بعد انهيار الامبراطورية العثمانية.
ظروف ما قبل المعاهدة:
بعد ان تم عقد معاهدة (لوزان) في 24 تموز 1923 بين تركيا والحلفاء، ظلت قضية الحدود العراقية – التركية معلقة، وغدت هذه القضية ورقة ضاغطة بيد بريطانيا على العراق، وقد اقحمت بريطانيا (عصبة الامم) في تلك القضية وعدت ان تحديد مدة المعاهدة البريطانية لعام 1922 الى 25 سنة تبدأ من 13 كانون الثاني 1926 مرتبط بالاعتراف بولاية الموصل كجزء من العراق.
وخيرت عصبة الامم، الحكومة العراقية بين الموافقة على تحديد المعاهدة والتنازل عن ولاية الموصل لتركيا، فلم يكن امام العراق اي خيار سوى الموافقة على تحديد المعاهدة العراقية لعام 1922 للمدة المقترحة حفاظا على وحدة تراب العراق.
ولم يكن امام مجلس الامة الا ان يقبل هذا التمديد في جلسته المنعقدة 21 كانون الثاني 1926 بأكثرية 58 صوتا ضد 18 صوتا للمعارضة وتغيب عن الجلسة عشرة نواب، حيث كان عدد اعضاء مجلس النواب آنذاك 88 عضوا مفضلا بذلك اهون الشرين! من جانبه، فان ابواب الامل لم تغلق بوجه الملك فيصل الاول لتقصير أمد المعاهدة او تخفيف بنودها ذلك ان مدة 25 سنة كانت مقرونة بعبارة (ما لم يقبل العراق عضوا في عصبة الامم قبل ذلك).
فبرز هدف جديد لسياسة الملك فيصل يقوم على ضرورة الاسراع في الدخول الى عصبة الأمم؛ لان ذلك الدخول سيؤدي الى الغاء العلاقات الانتدابية بين بريطانيا والعراق بصورة رسمية، ولاسيما ان قضية ولاية الموصل قد انتهت وان مجلس عصبة الامم اعترف بكونها جزءا من العراق، اي ان المعاهدة الاولى قد تحولت في الجولة الثانية الى ورقة رابحة بيد الملك فيصل، حيث ان مادتها السادسة نصت على: ـ "جلالة ملك بريطانيا يتعهد بانه يسعى لإدخال العراق في عضوية عصبة الامم في أقرب وقت ممكن".
وبعد مباحثات طويلة، رافقتها ضجة كبيرة، تم وضع معاهدة عراقية – بريطانية جديدة في 14 كانون الاول 1927، والذي جاء في مادتها الاولى (بان العراق دولة مستقلة وذات سيادة) وحددت المادة الثانية منها تاريخ ترشيح العراق لعضوية عصبة الامم بعام 1932 (على شرط ان يحتفظ بمستوى التقدم الحاضر وان تسير الاوضاع سيرا جيدا في نفس الفترة) وان تتحسن العلاقات بين الحكومتين البريطانية والعراقية.
وكان الشعب العراقي غير راض عن تلك المعاهدة، وظلت الوزارات العراقية تجادل الجانب البريطاني بوجوب تحقيق دخول العراق في عضوية عصبة الامم من دون قيد او شرط مما اضطر بريطانيا الى اصدار بيان 14 ايلول 1929 الذي رشحت بموجبه العراق لعضوية عصبة الامم في عام 1932 من دون قيد او شرط.
ونتيجة للنقمة على سياسة المعاهدات التي كانت تستبطن روح الانتداب ونصوصه المقيتة عقدت بريطانيا هذه (رابطة) مع العراق في 30 حزيران 1930 جعلتها اساسا للتحالف العراقي – البريطاني وامدها 25 عاما، والذي كان من المفروض تنفيذها بعد دخول العراق عصبة الامم وفي الثالث من تشرين الاول 1932 تم الغاء الانتداب البريطاني على العراق بدخوله عضوا في عصبة الامم وأصبح العراق دولة مستقلة (لذا عد هذا اليوم عيدا وطنيا للعراق).
وهنأ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في بيان ورد اليوم بالعيد الوطني قائلا إن "العراق سيبقى ركيزة من ركائز الاستقرار والأمن في المنطقة والعالم، وجسرا تتلاقى فيه الحضارات والثقافات".
فيما هنأ رئيس الجمهورية، عبد اللطيف رشيد على تغريدة على منصة (X): "بحلول مناسبة العيد الوطني نهدي أبناء شعبنا الكريم أطيب التهاني والأمنيات، مُستذكرين نضالات الشعب بجميع مكوناته لنيل حقوقه المشروعة والعيش بكرامة. هذه المسيرة المشرفة تستوجب تعزيز التكاتف لترسيخ الأمن والاستقرار وحماية المكتسبات الوطنية وتحقيق تطلّعات شعبنا في البنّاء والتقدم".
بحلول مناسبة العيد الوطني نهدي أبناء شعبنا الكريم أطيب التهاني والأمنيات، مُستذكرين نضالات الشعب بجميع مكوناته لنيل حقوقه المشروعة والعيش بكرامة.
— Abdullatif J Rashid عبد اللطيف جمال رشيد (@LJRashid) October 3, 2023
هذه المسيرة المشرفة تستوجب تعزيز التكاتف لترسيخ الأمن والاستقرار وحماية المكتسبات الوطنية وتحقيق تطلّعات شعبنا في البنّاء والتقدم.