عندما فرضت قبل 30 عاما لم يكن للحصة التموينية بديل لسد رمق العراقيين، والآمال في أقصاها كانت تتطلع لتحسين نوعيتها وكميتها، بيد أن مفرداتها اضمحلت رويدا رويدا في السنوات الأخيرة، ويبدو أن وضعها العام المقبل لن يكون أفضل حالا.
تزداد الحاجة للحصة التموينية مع انخفاض قيمة الدينار وارتفاع مستوى الفقر، وهل تحصل مجاعة تطال الملايين؟ وكيف يتم تدارك وقوع المحظور مع تخفيض مخصصات الحصة في موازنة عام 2021 بنسبة 57 بالمئة قياسا بموازنة 2019؟
المجاعة واردة
يقدر عدد العوائل التي تعيش تحت خط الفقر في العراق تقدر بنحو 33 بالمئة وهناك محافظات ترتفع فيها هذه النسبة إلى الضعف، نتيجة لفقدان المعيل أو بسبب الإعاقة الناتجة عن الحروب وأعمال العنف التي كانت سائدة خلال السنوات القليلة الماضية، فضلا عن ندرة فرص العمل، بحسب المحلل الاقتصادي ملاذ الأمين.
ويقول الأمين لموقعIQ NEWS ، إن "هذه الأسباب مجتمعة وغيرها جعلت نسبة كبيرة من الأسر العراقية تعتمد على مفردات الحصة التموينية رغم قلتها وبطئ توزيعها، فهي تعتمد على الرز والزيت والسكر والطحين في تأمين قوتها، لذلك فإن تأخر هذه المفردات أو انقطاعها يتسبب بمجاعة لأكثر من ١٠ ملايين عراقي"، مشددا أن "وزارة التجارة عليها أن تعي بأن من أولويات عملها توفير هذه المفردات في وقتها، خصوصا وأن هذه المفردات يمكن توفيرها محليا".
وفي وقت سابق حذر تقرير صادر عن المرصد الاقتصادي للعراق، التابع لمجموعة البنك الدولي من أن نحو 5.5 ملايين عراقي قد يواجه الفقر، بينما تتناقص مفردات البطاقة التموينية المتوفرة ويتأخر تجهيزها الذي تزامن مع تفشّي فيروس كورونا في البلاد.
وكان نظام البطاقة التموينية في العراق اعتمد بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 661 الصادر بتاريخ 6 آب/ أغسطس 199، فيما يعتمد 90% من العائلات العراقية على هذه البطاقة بشكل تام، بينما نسبة الـ10 بالمئة الباقية (وهم أصحاب الأجور المرتفعة) تعتمد بشكل جزئي.
زوال نصف مخصصات الحصة
يوضح أستاذ علم الاقتصاد في جامعة البصرة الدكتور نبيل المرسومي، أن تخصيصات البطاقة التموينية في موازنة 2019 كانت 1500 مليار دينار أي ما يعادل 1260 مليون دولار، أما تخصيصات البطاقة التموينية في موازنة 2021 فحددت بـ 794 مليار دينار أي ما يعادل بسعر الصرف الجديد 548 مليون دولار، وعلى الرغم من ارتفاع عدد سكان العراق بين عامي 2019 و 2021 بحوالي مليوني نسمة، إلا أن تخصيصات البطاقة التموينية انخفضت في موازنة 2021 بنسبة 57% قياسا الى موازنة 2019.
ويقول المرسومي لموقعIQ NEWS ، إن "هذا التخفيض يأتي انسجاما مع الورقة الحكومية البيضاء التي تستهدف تعويض المشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية بمبالغ شهرية بعد تطبيق جدولة زمنية واضحة للخروج التدريجي من نظام البطاقة التموينية، وسيؤدي هذا الإجراء إلى خلق أعباء جديدة إضافة الى الأعباء الناجمة عن تخفيض سعر صرف الدينار، مما سيؤثر سلبيا على الأمن الغذائي للمواطن العراقي ويدفع ملايين جديدة تحت مستوى خط الفقر".
وتحمل البطاقة التموينية اسم معيل الأسرة واسم المحلة والزقاق وعدد أفراد العائلة واسم وكيل التوزيع عموماً، ووكيل توزيع الطحين بشكل خاص، ويوجد في العراق أكثر من 45 ألف وكيل يقومون بتوزيع مواد، أبرزها الرز والشاي والسكر، يضاف إليها الطحين الذي له شبكة توزيعية مستقلة، وتغطي هذه المواد أكثر من 75 بالمئة من المواد الغذائية التي تستهلكها الأسرة العراقية.
وعلى مدار الأعوام الماضية، انخفض دعم الحكومة لمفردات البطاقة التموينية تدريجياً، كما حجبت هذه البطاقة عن أصحاب الدخول العالية من الموظفين الحكوميين ممن يتجاوز دخلهم الشهري مليوناً ونصف المليون دينار عراقي، وكذلك المسافرين، لعدم حاجتهم لمفرداتها، وللحد من حالات التلاعب والفساد وشمول المستحقين من الفقراء فعلا، لكن مفردات البطاقة التموينية لم توزع بشكل كامل وفي مواعيدها المحددة على المستحقين من الفقراء.