"رفض الهجرة".. رحيل آخر طبيب يهودي في بغداد
- 17-03-2021, 01:16
- مجتمع
- 1883
بغداد - IQ
فجعت الأوساط الطبية والأكاديمية أمس الثلاثاء (16 اذار 2021)، برحيل آخر طبيب يهودي في بغداد، والذي حمل لقب "طبيب الفقراء" منذ تخرجه من كلية الطب في بغداد 1984.
ونعت مستشفى الواسطي في العاصمة بغداد، الطبيب ظافر فؤاد الياهو، الذي كان يعمل لديها طوال حياته، كأخصائي طب وجراحة العظام فيها، وسريعا، تحول النعي إلى مركز اهتمام محلي في عموم العراق، لأن الطبيب المتوفي هو واحد من آخر من تبقى من اليهود العراقيين، وفق مصادر محلية، وأيضا بسبب تاريخ طبي مليء بالانسانية.
وقال أحد زملاء الطبيب الراحل، إن اليهود المتبقين هما شقيقة إلياهو الدكتورة "خ"، وزوجها، وهما في متوسط العمر وليس لديهما أي أطفال أي، "أن الديانة اليهودية في العراق ليس لديها مستقبل" بحسب الطبيب.
"لم يكن يتعامل بخوف أو بشك أو بأي طريقة غير طريقة المحبة الخالصة للجميع"، يقول زميل إلياهو، مضيفا "لهذا أحبه الجميع".
وبالنسبة لمن لم يكن يعرف ديانة الطبيب الحقيقية، كان الطبيب الراحل يلقب بالسيد، وهو لقب اجتماعي - ديني عراقي يمنح للمتحدرين من سلالة النبي محمد، ويقول الطبيب في المستشفى، والذي طلب عدم ذكر اسمه، إن "هذا اللقب التصق بالدكتور ظافر لإن هويته الشخصية تحمل لفظ موسوي في خانة الديانة بدلا من يهودي، كما هي الحال بالنسبة ليهود العراق".
ونتيجة لخطأ شاع في مكان عمل الطبيب، ان هناك اعتقاد بأن الطبيب يعود إلى عائلة الموسوي الشيعية المتحدرة من النبي محمد، والتي يحمل أفرادها لقب سيد، فأصبح الدكتور ظافر "سيدا" يهودي الديانة، كما يقول زميله لـ "موقع الحرة".
وأضاف أن ظافر إلياهو تلقى عروضا متواصلة للهجرة إلى خارج العراق، وكان يرفضها باستمرار.
وأحيل الطبيب، الذي بلغ من العمر 62 عاما، إلى التقاعد إثر إصابته بجلطة في الدماغ، أودت فيما بعد بحياته بعد معاناة مع المرض.
وتقول زميلة أخرى للطبيب، ترفض كشف اسمها أيضا أن "الراحل كان خجولا للغاية، وكانت شقيقته تطلب من زميلاتها المساعدة بإيجاد زوجة له، لكنه كان يرفض الزواج".
وتقول الزميلة إن إلياهو "كان مثالا للإنسانية والتواضع، يشارك الجميع في كل شيء ويعالج المرضى بابتسامة، حتى الذين لا يقبلون تلقي العلاج منه بعد أن يعرفوا ديانته".
لكن هؤلاء "قلة نادرة جدا" بحسب زميلة إلياهو، التي قالت إنه محبوبا جدا من مرضاه وزملائه.
ووافق هذا الرأي عشرات من المعلقين على منشور وفاة الطبيب الراحل، قال أحدهم أن الطبيب "أنقذ حياته"، وقال آخر إن الطبيب "نجم من نجوم المستشفى"، بينما ذكر عدد من زملاء الطبيب من الأطباء الآخرين قصصا عن "تواضع الراحل وحبه لزملائه وحبهم له".
ويقول أبو محمد، وهو مريض تلقى العلاج على يد الدكتور ظافر " كانت الطيبة عنوانه في كل وصفه يقدمها للمرضى"، مضيفا "لم يكن إلياهو يحيل المرضى إلى عيادته الخاصة لتلقي مزيد من الأجور، ولم يكن يحيلهم إلى الأقسام الخاصة باهظة الثمن، وبدلا من هذا كان يقدم لهم الخدمة الطبية الكاملة والمتفانية في الأقسام المجانية".
وخرجت الأغلبية العظمى من يهود العراق من البلاد في عام 1948 بعد تعرضهم لما يعرف محليا بالفرهود، وهي هجمات جماعية طالت اليهود العراقيين وممتلكاتهم وأجبرت الآلاف منهم على الرحيل من البلاد إلى دول أخرى.
وفي بلدان المهجر، وخاصة إسرائيل، لا يزال كثير من اليهود الذين ولدوا في العراق، والذين أصبحوا جميعا في عمر الشيخوخة، يصرون على التمسك بهوية عراقية سواء بما يتعلق بالأكلات التي يفضلونها، أو الأغاني التي يستمعون إليها، أو حتى الملابس التي يرتدونها.
وكان ليهود العراق إسهامات فنية وثقافية في التراث العراقي، ولا تزال هذه الإسهامات خاضرة حتى الآن.