"ممنوع.. لا يمكن عبور شارع المطار راجلاً أو بدراجة نارية.. عد أدراجك".. جملةٌ سمعها مواطنٌ بغدادي الأسبوع الماضي بينما كان يهمٌ باجتياز شارع مطار بغداد الدولي من جهة نفق الشرطة في طريقه إلى منزله.. حينها بدا له الأمر طبيعياً، فالخطة الأمنية الخاصة بالزيارة الأربعينية كانت سارية.
لكن هذه الإجراءات، وأخرى مثلها، كالانتشار الأمني المكثف على شارع أبي نؤاس الذي يفصله عن المنطقة الخضراء نهر دجلة، وظهور مرابطات أمنية في شوارع عدة ببغداد تركّز على العجلات رباعية الدفع فتوقفها للتفتيش والتأكد من هوية راكبيها، لا تزال مستمرة حتى اليوم، رغم انتهاء الزيارة وعودة الزائرين إلى منازلهم.
القيادات الأمنية العليا لم تشر إلى الموضوع، وحاولت على ما يبدو إظهار الأمر كأنه طبيعيٌ وروتيني، لكن وثيقة استخبارية مسرّبة تداولتها وسائل إعلام مساء الخميس الماضي (9 تشرين الأول)، أظهرت خلاف ذلك.
فقائد عمليات بغداد الفريق الركن قيس المحمداوي أمر قواته، كما ورد في الوثيقة، بــ"نصب كمائن ونقاط تفتيش مفاجئة، ومسك مداخل ومخارج قواطعهم بشدة"، مع عبارة غامضة مفادها "السيطرة على أماكن إطلاق النيران غير المباشرة".
بعد ساعة أو نحوه على تداول الوثيقة، أفادت وسائل إعلام عربية بتحرك دبابات من الفرقة التاسعة في الجيش العراقي إلى المنطقة الخضراء، ودخول القطعات العسكرية في حالة إنذار، ليسارع الناطق العسكري باسم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بنفي وجود الإنذار، رغم أن سكان العاصمة لاحظوا حركة أمنية شبه مضطربة في بعض التقاطعات وقتها.
في حينه، أكد رسول ضمناً صحة الوثيقة الاستخبارية المسربة، قائلاً إن الموضوع "لا يتعدى ممارسات أمنية يومية اعتيادية تكون بشكل صباحي ومسائي"، لكّن مصدراً أمنياً تحدث لموقع IQ NEWS وطلب عدم ذكر اسمه، أوضح أن "رسائل صريحة وصلت إلى مسؤولين حكوميين تضمنت تهديداً باقتحام المنطقة الخضراء من قبل مجاميع مسلحة ومداهمة مقار وكالات ووسائل إعلام أجنبية يرتبط بعضها بالبعثات الدبلوماسية الموجودة هناك، فبادرت الحكومة إلى التحرك إثر ذلك".
قبلها بأيام، وحينما كانت الصواريخ المنطلقة من جنوب الموصل تنزل على مقربة من مطار أربيل مستهدفة قوات التحالف الدولي المتواجدة هناك (مساء 1 تشرين الأول الجاري)، كانت قوات الجيش العراقي منتشرة في بغداد فقبل 3 أيام على ذلك، أودت صواريخ من نوع "كاتيوشا" بحياة 5 أشخاص من عائلة واحدة بينهم نساء وأطفال، في منطقة الرضوانية، المحاذية لمطار بغداد.
"احتراز تبعه هدنة ثم عبوة"
يربط الخبير الأمني أحمد الشريفي بين الإجراءات الأمنية في بغداد، وبين استهداف البعثات الدبلوماسية الذي بات يؤرق حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وتعهدت للمجتمع الدولي بايقافه بعد أن هددت واشنطن بغلق سفارتها في بغداد مع إمكانية أن تتبعها بعثات أخرى، لكنه يقول لموقع IQ NEWS إن "معرفة فائدة هذه الإجراءات في وقف أنشطة استهداف البعثات لا يمكن التنبؤ بها الآن".
من جانبها، أعلنت كتائب حزب الله، الفصيل القوي الذي لا تزال "أوصال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس المقطعة في المطار" تقض مضاجع قادته، أن "الفصائل العراقية ستعلق الهجمات الصاروخية على أهداف أمريكية".
المتحدث باسم الكتائب، محمد يحيى، أشار في لقاء متلفز يوم أمس، وتابعه وقع IQ NEWS إلى "وجود رسائل أميركية تحاول استجداء المقاومة العراقية وقف عملياتها ضد القوات الأميركية في العراق، ولا سيما في مرحلة الانتخابات الحالية"، مضيفاً أن "المقاومة العراقية ستحترم إرادة القوى السياسية، وتعطي بعض الوقت، ولكنها لن تسكت على المماطلة الأمريكية في الانسحاب من العراق".
ظهر اليوم الأحد، أعلنت خلية الإعلام الأمني التابعة لقيادة العمليات العراقية المشتركة، تعرّض رتل شاحنات عراقية كان ينقل معدات التحالف الدولي "المنسحبة من العراق" إلى تفجير عبوة ناسفة بين السماوة والديوانية جنوب العراق، ما أضرّ بإحدى الشاحنات.
هذا الانتشار المكثف، لم يقلق ناشطين أعلنوا عن استعدادهم لبدء جولة جديدة من التظاهرات يوم 25 تشرين الأول الجاري، رغم أنهم لا يتوقعون مشاركة أعداد كبيرة منهم، كما يقول الناشط مشرق الفريجي، الذي أوضح أن "التظاهرة الجديدة التي ستنطلق في الذكرى الأولى لتظاهرات 25 اكتوبر الماضي، هدفها الضغط ورفع الصوت بغية التأثير على عمل السلطات ودفعها لتحقيق المطالب".
الفريجي علق خلال حديثه لموقع IQ NEWS، على الانتشار الأمني الأخير في بغداد، قائلاً، إن "هذا الأمر الآتي على خلفية الصراعات الخارجية في العراق، لا يعني المتظاهرين".