بغداد - IQ/ عادل المختار
شكل اعتداء ساحة الطيران ضربة موجعة للعراق، وهدد بحبوحة الأمن التي تسود في بغداد، حيث صرخ الإرهاب مجددا ليقول "أنا موجود"، الأمر الذي فتح جراح سنوات العنف واحيا المخاوف من عودة دوامة التفجيرات التي تستهدف الحياة العامة وتحصد الأبرياء دون تردد.
"داعش" سرعان ما تبنى الاعتداء الدامي، الذي أسفر عن 32 شهيدا و110 مصابين، وثمة تساؤلات حول غرض الإرهاب من استهداف الأمان العامة والكسبة والفقراء؟، فيما يؤشر خبراء وجود تراخ أمني وضعف في الإستخبارات، مشككين بجدوى تشكيل لجنة تحقيق من قبل رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي لكشف ملابسات هذه الجريمة، وهل ضاعت خيوط الجريمة منذ البداية؟
قصور واضح
يقول الخبير الأمني صفاء الأعسم لموقع IQ NEWS، إن "الجماعات الإرهابية تحاول زعزعة أمن البلد خاصة وانها ضربت أخطر مكان، وهو منطقة الباب الشرقي التي تعد قلب بغداد، وفي ذروة تواجد العمال والكادحين والمواطنين الآمنين، وهذا يعني أن داعش اختار الوقت والمكان بشكل دقيق جدا، وهذا يؤكد وجود تراخ أمني كبير".
ويوضح الأعسم، أن "تفجيرات الأمس لها تبعات إدارية ومالية، فأين صنع الحزام الناسف وكيف تمكن الانتحاري من دخول قلب العاصمة، وهذا يعني أننا بحاجة إلى زيادة الوعي الأمني وكفاءة المؤسسة الاستخبارية، رغم أن العمليات الأمنية وعمليات التفتيش لن تتوقف، ولكن بالتالي هناك قصور واضح، وداعش يريد أن يقول أنه موجود ونشط وأن بإمكانه الوصول إلى المكان الذي يريده، خاصة وأن العراق مقبل على فعاليات رياضية، وهذا ما يؤثر على العراق خارجيا".
اضاعة خيوط الجريمة
من جهته، يرى المحلل السياسي أحمد الأبيض، أن السلطات أضاعت أهم خيوط الجريمة التي من شأنها أن تكشف الحقيقة، عندما سارعت بتنظيف مسرح الجريمة بعد التفجيرين.
ويقول الأبيض لموقع IQ NEWS، إن "التحقيقات الجادة يجب أن تحتفظ بأدوات الجريمة، لتكشف من يقف وراء الجرم، ولا يمكن لبلد مثل العراق أن تتبع مؤسساته الأمنية جهات حزبية".
تخطيط مسبق
يقول الكاتب والصحفي الدكتور نزار السامرائي، إن "تفجيري سوق البالات فاجعة حقيقية ليس فقط لكونها إنذارا باختراق الاستقرار الأمني النسبي الذي عاشته بغداد في الأيام الماضية، ولكن أيضا كونه استهدف كالعادة مكانا يجمع الفقراء سواء من الباعة أو المتبضعين".
ويوضح السامرائي في حديثه لموقع IQ NEWS، أن "الحدث ربما تزامن مع بدء الحملات الانتخابية والصراع على السلطة بين الكتل السياسية المختلفة، كما اعتدنا في الانتخابات الماضية، ولكن أيضا إذا ما قرأنا الخطاب الإعلامي الدولي فإنه يأتي بعد تحذيرات أمنية من أكثر من جهة واخرها وزيرة الدفاع الفرنسية بأن تنظيم داعش الارهابي ربما يعود إلى العراق وسوريا، وهذا يعني أن هناك تخطيطا مسبقا لاختراق الساحة العراقية وإعادة الاقتتال الطائفي والعرقي بعد أن حقق الشعب العراقي خطوات كبيرة في تجاوز هذا الخطر والعودة للتعايش السلمي، ولكن يبدو أن التنافس على السلطة يتغذى من بقاء الصراعات الداخلية والاحتقان الطائفي".
وفيما يتعلق بنتائج اللجان التحقيقية أشار السامرائي إلى "إنها من جانب ستطال الأجهزة الأمنية ولا نجد أن لهذه الأجهزة القدرة على مواجهة تسلل الانتحاريين الى مثل هذه التجمعات، وهذا لا يخص العراق فقط وانما مختلف الدول كما نسمع عن الأحداث في الأخبار"، مبينا أن "الهدوء الأمني وعودة الحياة إلى بغداد بعد التوتر دفع باتجاه الاسترخاء أفراد الأجهزة الأمنية وهذا أيضا من الأمور الطبيعية والملازمة للسلوك البشري".
وتساءل السامرائي بالقول، "ما هي النتائج التي خرجت بها اللجان السابقة التي شكلها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي حتى يمكن أن تخرج بنتيجة عن انفجارات الطيران؟"، مرجحا "بقاء نتائج التحقيق حبيسة الأدراج أو تبريرات غير مقنعة أو سيحمل أضعف الحلقات في المنظومة الأمنية المسؤولية ويتحملون العقاب".
وكان "داعش" أعلن في ساعة مبكرة من صباح الجمعة (22 كانون الثاني 2021) مسؤوليته عن الهجوم الانتحاري المزدوج في ساحة الطيران، باعتداء هو الأكثر خطورة الذي يستهدف بغداد منذ نحو ثلاث سنوات، وقال التنظيم عبر قناته على التليغرام إن أحد الانتحاريين اتجه نحو تجمع بشري وعندما بدأ الناس بالتجمع فجر حزامه الناسف، وأضاف أن انتحارياً آخر فجر نفسه "عندما بدأ الناس في التجمع بعد الانفجار الأول"، فيما قال متحدث باسم الجيش إن انتحاريين فجرا نفسيهما أثناء مطاردتهما من قبل قوات الأمن.