بسبب تغير المناخ وشح الأمطار، تطبق على العراق الكثير من المشاكل البيئية مقرونة بزيادة التصحر، لكن الانضمام الى اتفاقية باريس لتغير المناخ جلب بارقة أمل لإنقاذ الوضع.
في الاسبوع الماضي المنصرم، وافق رئيس الجمهورية برهم صالح على انضمام العراق إلى اتفاق باريس للمناخ، موضحا ان ذلك حصل من أجل مواجهة التهديدات التي يشكلها التغير المناخي والتصدي لانبعاث الغازات الدفيئة والكربون، فكيف ذلك؟ وهل سيتم الاستفادة من هذه الاتفاقية بالشكل الأمثل؟
فرصة لإنقاذ الوضع
يقول كبير خبراء الاستراتيجيات والسياسات المائية وعضو هيئة التدريس بجامعة دهوك الدكتور رمضان حمزة محمد في حديث لموقع IQ NEWS، إن "العراق من الدول الأقل قدرة، وأقل نمواً بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي ومعرض بشكل خاص للآثار الضارة لتغير المناخ، وخاصة بعد تحكم دول الجوار المائي (تركيا وإيران) بتصاريف الأنهار التي تدخل الحدود العراقية"، لافتا الى أن "ذلك فاقم تدهور التربة والزراعة، مما يسبب زيادة العواصف الترابية".
ويؤكد محمد أهمية "اتخاذ إجراءات فعالة للتصدي لتغير المناخ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، تنفيذ إجراءات التكيف والتخفيف بعمل أحزمة خضراء".
ويوضح محمد، أن "انضمام العراق الى هذه الاتفاقية قد يساعدها الحصول على ضمانات بشأن تمويل برامج مواجهة تغير المناخ، كإنشاء أحزمة خضراء في مناطق الجزيزة والبادية الغربية للعراق وحول المدن الكبيرة، وكذلك امكانية الحصول على الدعم الدبلوماسي والمعنوي من الاتفاقية في الضغط على تركيا وايران لضمان حصص العراق المائية"، مبينا أن "كل هذا سيساعد كتدابير لتخفيف آثار تغير المناخ على العراق، وسهولة التكيّف مع آثاره هذه التغييرات المناخية حول المدن الكبرى، ونشر التكنولوجيا والحصول على تمويل المناخ والجوانب ذات الصلة من التعليم والتدريب والتوعية العامة وإبلاغ المعلومات في الوقت المناسب وبطريقة دقيقة وشفافة".
ويشير محمد الى "أهمية استجابة خطط الحكومة في هذا المجال للاحتياجات الوطنية والمحلية، وبناء قدرات عملية فعالة تراعي النوع الاجتماعي".
فوائد الانضمام
يؤكد وكيل وزارة الصحة والبيئة جاسم الفلاحي أهمية اتفاق باريس للتغيرات المناخية والذي أقر في قمة المناخ التي عقدت في باريس عام 2015، محذرا من أن ظاهرة الاحتباس الحراري وصلت إلى مديات خطيرة يمكن أن تؤثر على حياة الإنسان وعلى التنوع الإحيائي، وساهمت سابقا في انقراض أنواع متعددة من الحيوانات والنباتات.
ويقول الفلاحي لموقع IQ NEWS، إن "العراق جزء فاعل من المجتمع الدولي، وشارك بوفد مفاوض كنت اترأس الجانب الفني فيه، في اتفاق باريس وقدم مساهمة وطنية مزمعة عن إجراءات العراق في مجالي تخفيف الانبعاثات الكاربونية الضارة وتحسين بنيته التحتية لتتكيف مع المعايير الدولية"، مبينا أن "إنضمام العراق إلى إتفاق باريس تم بعد التصويت عليه في البرلمان وحظي بمصادقة رئاسة الجمهورية".
ويوضح الفلاحي، أن "العراق أصبح عضوا فاعلا كامل العضوية وسيودع صك الانضمام إلى سكرتارية المناخ العالمية، وهذا يعد تقدما كبيرا في العمل البيئي بالعراق وسوف ينعكس ايجابا على الواقع البيئي في البلد الذي يعاني من تحديات جدية سواء على مستوى تأثير التغيرات المناخية على قطاعات مهمة وفاعلة في حياة المواطن العراقي خاصة مع ازدياد معدلات الحرارة أو ازدياد التبخر".
ويلفت الفلاحي الى أن "روح هذا الاتفاق هو دعم الدول وتشجيعها لتنويع مصادر الاقتصاد ومصادر الطاقة، لحماية الأمن المائي والغذائي من تداعيات تذبذب الموارد المائية وازدياد معدلات التصحر وتقلص الرقعة الزراعية".
ويؤكد الفلاحي، أن "الاتفاق يشجع الدول على تنويع اقتصادها وتنويع القطاعات المنتجة مثل قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة، ويساهم في دفع البلاد إلى سياسة اقتصادية تسمى الاقتصاد الأيسر أو الاقتصاد الأخضر المستدام الساند للاقتصاد الأحادي، كما يساعد على دفع العراق باتجاه تشجيع استخدامات الطاقة الشمسية كمصدر بديل لتعويض النقص الحاصل في الطاقة الكهربائية خاصة فترة الصيف".
ويشير الفلاحي الى أن "هذا الانضمام سوف يمكن العراق من الوصول إلى آليات التمويل الدولية والصناديق السيادية الدولية التي تم إقرارها في إتفاق باريس مثل صندوق المناخ الأخضر وصندوق التكيف، بالإضافة إلى مرفق البيئة العالمي وهو الذراع التنفيذي للبنك الدولي والذي يساهم في تنفيذ مشاريع بيئية تخفف من ظاهرة الإحتباس الحراري وتدعم الدول على تكييف بنيتها التحتية بما يتوافق مع المعايير الدولية".
الاتفاق يغير نظرة العالم للعراق
يرى الخبير البيئي ثائر يوسف أن من مصلحة العراق في الوقت الحاضر الانضمام إلى كل الاتفاقات التي من شأنها تغيير نظرة المجتمع الدولي عن واقع العراق.
ويقول يوسف لموقع IQ NEWS، إن "العراق أرض خصبة لإنتاج وتصنيع وتصدير الكثير من المنتجات، ولايمكن أن يحظى بهذا الدور ما لم ينظم إلى هذه الاتفاقية التي تعطي مؤشرا على أن كل ماينتج في العراق هو ضمن الحدود البيئية وصالح للاستخدام البشري، بالاضافة الى تحسن البيئة، كما يمكن الحصول على الكثير من المنح الدولية لتحسين البيئة".
حبر على ورق
الخبير البيئي والاقتصادي ضرغام محمد علي يرى أن غالب هذا النوع من الاتفاقيات يكون "حبرا على ورق".
ويوقل محمد علي لموقع IQ NEWS، إن "الدخول لهذه الاتفاقيات بروتوكولي فقط وليس عمليا، وعلى سبيل المثال معامل الطابوق من ملوثات البيئة، وكذلك نوعية وقود السيارات ملوث للبيئة، وعلى الرغم من أن بيئة العراق ليست بيئة صناعية لكنه يسجل أعلى معدلات تلوث قياسا بدول الجوار الصناعية".
يذكر أن "اتفاق باريس للمناخ"، يعد أول اتفاق عالمي بشأن المناخ أعلن عنه عقب المفاوضات التي شهدها مؤتمر الأمم المتحدة 21 للتغيير المناخي الذي عقد في باريس عام 2015، ويهدف إلى احتواء أضرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية.