سببت أزمة تفشي فيروس كورونا بتولات كبيرة في عملية التعليم داخل العراق، ونقلته من كونه حضوري يومي وبعضه مزدوج، إلى الكتروني، ماسبب مشاكل عديدة تبدأ من مشاكل الانترنت في البلاد وليس انتهاء بجودة التعليم الحكومي.
تشير منظمات وجهات معنية بمستوى وجودة التعليم، إلى أن الجائحة لم تكن وحدها هي السبب بمشاكل التعليم في البلاد، حيث أن العراق لم يحظَ خلال السنوات الماضية على أي تصنيف في المؤشر العالمي لجودة التعليم في العالم، وكان صعود الجائحة استكمالا للسلسلة من المشاكل القديمة بقطاع التعليم.
تقول سناء محسن وهي ام لاربعة اطفال ثلاثة منهم في الدراسة الابتدائية بدءا من الثالث الى الخامس الابتدائي انها تعاني من المنصات التعليمية الالكترونية وان مستوى اطفالها في تراجع فبعد ان كانت تحرص على اخذهم درجات كاملة الاعوام الماضية تقبل الان بنجاحهم فقط ".
وتضيف، أن "هذا العام كانت الالية للتعليم الالكتروني اقل مايمكن وصفها به انها فاشلة وتعمل وفق هذا السياق: يرسل استاذ المادة شرحا يومي عبر تطبيق الواتس اب او الفايبر احيانا ويسجل اسماء الطلبة على انه حضور يومي اي يعني ان من الممكن ان يسجل والد او والدة الطفل اسم الطالب على انها هو وبذلك يضمن الدرجة اليومية كما وان طريقة شرح الاساتذة لا توفي المادة او الطالب حقه".
وأشارت إلى أنها احيانا بحاجة الى ارسال اطفالها لمدرس خاص حتى تضمن استيعابهم للمادة او نجاحهم فيها، وتضيف: "احتاج الى تدوين مواعيد اخذ حضور اطفالي من المواد الدراسية المختلفة واحتاج الى تدوين الدروس ومواعيد الامتحانات اليومية حتى لاتختلط عليه الامور فهناك من تعطي الدرس بعد الواحدة ظهرا وتسجل حضور الطلبة الثامنة مساءا وهناك من تعطي الدرس يوم السبت وتريد الواجب يوم الاربعاء، الامر شائك ويحتاج الى تأسيس جيد بعيدا عما يجري الان ويسمونه تعليما الكترونيا".
الجائحة لم تكن وحدها هي السبب، في منتدى دافوس الاخير الذي انعقد في سويسرا اعلن أن العراق لم يحظَ خلال السنوات الماضية على أي تصنيف في المؤشر العالمي لجودة التعليم في العالم واتت الجائحة لتكمل السلسلة حيث انها لم تؤثر على التعليم الابتدائي ومابعدها وانما على رياض الاطفال الحكومية والتابعة للقطاع الخاص ايضا، وادى تفشي الوباء الى توقف مايقرب 11 مليون طفل عن الدراسة الحضورية.
سمير عباس من البصرة دخل هذا العام دراسة اعدادية الصناعة تخصص تقنيات الاجهزة الطبية والذي كان من المفترض ان يؤسس لمستقبل جيد له حسب تصوره فيما ذهبت هذه التصورات ادراج الريح بسبب الدراسة الالكترونية.
ويقول إنه يحاول متابعة دروسه يوميا، الا انها كثيرة تفوق قدراته، ويكمل: "هناك مالاافهمه وحين احاول الحصول على طريقة اخرى لشرح المادة تتراكم بقية المواد، هناك استاذة تدرس مادة تختص بالرسم الهندسي تعطي المادة الساعة العاشرة مساء، مما يدفعنا للنسيان احيانا، الامتحانات اليومية والشهرية ايضا تجرى الكترونيا".
وأضاف: "اعلم ان ماافعله غير صحيح ولكنني اود النجاح وفي مرة اقنعت اخي الكبير بتأدية الامتحان بدلا عني لكي اتمكن من عبور هذه المادة وفعلا حصلت على 85 من مائة في الامتحان وعبر الامر".
" لدي طلبة يمتلكون جهاز هاتف واحد في البيت يتشارك فيه افراد العائلة فكيف ان كانت هذه العائلة لديها اكثر من طالب!" كريمة كنهار مدرسة المادة الانكليزية للمرحلة المتوسطة تتحدث عن مدرستها الواقعة في قضاء تابع الى محافظة البصرة وطلبتها الذين يمكن ان يتشاركوا في حاسوب مثلا مع اقرانهم من الجيران او مع من يمتلك هاتفا محمولا ومزودا بخدمة الانترنت".
تشير كنهار إلى أنه "على الرغم من أن خيارات التعلم عن بعد متاحة فانهم ليسوا قادرين جميعهم على الاستفادة منها. ففي المنطقة التي تقع فيها المدرسة ، يعد الاتصال بالإنترنت أمرا نادرا وان وجد فانه يصاب بالخلل ان فتح على الكهرباء المزودة من مولد التيار البديل عن الكهرباء الوطنية وايضا على الطلبة التشارك مع اخوتهم واحيانا اطفال من الجيران في الهاتف الواحد، كما ان الطريقة التعليمية الحالية عبر وسائل التواصل غير مجدية ومملة وتدفع الطلبة الى الاعتقاد بان الوزارة ستقبل بعبور الجميع مراحلهم دون تعب وان الكل ناجح بسبب الجائحة وماتوالى بعدها ، كما ان هناك من ترك الدراسة بعذر انها الكترونية والتجا الى العمل واعالة اسرته بدلا من الدراسة يوما بيوم".
المتحدث باسم وزارة التربية حيدر فاروق اكد ان هناك تحديات وصعوبات في ظل الجائحة تواجه وزارة التربية وكيفية توصيلها للمعلومة وايضا حماية الطالب.
يقول فاروق، إن "الجائحة وتعليق الدوام الحضوري اديا لتراجع بعض الامور التعليمية خاصة وان الطلبة لم يكملوا مناهج العام الماضي ايضا وتعليق الدوام وضع الوزارة بمواجهة مع عدم وجود تواصل دائم بين الكوادر التعليمية خاصة وان العراق متعود على نمط الدوام الحضوري في الابنية المدرسية والدوام التفاعلي وبالتالي تعليق الدوام بات يشكل ازمة ، وعلى الرغم من ذلك الا ان اختبارات الطلبة النهائية تبقى حضورية ويمكن حمايتها بتطبيق اجراءات وزارة الصحة الخاصة بجائحة كورونا وبما ان الاختبارات هذه هي نشاطات مجتمعية اي انها تحتاج لتعاون الاهالي والطلبة والكوادر التعليمية ايضا".
وعن المنصات الالكترونية قال فاروق "هناك شكاوى عديدة من الاهالي على التعليم الالكتروني فربما ان الخلل يكمن بالالية المستخدمة فيها او بطريقة تعامل الطلبة مع المنصة فهي طريقة جديدة وتجربة حديثة على الطلاب والكوادر ايضا الا ان الوزارة تدرس تطوير هذه المنصات لاعتمادها مستقبلا كتعليم مساند للحضوري، اما قضية الاشكاليات التي تواجه هذا النوع من التعليم حاليا فهو امر صحي حتى يتم اكتشافها وتصحيحها ، والان يمكن القول ان التعليم الالكتروني يفي بالغرض بنسبة 50 في المائة او اكثر بقليل وتدرس الوزارة خططا خاصة بالعام المقبل وكيفية زيادة عدد ايام الدوام الحضوري خلال الاسبوع فبدلا عن يوم واحد يمكن زيادتها الى ثلاث.
أُنتِجَ هذا التقرير بدعم من JDH / JHR - صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.