تزاحمت المواقف وتحاول شركات عملاقة الرسو فيه قبل السفن، والأهم من ذلك زاد عمق أهمية، إنه ميناء الفاو الذي يغري بحجمة الكبير وموقعة المهم كل الدول إلى درجة اخرت إنجازه نتيجة السجال الخلافات الدائرة بشأنه.
في المحصلة، فإن إنجاز ميناء الفاو متأخر، وكل يريد جره لطرفه من أجل الظفر به، والأسباب متفرقة ما بين الروتين والفساد وصلا إلى "تواطؤ" السياسيين ورغبات مخابرات خارجية، بينما الثابت هو بانتظار من يكمله والعروض كثيرة، بحسب سياسيين ومراقبين.
رفع الكلفة
يقول أستاذ علوم الاقتصاد في جامعة البصرة الدكتور نبيل المرسومي، إن وزارة النقل رفعت كلفة العرض الصيني لتنفيذ ميناء الفاو من 2.160 الى 3.150 مليار دولار بعد احتساب سعر الفائدة التراكمي، لكنها لم تفعل ذلك مع العرض الكوري البالغ 2.625 مليار دولار على الرغم من انه ممول عراقيا من خلال الاقتراض أيضا.
ويوضح المرسومي بالقول في حديث لموقع IQ NEWS، "في الليلة الظلماء يفتقد الاقتصادي"، مبديا ملاحظات عن بيان شركة الموانئ العراقية، منها أن "الشركة الصينية كما جاء في بيان الموانئ، لم تقدم عرضا بشكل رسمي وتم استبعادها لعدم تخصصها في بناء الموانئ، ولا نعلم إن كانت الشركة قد تقدمت مثلا بعرض شفوي، واذا كان العرض غير رسمي فكيف تم استبعادها لعدم تخصصها في بناء الموانئ، وإذا كانت الشركة الصينية غير متخصصة في بناء الموانئ فكيف تم دعوتها لتقديم عرض لتنفيذ ميناء الفاو الكبير، وهل أن شركة دايو متخصصة فعلا ببناء الموانئ".
لماذا فضلت الحكومة العرض الكوري؟
ويقول الكاتب والإعلامي سالم مشكور، إن "العرض الكوري، هيكل ميناء والتمويل عراقي باقتراض داخلي، والسعر 2 مليار و650 مليون دولار ولمدة أربعة أعوام أما العرض الصيني، ميناء متكامل بكل بناه التحتية، بكلفة 2 مليار و160 مليون دولار، يكون التمويل بقرض صيني يبدأ سداده بعد خمسة أعوام، وبمدة ثلاثة أعوام"، "متسألا ماذا يعني تفضيل الحكومة العرض الكوري؟".
أما عضو لجنة الخدمات النيابية مضر خزعل يقول، في تصريحات صحيفة، إن المعطيات التي قدمت للجنة خلال اجتماعها مع وزير النقل ومدير الموانئ العراقية لعرض مؤهلات الشركتين الكورية والصينية المتنافستين على عقد إنشاء ميناء الفاو الكبير، أفضت إلى أن (دايو) الكورية اكفأ وأقدر على تنفيذ المشروع، إضافة إلى أن برنامج عملها يتسم بالسرعة.
من جهة أخرى دعا تحالف الفتح، إلى انجاز مشروع ميناء الفاو من خلال فتح باب التنافس أمام الشركات العالمية أو تحالفات الشركات لبناء الميناء عن طريق الاستثمار.
وقال التحالف في بيان ورد إلى IQ NEWS، "ندعو إلى الخروج من هذه المشكلة بحلول عملية تراعي الأزمة الاقتصادية وعدم توفر السيولة المالية من جهة، وضرورة إنجاز هذا المشروع من خلال فتح باب التنافس أمام الشركات العالمية أو تحالفات الشركات لبناء الميناء عن طريق الاستثمار وقد سبق أن شكلت لجنة لذلك وقدمت تقاريرها في عام ٢٠١٨ وأعلنت حينها أربعة تحالفات لشركات عالمية كبرى رغبتها وخطتها لبناء كامل الميناء خلال سنتين وكفرصة استثمارية دون أن تكلف ميزانية الدولة".
من جهته قال رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في تغريدة بخصوص مشروع ميناء الفاو الكبير وطلع عليها موقع IQ NEWS، دعا فيها إلى إجراء "تعاقد شفاف" يفتح الباب أمام الشركات لتقديم عروضها وكلف المشروع "بما يخدم الهدف ويبعد الشك والكلام عن وجود ملاحظات سلبية عن هذه الشركة أو تلك.
كلفة المشروع
وأعلنت وزارة النقل في وقت الاتفاق على الصيغة النهائية لعقد ميناء الفاو الكبير مع الشركة الكورية المنفذة للمشروع، الذي تقدر كلفته بنحو 4.6 مليار دولار، والذي وضع حجر الأساس له في العام 2010.
وبحسب وزير النقل نصار حسين الشبلي فأن العراق سيكون المحطة الأساسية في المشروع الصيني المعروف بطريق الحرير، والذي سيكون الرابط بين قارتي آسيا وأوروبا، لكنه مرتبط بإكمال إنشاء ميناء الفاو الكبير عقب الاتفاق مع الشركة المنفذة، وفي حال إكماله سيكون العراق مركز طريق الحرير، حيث سيلبي المشروع تنفيذ القناة الجافة لربط ميناء الفاو بتركيا، وليكمل بذلك خط ربط من الصين إلى باكستان وميناء الفاو بحريا، وإلى أوروبا سككيا، مشيرا إلى أن تنفيذ طريق الحرير عبر العراق سيوفر آلاف الوظائف ومردودا اقتصاديا كبيرا للبلد، يوازي إيرادات النفط المالية.
ما هي أسباب تأجيل التصويت على التعاقد؟
كشفت لجنة النزاهة النيابية، عن سبب تأجيل تصويت مجلس الوزراء على التعاقد بشأن ميناء الفاو الكبير.
وقال عضو اللجنة يوسف الكلابي في تصريحات تابعها موقع IQ NEWS، "حسب ما وصلنا من جلسة مجلس الوزراء هذا اليوم، ان هناك نقاش مستفيض انتهى الى دراسة الجدوى الاقتصادية بشكل تفصيلي بشأن ميناء الفاو والتصويت عليه في الجلسة المقبلة".
وأضاف، "هناك دول وحكومات ومخابرات على مدى 17 عاماً وبتواطؤ سياسيين تعطل المشاريع الاستراتيجية وغيرها من المشاريع الاقتصادية في العراق ومنها ميناء الفاو".
وتابع "حضرنا اول امس اجتماعاً دعت اليه وزارة النقل واستمعنا منها عن المشروع وما يمكن ان يفعله، حيث بشكل مباشر وغير مباشر يمكن ان يوفر مليون وظيفة وهذا كله معطل منذ 2009 الى الان، وكان من المفترض ان ينتهي هذا المشروع منذ 2013، ومن الممكن منذ بداية تشغيله ان يوفر ما يقارب 100 الف وظيفة".
وأكد، أن "الكثير من الشركات الاستثمارية تترك العراق بسبب الروتين والاستهداف من قبل شركات، وطالما ليست هناك جدية حقيقية لمحاربة الفساد، وحكومة تحارب المحاصصة، وتغيير الاولويات عند تبديل وزير بآخر وكل هذه الامور اذا بقيت فلن يكون هناك ضوء في نهاية النفق".
وطالب الكلابي بأن "يكون الهدف واحد وهو انشاء ميناء الفاو بشفافية ووضوح الاجراءات فهو منجز يجب ان نحارب لاستكماله"، داعيا الى ان "تتحلى وزارة النقل بالشجاعة وتتخذ القرار الصحيح لمصلحة العراق وان لا تخشى احداً".
الصين وطريق الحرير
وأعلنت الصين عام 2013 مبادرتها بإنشاء طريق الحرير الجديد، وهو عبارة عن شبكة من الموانئ وسكك الحديد التي ستربط ما يقارب 65 بلداً حول العالم عبر شبكة من الطُرُق البرّية والسكك الحديديّة والموانئ وخطوط أنابيب النفط والممرّات البحرية فضلاً عن شبكات الاتصالات.
وتمتد الطريق الأولى من العاصمة الصينية مروراً بآسيا الوسطى، قبل أن تجتاز حدود أوروبا من إسطنبول التركية باتجاه الأراضي الروسية لتعود مُجدّداً نحو وجهتها الأخيرة في أوروبا، على شكل حزام، وبموازاة ذلك، تُنشئ الصين ممرّاً بحريّاً عابراً للمحيطات والقارات، وهو أطول من الطريق البرية وأكثر حيويّة، نظراً لما يحويه من إمداداتٍ للطاقة فضلاً عن كونه حاملاً للتبادل التجاري.