دأبت أم غزوان منذ أكثر من 40 سنة مشروع اقتصادي شعبي أنقذ مئات الأسر من الوقوع في فخ الربا، الأمر الذي جعل مساعيها علامة فارقة، كونها ذات عزيمة قوية لفعل الخير رغم وهن جسمها.
وتقول أم غزوان ذات الـ72 عاما، والتي تعاني من امراض مزمنة متعددة وتسكن زقاقا شعبيا في بعقوبة لموقع IQ NEWS، إن "الصدفة قادتها الى ادارة اول سلفة في حياتها قبل اكثر من 40 سنة عندما احتاجت الى 50 دينارا لشراء قطعة ارض زراعية صغيرة مجاورة لمنزلها"، موضحة أن "الفكرة نقلتها من بغداد عندما كانت في زيارة لقريبتها وفهمت مغزى السلفة وطبقتها مع 8 نساء في قريتها عندما كانت تسكنها في نهاية السبعينات قبل انتقالها الى بعقوبة بعد 5 سنوات".
وتضيف أم غزوان، أن "الفكرة نجحت وطبقتها في بعقوبة، لأنها كانت بحاجة لمال لفتح محل بسيط أمام منزلها الجديد بعد وفاة زوجها في حادث سير ولم يترك لها موردا ماليا، وكان لديها 3 أيتام، ثم تطورت في تنظيم السلف لأسباب متعددة وترتفع ارقامها لتصل بالملايين".
وتوضح أم غزوان، أن "بعض النسوة يطلقن عليها (أم السلف)"، مبينة أن "الثقة هي الاساس في هذا العمل، لأنه يعني اعطاء مال دون اي وثيقة رسمية".
وتلفت أم غزوان إلى أن "السلف انقذت ارواح كثيرة ممن يحتاجون الى اجراء عمليات جراحية او زواج ابناءهم او لغرض تجاري متواضع، وهي تتم بدون اي ربا".
أما أمنة سعيد وهي موظفة حكومية متقاعدة تقول في حديث لموقع IQ NEWS، إن "السلف عبارة عن مبادرة شعبية ذات بعد اقتصادي توارثتها العوائل من جيل الى آخر"، لافتة الى انها "رغم بساطتها، لكنها شكلت عاملا مهما في علاج مشاكل لا تحصى لدى العوائل، خاصة في الظروف الاقتصادية الصعبة".
وتضيف سعيد، أنها "لجأت إلى السلفة من اجل مبلغ معين لعلاج زوجها الذي اصيب بمرض عضال ونجحت من جمع 3 ملايين في اول سلفة تم الحصول عليها خلال 3 ايام فقط"، مبينة أن "منزلها بنته من خلال السلف لأنها ببساطة بعيدة عن الربا".
اما عزيز خالد وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية، يقول في حديث لموقع IQ NEWS، إن "عدد من تزوجوا بمساعدة السلف بالآلاف واموالها فيها بركة لأنها تتم بدون ربا والمشاركون فيها همومم واحدة".
اما حسن الربيعي وهو مدرس مادة الاقتصاد في بعقوبة، يقول في حديث لموقع IQ NEWS، أن "السلفة هي تعبير شعبي عن اطار اقتصادي يعتمد بالأساس على الثقة ولا يتم من خلالها اي تدوين او اوراق رسمية"، مبينا أن "كل فرد مشارك في السلفة يعطي مبلغا ماليا محددا وثابتا شهريا يتم جمعه من المشاركين واعطاءه لشخص وهكذا تدور الادوار شهريا".
ويوضح الربيعي، أن "السلف كانت بالماضي جزء من العالم الخاص بالنساء، وخاصة في احياء الفقراء لكن الوضع تغير الان واصبحت السلفة تتم حتى بين التجار واصحاب المحال لكن مقابل مبالغ مالية كبيرة"، مبينا أن "الجزء الاهم في السلف هو اعطاء مبالغ متواضعة للحصول على مبلغ جيد دفعة واحدة وهو اشبه بالادخار ولكن بدون اي فوائد مالية".