"تضاؤل الحصص المائية".. خلافات ومشاكل تهدد محافظة عراقية بالعطش
- 13-12-2020, 19:00
- مجتمع / تقارير
- 2594
ذي قار - IQ
على الرغم من مرور محافظة ذي قار ببحبوحة مائية، إلا أنها لم تغادر دائرة الخطر بفعل اختلال الحصص المائية والجفاف الذي قد يضربها مجددا.
وتعد ذي قار واحدة من أهم المحافظات الزراعية في العراق بإنتاج الحنطة والشعير والشلب وتساهم الناتج الوطني للحبوب، كما تزدهر بزراعة أصناف مهمة من النخيل، الأمر الذي يتطلب إدامة توفر المياه فيها لتجنب مصير سيئ.
أعباء ومخاوف
يعد شح المياه، عاملا يهدد مستقبل الزراعة في ذي قار، مع احتدام الخلاف بسبب التجاوزات على الحصص المائية، إذ يقول نعيم الهلالي (45 عاما) وهو صاحب أرض في مناطق شمال شرقي الناصرية، إن "إنتاج الشلب في مناطقهم هذا العام سار بشكل جيد دون معوقات لتوفر المياه خلال عملية الزراعة وحتى الحصاد الذي كان قد تم في منتصف شهر تشرين الثاني (الماضي)".
ويضيف الهلالي في حديثه لموقع IQ NWES، أن "محصول هذا العام من الشلب في هذه المنطقة وبمساحة تقدر بـ5 الاف دونم قد وصلت لما يقارب 4 الاف طن تم حصاده الشهر الماضي"، مبينا أن "السنوات الخمسة الماضية كانت عصيبة ولم تصل إلى هذا المستوى من الإنتاج كان المحصول شحيحا وابتعد أغلب الفلاحين والمزارعين عن زراعته، كونه يحتاج الى عناية خاصة وماء مستمر".
ولم يلتزم أبو أحمد (53 عاما) وهو مزارع من مناطق شمال ذي قار، بالقرارات الحكومية حينما منعت زراعة الشلب بسبب الجفاف والأزمة المائية قبل عدة سنوات، فهو اعتاد كل عام زراعة كميات كبيرة من وبيعها في الأسواق.
ويوضح أبو أحمد خلال حديثه لموقع IQ NWES، أنه اضطر لـ"مخالفة كل التعليمات الحكومية بمنعه من الزراعة بسبب حاجته للعمل واعتماد معيشته على ما تنتجه الأرض".
تجاوزات خارجية
وشكل سد أليسو التركي الذي يقع على نهر دجلة تهديدا مائيا مباشرا، إذ تراجعت المياه الواردة الى العراق بسببه إلى ما يقارب النصف مقارنة بالسنوات السابقة، حيث يستوعب السد نحو 20.93 بليون متر مكعب.
ومن جانب آخر، كانت إيران اتخذت خطوات أخرى تتعلق بالإحتياطات المائية حيث قامت ببناء سدود على روافد نهر دجلة قبل الدخول الى الحدود العراقية فيما قامت بتحويل مجرى بعض الأنهار المتجهة للعراق وإعادتها إلى الأراضي الإيرانية.
هذه الأسباب الخارجية أشعلت المشاكل بين المحافظات الجنوبية بشأن الحصص المائية التي يتم منحها من قبل وزارة الموارد المائية، ففي آذار 2018، قام محافظ المثنى السابق فالح الزيادي، برفقة قوة أمنية وجرافات برفع التجاوزات عن المياه في قضاء الحمزة التابع لمحافظة الديوانية.
وفي نفس العام، اضطرت الحكومة لحظر زراعة الشلب وبعض المحاصيل بسبب تراجع مناسيب المياه في العراق، لكن هذا الإجراء دفع مواطنين أحد أقضية النجف بالاعتداء على مباني دائرة الري على نهر الفرات وتخريب آليات التحكم والسيطرة من أجل الإستحواذ على الحصص المائية المقررة للمحافظات الجنوبية.
وليس ذلك فحسب، بل نشبت نزاعات عشائرية من أجل تأمين المياه للزراعة ولتربية الحيوانات حيث سجلت في العام 2019 ما يقارب 22 مشكلة عشائرية بسبب المياه نتيجة التجاوز على الأنهر في مناطق شرق محافظة ذي قار.
مشاكل داخلية وحصص متفاوتة
يقول مدير الموارد المائية في محافظة ذي قار، غزوان عبدالأمير خلال حديث لـ IQ NWES، إن "موضوع الحصص المائية يوجد فيه رصد مشترك يومي بين المحافظات لتحديد الحصص، والمشرفين على مراقبة الحصص، ممثل عن ري واسط وممثل عن رأي ذي قار وبشكل خاص على نهر الغراف".
ويضف عبدالأمير، أن "عمل هذه اللجان في رصد التجاوز على الحصص المائية منذ فترة طويلة ويمكن القول أنه حتى اليوم لا توجد تجاوزات على الحصص بين المحافظات كون الرصد يومي وأسبوعي وأي محافظة تخالف الاجراءات يتم ابلاغها بشكل رسمي لازالة التجاوز".
ويؤكد "وجود تجاوز مستمر على الحصص المائية بداخل محافظة ذي قار، لاسيما عمود نهر الغراف والمناطق التي تكون بذنائب الانهر كمناطق الأصلاح والدواية وسيد دخيل والفهود والتي تكون أكثر عرضة لهذه المعاناة"، مؤكدا أن "هذه التجاوزات أثرت على المساحات الزراعية والحصص المائية المقررة لكل منطقة".
ويشير عبد الأمير بالقول، "توجد رصد أسبوعي منتظم للوحدات الإدارية بشأن الحصص المائية، وأي تجاوزات على الحصص ستكون هناك إجراءات قانونية، لكن ما نعانيه اليوم كدائرة هو عدم تعاون الوحدات الإدارية والمواطنين مع موظفي الموارد المائية والموظفين يحاربون وحدهم في الساحة ويتعرضون لتعدي وهجوم خلال حملات تطبيق نظام المراشنة او متابعة الحصص المائية".
كانت أزمة الماء قد دفعت ذي قار الى حفر 400 بئر ارتوازي أثناء الأزمة من أجل توفير مياه السقي وتجاوز مشكلة الخسائر الزراعية والاروائية قبل عامين.
وفي عام 2019 بدأت ذي قار انتعاشا حذرا، حيث كانت الخطة الزراعية قد بلغت 187 ألف دونم منها 20 الف دونم من محصول الشلب و90 الف للذرة البيضاء وبقية المساحات تم تخصيصها للرقي والخيار والبطيخ والباذنجان، حيث تبلغ المساحة الكلية الصالحة للزراعة في ذي قار ما يقارب المليوني وخمسمائة الف دونم.
عدم إنصاف
يؤكد رئيس الجمعيات الفلاحية مقداد الياسري بالقول، إن "مشكلة الموارد المائية في ذي قار قائمة، بسبب التجاوزات الحاصلة على الحصص المائية في نهر الغراف وعلى نهر دجلة بشكل عام وكذلك عدم إنصافنا بشأن تقسيم الحصص من قبل الجهات المعنية بالحكومة المركزية".
ويتابع الياسري حديثه لموقع IQ NWES، "من المفترض أن يدخل لحدود ذي قار مع واسط حوالي 90 مترا مكعبا من المياه بالثانية"، مبينا أن "التجاوز يحصل في بداية سدة الكوت مرورا بقضاءي الموفقية والحي، إلى أن تصل ذي قار بحدود 78 متر مكعب بالثانية، وهذه النسبة لا تكفي في ظل خطة زراعية كبيرة".
وهناك كميات أخرى من المياه تدخل الى ذي قار، كما يقول الياسري، ومحسوبة على المحافظة "لكنها تذهب الى محافظات مختلفة مثل مشروع ماء البصرة والذي يبدأ من مقدم سدة البدعة في الشطرة، حيث يأخذ من 7 الى 11 مترا مكعبا بالثانية بحسب نسبة المياه، وهو يؤثر على المياه ويشل شبكة الموارد المائية، ويأخذ نسبة عالية منها، وهي أسباب أدت لتقليص الخطة الزراعية في ذي قار".
وبحسب تقارير صادرة عن البنك الدولي فإن العراق قد يصل إلى الجفاف الكامل بحلول عام 2040، بعد أن تراجعت حصة الفرد إلى 2000 متر من المياه سنويا في حين كانت تفوق ستة آلاف متر خلال الأعوام الماضية.