أصيب والد، خضر سلمان، بكورونا مرتين، وعلى الرغم من سنه الكبير (75 عاما)، ومعاناته من مرض الضغط المزمن، إلا أنه نجا من الفيروس وعاد ليمارس "التسول" بحثا عن لقمة العيش.
عائلة خضر (اسم مستعار) هم من غجر محافظة الديوانية العراقيين، الذين تسبب فيروس كورونا بزيادة معاناتهم الاقتصادية والاجتماعية، وجعلها لا تحتمل أكثر من ذي قبل.
ويقول خضر لموقع "الحرة" وتابعه موقع IQNEWS، إنه "يعيش من واردات التسول التي تجمعها زوجته وأطفاله" إذ أنه يعاني من عجز في الكليتين، مضيفا "بعد كورونا لم نعد قادرين حتى على شراء الطعام، الأسواق مغلقة والشوارع خالية والناس لا يقتربون من بعضهم البعض".
ولم يرتدي خضر كمامة منذ بدأ الوباء، لكنه يقول إن زوجته وأولاده يمتلكون كمامات "استلموها قبل أشهر" من إحدى المنظمات.
وفي مجتمع الغجر، حيث تتقاسم عدة عوائل العيش تحت سقف واحد يصبح صعبا تجنب العدوى.
وتعمل الكثير من نساء الغجر في التسول أو في جمع المخلفات، التي يعمل بها عدد من الرجال أيضا.
ويقول الناشط في شؤون الأقليات بالعراق، سلمان اللوزي، إن "غجر محافظة نينوى، وربما كل محافظات العراق هم مجتمعات أمومية تقوم فيها النساء بتوفير الموارد".
ومع انخفاض الموارد العامة يؤكد اللوزي أن "موضوع الصحة العامة يتراجع أخيرا في سلم الأولويات"، مضيفا "لا يصوت الغجر في الانتخابات عادة، لهذا لا يهتم بهم أحد، هم ضحايا صامتون للفقر ولكورونا وللتمييز".
ولا يقوم الغجر بإجراء فحوص كورونا عادة، كما إن أغلبهم لا يستطيع توفير الأدوية المخففة لأعراض كورونا بسبب الفقر، وتقول الناشطة منار الزبيدي، إحدى أهم المدافعات عن حقوق هذه الشريحة إن "بعضهم لا يستطيع حتى توفير تغذية جيدة للمرضى".
ويقول الطبيب العراقي مصطفى محسن، الذي يعمل في وحدة صحية متطوعة تقدم الرعاية الطبية للغجر في إحدى محافظات العراق إن "الحالة مأساوية جدا"، المنازل صغيرة ومكتظة وملوثة بشكل كبير".
ويقول محسن إن "طبيعة عمل الغجر ونشاطاتهم الاقتصادية تعتمد على التواجد في مجموعات ووسط الناس، ولهذا فإن الوقاية بالنسبة إليهم ترف".
ولا توجد لدى الطبيب إحصائية عن مرضى كوفيد من الغجر، إذ لا تقوم السلطات الصحية العراقية بتسجيل المكونات العرقية أو الدينية في بيانات المرض لكنه يقول إن "100 بالمئة من أفراد المخيم الصغير الذي يوفر له العلاج أصيبوا، حتى الأطفال".
وتقول الناشطة العراقية، منار الزبيدي، لموقع "الحرة" إن "الإحصاءات عن الغجر غير متوفرة أساسا" لهذا لا تعرف أعداد إصاباتهم أو وفياتهم بكورونا أو غيره.
لكن الزبيدي، وهي متابعة بشكل مستمر لأحوال الغجر في الديوانية تقول إنها "لم تسجل وفيات بالمرض" على الرغم من أنها تعترف بأن الإحصاءات لن تكون دقيقة.
وتقول الزبيدي إن "هذه الشريحة تعاني من سوء الخدمات وسوء الرعاية الصحية في كل أنحاء العراق".
وتنتقد الزبيدي "قلة اهتمام المنظمات الدولية بهذه الشريحة" مشيرة إلى المساعدة التي تقدمها المنظمات مثل الأمم المتحدة غير كافية.
وتقدر المنظمات العراقية أعداد الغجر في العراق بـ400 – 500 ألف، لكن الطبيعة المتنقلة لحياة الغجر تجعل من الصعب معرفة العدد الدقيق لهم.
وتقول الزبيدي إن "طبيعة حياة الغجر تجعل من الضروري توعيتهم بأهمية اللقاحات وتعليمهم طريقة التسجيل الإلكتروني أو مساعدتهم للتسجيل على اللقاح".
ويحتاج التسجيل الإلكتروني على لقاحات كورونا إلى معرفة بالحاسوب ووجود خط إنترنت وجهاز اتصال، وهو ما لا يتوفر بسهولة لهم كما يبدو.