بغداد - IQ
"على امتداد أكثر من شهر ونصف، تابعت قوات مكافحة الإجرام معلومات وردت من مصادر داخل وخارج العراق تفيد بأن مجموعة من داعش تنوي االعودة للأنبار والقيام بتفجيرات وأعمال قتل فيها"، يقول الفريق هادي رزيج قائد شرطة الأنبار لموقع IQ NEWS وعلى مقربة منه يجثو 19 عنصراً من التنظيم وهم معصوبو الأعين ومقيدون إلى الخلف بعد إلباسهم وألبستهم الشرطة زي المعتقلين الأصفر.
واعتقل هؤلاء، كما يشرح رزيج، في مناطق متفرقة، منها إقليم كردستان وكركوك وصلاح الدين وأطراف بغداد ومنطقة الرطبة ومدن أخرى، وقد اعترفوا "بجرائم ارتكبوها في 2015 وجرائم أخرى وكذلك نواياهم الجديدة".
وتشهد محافظة الأنبار منذ استعادتها من "داعش" عام 2017، استقراراً أمنياً رافقته حملة إعمار جعلت الأنبار في مقدمة مناطق العراق المتطورة خدماتياً بفضل خطط وضعها المحافظ السابق، ورئيس البرلمان الحالي محمّد الحلبوسي الذي يحظى بشعبية كبيرة هناك.
"عبد الله داود معيوف"، مواليد 1994 كان يعمل في الرعي عندما قدِم إليه عناصر من "داعش" لأخذ "الزكاة" منه ومقدارها 500 ألف دينار، قبل أن ينضم إلى التنظيم ويتدرج حتى يصبح مسؤولاً إدارياً فيه.
"صافحني مصطفى وتلا البيعة ورددتها ثم أعطاني سلاحاً وزياً أفغانياً وحزاماً ناسفاً"، يقول الشاب الذي ظهر ببذلة برتقالية ويجيب على أسئلة قائد الشرطة، هادي رزيج.
أول عمليات عبد الله، كانت مهاجمة نقطة للجيش رفقة 4 من "عناصر التنظيم" العام الماضي، لكنهم لم يقدروا على اقتحامها وانسحبوا بعد إصابة اثنين منهم كما يقول، أما العملية الثانية فكانت زراعة عبوة ناسفة وتفجيرها على هامر للجيش أيضاً وأدت لوقوع جرحى داخلها.
بعدها نصب الحشد العشائري "الجغايفة" كميناً لمجموعة "عبدالله"، وأطلقوا النار بقوة على السيارة الأولى فانقلبت وقُتل عنصرين من "داعش"، خلال العملية، لم يكن "عبدالله" أحدهما لأنه كان في سيارة في الخلف ونجح في الهروب مع من كان معه ثم تلقى أمراً من مسؤوله بالافتراق مدة 15 – 20 يوماً فعاد لعمله في الرعي في مدينة الرطبة.
"أبو البراء": "كل معاركي فاشلة"
ثاني المعتقلين، يدعى "ضيغم نبيل أمين"، يسكن في حي البكر في الأنبار، ويكنيه "داعش" بـ"أبو البراء".
انضم "ضيغم" إلى "داعش" في 2014 "ذهبت إلى مضافة قرب بيتنا ونقلوني بعدها إلى معسكر للتدريب ودخلت دورة دينية وكلفوني بالعمل في المطبخ وحفر الأنفاق في البداية، وبعد 15 يوماً أمروني بالمشاركة في العمليات العسكرية وتسلمت كلاشينكوف وزي قندهاري".
شارك "أبو البراء" في أول معركة ضمن مجموعة تتكون من 30 عنصراً جميعهم يحملون أسلحة خفيفة لمواجهة قوة عسكرية تقدمت نحو مدينة هيت: "لم تدم المعركة طويلاً وسيطرت القوات الأمنية على الوضع بسرعة بفضل الطيران، ولم يبق من مجموعتي سوى 4 أشخاص والبقية قُتلوا"، يقول.
المعركة الثانية كانت في البونمر "كنا 25 شخصاً وانتهت المعركة بسرعة عندما سيطرت القوات الأمنية على الوضع وأيضاً عدنا فقط 3 أشخاص وقُتل الباقون"، وتكرر الحال مرة ثالثة عندما ذهب "أبو البراء" مع مجموعة من "داعش" لصد تقدم القوات الأمنية أمام مستشفى هيت العام "قُتل الجميع باستثناء شخصين أو ثلاثة، أنا أحدهم".
بعد هذه المعارك، سافر "أبو البراء" إلى تركيا لكن "سوء المعيشة" دفعه للعودة إلى العراق حيث اعتقلته قوة مشتركة.
أيمن سعد محمد، من مواليد 1997/ مدينة الصوفية، ثالث معتقل حقق معه قائد شرطة الأنبار أمام كاميرا IQ NEWS.
لا يحمل "محمد" سوى شهادة الابتدائية، وكان يحضر في التظاهرات التي شهدتها الأنبار، ومدن غرب العراق قبل 2014.
"كنا نؤدي واجبات في الشوارع، وذهبت إلى بغداد ثم عدت إلى الأنبار عام 2013، عندما دخل داعش إلى المحافظة وانضممت إليه ورددت البيعة. وعندما تعرضوا لقصف قوي في منطقة البوعلي الجاسم ذهبت إلى هناك لمعالجة المصابين، وفي قصف آخر جلبوا إلينا عنصرين مصابين بجراح خطرة وأمُرنا بنقلهم إلى تركيا من أجل العلاج وهذا ما حصل عبر الصحراء ومنفذ القائم لكنني لم أجتز الحدود معهم".
خلال الفترة التي قضاها في معسكر التدريب بداية انضمامه إلى "داعش"، تلقى "محمد" دروساً في القرآن والطبابة وتخصص كـ"معالج" وكان يحمل السلاح أيضاً.
خلال التحقيق، قارن قائد شرطة الأنبار الفريق هادي رزيج بين المستوى التعليمي الأكاديمي المتدني لـ"محمد" وبين الدروس التي تلقاها في "معسكر داعش"، وسأله: "هل يعلّم القرآن القتل؟ هل يقول لك اقتل أخوك المسلم واقتل أبن منطقتك؟"، ثم التفت إلى الكاميرا موضحاً أن هذا السبب هو الذي يدفع شرطة المحافظة إلى عدم منح إجازة للتجمعات الاحتجاجية خوفاً من دخول "هكذا أشخاص إليها من أجل التحريض وحرف مسارها".
ولم يقنع بكاء "محمد" رزيج "بعدما دّمر مستقبله ومستقبل ابنته وعائلته" قائلاً له إن "الدموع كانت ستنفع لو نزلت سابقاً ومنعتك من أن تنضم لداعش وتدمرون محافظتنا وتشردون العوائل والأطفال على جسر بزيبز ومخيمات النزوح".
لا توجد إحصائية دقيقة بعدد القتلى والجرحى الذين سقطوا على يد "داعش" في الأنبار أو خلال معارك استعادتها منه، وقد بلغت نسبة الدمار العمراني نحو 85 بالمئة بينما نزح مئات الآلاف منها عام 2014 وعاد أغلبهم بعد تحسن الأوضاع فيها.